IMLebanon

تشكيل الحكومة أمام اختبارِ…”تَراجُعاتٍ تكتيكية”

كتبت صحيفة “الراي”الكويتية:

لم يَخْرج مسار تأليف الحكومة الجديدة في لبنان من دائرة «تقاذُف الكرات» حول المسؤولية عن اقتراب هذا الملف من دخول شهره الثالث من دون أن يلوح في الأفق ما يشي بأن الخروج من «النفق» بات وشيكاً.

وفي قراءة «على البارد» لدوائر سياسية ان هذا الأسبوع انطلق على وهج ما حملتْه الأيام الأخيرة من «تحييد» مسألتين إشكاليتين: الأولى حكومة الأكثرية التي لطالما لوّح بها فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سياق الضغط على الرئيس المكلف سعد الحريري لعدم الأخذ بشروط حزبيْ «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي»، والثاني «الثلث المعطّل» الذي طالب به «التيار الوطني الحر» (مع حصة عون) والذي كان يعني عملياً تسليم «مفتاح ذهبي» إلى فريقٍ بعيْنه (الوزير جبران باسيل) يملك طموحات رئاسية قد تصبح «استحقاقاً داهماً» في لحظة معيّنة لسبب أو لآخر.

ولكن هذه الدوائر ترى انه رغم هذين «التراجعيْن» من «التيار الحر»، واللذين أتاحا للأخير رمي الكرة في ملعب «القوات» و«التقدمي» وتَلَقَّفَهما في الوقت نفسه الحريري لمعاودة تحريك عجلة التأليف بما يؤكد أن ما يَحكم هذا الملف فقط «دينامية» داخلية وليس اعتبارات خارجية لمّح إليها فريق عون و«حزب الله» غامزيْن من قناة السعودية، فإن تشكيل الحكومة ما زال عالقاً «في شِباك» صراع الأحجام والتوازنات.

وتوضح الدوائر أن حكومة الأكثرية لم تكن أصلاً طرْحاً «قابلاً للحياة» لأنها لا يمكن أن تولد بلا توقيع الحريري، لافتة إلى معلوماتٍ تفيدُ أن تراجُع «التيار الحرّ» عن الثلث المعطّل والقبول بـ 10 وزراء (مع حصة عون) يبقى مرتبطاً بقبول «القوات» بحصةٍ يريدها «التيار» ضمن «المعقول» تحت سقف الوزراء الأربعة، بعدما بات حصولها على حقيبة سيادية شبه مستحيل في ظل إصرار فريق عون على حقيبتيْ الدفاع والخارجية وتحويله عدم ممانعتِه حصول «القوات» على سيادية إلى «لغم» في علاقة الأخيرة مع الحريري على قاعدة «لتأخذ من غير كيسنا».

وإذ ترى أن أي مبادلة لـ «سيادية القوات» بحقائب وازنة دونها تعقيدات تتّصل بحصص الأفرقاء الآخرين الذين «اقتطعوا» وزاراتٍ «محسومة» لهم مثل الصحة لـ «حزب الله» والأشغال لـ «المردة» وسط معلومات عن رغبة حركة «أمل» بوزارة الشؤون الاجتماعية، تلاحظ أن بري هو الذي تولّى الكشف الصريح عن تخلّي «التيار الحر» عن الثلث المعطّل الذي «أصبح خلفنا»، مشيرة الى أن لا رئيس البرلمان ولا «حزب الله» يرغبان بأن تكون هذه «الورقة الرابحة» بيد أيّ فريق منفرد بعيْنه.

وإذ ساد الترقب ما ستحمله عودة رئيس «القوات» سمير جعجع من زيارة خاصة كانت حملتْه إلى الخارج مع عقيلته النائبة ستريدا جعجع على صعيد مسألة تمثيل «القوات» في ضوء الحركة الجديدة للحريري، فإن العقدة الدرزية تبدو مستحكمة مع رفْض زعيم «التقدمي» وليد جنبلاط أي نقاش بمسألة توزير النائب طلال ارسلان وتخليه عن وزير درزي لمصلحة عون أو حتى «مشاركته» في تسمية الدرزي الثالث، وصولاً إلى شنّ الوزير مروان حماده هجوماً نارياً على فريق عون واصفاً «التيار الحر» بأنه «فاشي وتحوّل محامي دفاع عن النظام السوري» ورافضاً ان يضع أحد «إصبعه» في تسمية الوزراء الدروز «خصوصاً من أرباب المارونية السياسية المتجددة التي لا تعني الموارنة بل تعني عائلة واحدة وتيار فاشي».

واستوقف أوساط سياسية حرص جنبلاط على إعطاء بُعد سوري للإصرار على توزير ارسلان وتحجيم حصة «التقدمي» ومحاولة الهيمنة على القرار الدرزي، لافتة الى ان زعيم «التقدمي» بات يتعاطى مع مسألة تمثيله في الحكومة على أنها معركة «بمفعول لاحق» ذات صلة بمرحلة ما «بعد نجاة الأسد» من الأزمة السورية وبالرغبة في تعزيز «الدفاعات» لزعامته التي بدأت تنتقل الى نجله تيمور ولطائفته التي تواجه تحديات كبرى من فلسطين الى السويداء. علماً ان موضوع التطبيع مع النظام السوري يشكل أحد عناوين الكباش السياسي الداخلي، وقد كرّر «حزب الله» المطالبة به تحت عنوان «إعادة الدفء للعلاقات بين البلدين» ولا سيما لبتّ ملف النازحين الذين عاد منهم أمس نحو 200 من بلدة شبعا وقرى العرقوب والبقاع الغربي الى قراهم في بيت جنّ وجوارها، وسط تَرقّب زيارة وزير الخارجية جبران باسيل لموسكو الأحد المقبل لبحث هذه القضية في ضوء المبادرة الروسية.