IMLebanon

“هرمز” لن يُقفل… ولا خيارات أمام إيران! (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

لطالما هدّد المسؤولون الإيرانيون بإغلاق مضيق هرمز، وهو ممر مائي رئيسي لتجارة النفط، ردا على أي أعمال عدائية أميركية. ولطالما رددوا أن الجمهورية الاسلامية تسيطر تماما على الخليج ومضيق هرمز. الذي يعتبر المنفذ البحري الوحيد للدول الخليجيّة التي تقع على بحر العرب والخليج العربي، ويُلقّب بشريان النّفط العالمي.

أهمية المضيق استراتيجياً!

ترتفع اليوم التهديدات الايرانية بإغلاق مضيق هرمز ومنع تصدير نفط الخليج للعالم، مع اقتراب موعد 4 تشرين الثاني، موعد وقف استيراد النفط الايراني، وزيادة العقوبات على المصارف الإيرانية ونظامها المالي.

تنطلق طهران في تهديداتها من الأهمية الجغرافية والاستراتيجية للمضيق، فموقعها البحري، يساعدها على ذلك، فهي تشرف على المضيق من الجهة الشّماليّة والغربية للخليج العربي، هذا بالاضافة إلى امتلاكها عددا من الجزر على الخليج العربي والمضيق هي جزيرتا قشم ولاراك، وأخرى تتنازع عليها مع الإمارات، مثل جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى.

أما مساحة المضيق، فيبلغ طوله نحو 63 كيلومتراً، وعرضه نحو 50 كيلومتراً أي مسافة 34 كيلومتراً من جزيرة “لاراك” الإيرانية، وتبلغ مساحة مرور ودخول السّفن نحو 10.5 كيلومتراً، ويبلغ عمق مياه مضيق هرمز ستين متراً. أمّا مساحة المياه الإقليمية الخارجية للمضيق والتي تنتهي عندها مساحة هذا المضيق تصل إلى نحو مئة كيلومتر من جنوب غرب جزيرة قشم إلى شواطئ مدينة “كنكان” الإيرانية.

النشاط العسكري في “هرمز”!

كشفت إيران عن إنجازات عسكرية متطورة في القطاع البحري، تؤكد قدرتها على عرقلة الملاحة وصادرات النفط عبر مضيق هرمز، وهذا الانجاز عبارة عن غواصة “فاتح” التي ستدخل الأسطول البحري الايراني نهاية العام، وفي هذا الإطار، يؤكد المحلل والكاتب السياسي في جريدة “النهار” أمين قمورية أن لطهران القدرة العسكرية على إقفال المضيق إن بالصواريخ أو عبر المدفعية أو الألغام البحرية، إذا قررت خطوة الاقفال.

في حين رأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشا وهو عميد ركن متقاعد وخبير استراتيجي، أن لا قدرة عسكرية لايران على إقفال المضيق، وقال: “لا جوا ولا بحرا تستطيع التحرك إذا أرادت المواجهة مع الأميركيين، ولا الصواريخ تمكنّها من إقفال المضيق”.

إشارة إلى أن مضيق هرمز شهد في العام 1988 معركة بحرية استمرت يوماً كاملاً، عندما ردت الولايات المتحدة على استهداف إيران سفينة “USS Samuel B. Roberts”  الأميركية، وذلك من خلال إغراق سفينتين حربيتين إيرانيتين.

هذا، وتتمركز قوات الأسطول الخامس الأميركي في البحرين لحماية السفن التجارية المارة في المنطقة، بينما لا توجد هناك أي حاملات طائرات.

تداعيات إغلاق “هرمز”!

وفيما يصف النائب قاطيشا في حديث لـIMLebanon التهديدات الايرانية بإقفال مضيق هرمز بانها تهديدات في الهواء، مؤكدا ان المضيق هو ممر دولي عالمي، وأي خطوة لاقفاله ستؤدي إلى تحرك عالمي ضد طهران سياسياً وعسكرياً، يرى قمورية أن خطوة إقفال المضيق من قبل الايرانيين قد تؤدي تداعياتها إلى حرب عالمية، فعبره تمرّ أكبر الصادرات النفطية للمملكة العربية السعودية والعراق والكويت وجزء كبير من غاز الامارات، من هنا، فإن التهديدات الايرانية برأيه مجرد تلويح وتخويف، تأتي فقط في سياق الردّ على الخطوات العقوبات الأميركية، وبالتالي قد يقومون بعرقلة الحركة التجارية النفطية من دون منعها نهائياً. مع العلم أن للايرانيين أيضاً القدرة على فرض حظر تجاري من خلال باب المندب من خلال الحوثيين.

حجم التبادل التجاري النفطي

يمرّ حوالي 40 في المئة من الانتاج العالمي من النفط عبر مضيق هرمز، ويستوعب من 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميا. تصدّر المملكة العربية السعودية 88 بالمئة من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، والعراق 98 بالمئة، والامارات 99 المئة، وكل نفط إيران والكويت وقطر. وتعتبر اليابان أكبر مستورد للنفط عبر مضيق هرمز.

وقد تكون الصين أحد أكبر المتضررين جراء إغلاق المضيق، إذ تعد الشريك التجاري الأول والأكبر مع إيران على مستوى العالم، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 45 مليار دولار عام 2011. وتستورد الصين 21 في المئة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية البالغة 2,7 مليون برميل يوميا.

وتقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن 18،5 مليون برميل من النفط مر يوميا من خلال مضيق هرمز في عام 2016، ويمثل هذا القدر من الصادرات نحو 30 في المئة من النفط العالمي المنقول بحريا.

وفي عام 2017 وصلت صادرات النفط المنقول بحريا عبر مضيق هرمز إلى 17،2 مليون برميل يوميا، فيما وصلت خلال النصف الأول من 2018 فقط إلى 17،4 مليون برميل يوميا.

وقد بنت الإمارات خطوط أنابيب يبلغ طولها 240 ميلا استطاعت أن تصل أكبر الحقول الإماراتية ببحر العرب، ما خفف من وطأة تهديدات إغلاق المضيق الذي يبقى الوسيلة الأساسية لنقل النفط والغاز.

يذكر أن أسعار النفط شهدت في العام 2008 ارتفاعا قياسيا بمجرد شعور العالم أن إيران أوشكت على إغلاق المضيق، ووصل سعر البرميل الواحد إلى 147 دولارا.

كل ذلك، يأتي في ظل تأكيد تقارير صحفية أميركية أن الولايات المتحدة تستعد لضرب إيران بمساعدة أستراليا، حيث نقلت قناة “أي بي سي نيوز” الأميركية عن مصدر في الحكومة الأسترالية قوله، إن الولايات المتحدة جاهزة لضرب المواقع النووية في إيران، التي سيساعد العسكريون الأستراليون على تحديدها، ومن المقرر أن تشارك القوات البريطانية الخاصة في عملية تحديد هذه الأهداف السريّة.

الحلول أمام إيران!

منذ العام 1988، لوّحت إيران مرارا بإغلاق مضيق هرمز إذا تعرضت مصالحها للخطر، إلا أن ذلك لم يحصل أبداً. ففي العام 2008 صرح قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري بأن إيران ستفرض سيطرتها على المضيق في حال تعرضها لهجوم عسكري.

وفي العام 2012 هددت طهران بغلق المضيق ردا على العقوبات الأميركية والأوروبية التي استهدفت أرباحها من النفط على خلفية برنامج إيران النووي.

وفي أيار 2015 أطلقت سفن إيرانية النار على ناقلة نفط سنغافورية وصادرت سفينة شحن وذلك ردا على اصطدام الناقلة السنغافورية بمنصة حفر نفطية.

وفي 25 تموز الـ2017 اقتربت سفينة إيرانية من سفينة تابعة للبحرية الأميركية في الخليج من دون أن يحصل اي اشتباك بينهما.

واليوم، في الـ2018، يقول قائد البحرية في الحرس الثوري الايراني الجنرال علي رضا تنكسيري إن إيران تسيطر تماما على الخليج وإن القوات البحرية الأميركية لا مكان لها هناك. وقد يكون إغلاق المضيق أكثر الطرق مباشرة لوقف عمليات الشحن من الخليج”.

لكن رغم تصريحاتها المتكررة إيران لم تنفذ تهديدها يوما، والحل الوحيد امامها بحسب قاطيشا، التجاوب مع طلبات الاميركيين والذهاب الى مفاوضات جديدة وبناء اتفاق نووي جديد بشروط أميركية، قد يكون منها انسحابها من الشرق الاوسط وانكفاء هيمنتها فيه بدءا من سوريا واليمن وصولا إلى العراق ولبنان.