IMLebanon

رسائل جعجع السياسية: دعوة العهد لإنقاذ الوضع

في أدّق اللحظات السياسية وأكثرها حراجة وحساسية على مستوى العلاقات بين القوى الداخلية عموما وبين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” خصوصا، إثر سبحة الخلافات التي كرّت تباعا وطفت في شكل فاقع إلى واجهة المشهد العام في البلاد منذ الانتخابات النيابية، أطلّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية من معراب ليوجه رسائل كثيرة في اتجاه العهد والأطراف السياسية الحليفة والمناوئة على السواء.

وفي ثنايا سطور النزاعات المستحكمة بين “القوات” و”التيار” على خلفية تشكيل الحكومة بفعل تمترس كل طرف خلف مطالبه وشروطه، حدد جعجع خياراته وتوجه إلى “التيار” داعيا إلى “عدم التلطي خلف العهد بهدف تحجيم “القوات”، ومؤكدا أن “المصالحة المسيحية خط أحمر”، متمنيا “على رئيس الجمهورية ميشال عون المبادرة لإنقاذ الوضع. وإذ أبدى حرصه على الفصل التام بين الانتقاد السياسي والملفات الخلافية من جهة وبين تأكيد التمسك بالتسوية الرئاسية ودعم رئيس الجمهورية من جهة أخرى، لم يفته تذكير من يعنيهم الأمر من القوى السياسية بضرورة إبعاد لبنان عن صراع المحاور والكفّ عن توجيه الدعوات والقيام بممارسات هدفها التطبيع مع سوريا، فيما توجه مباشرة لـ “حزب الله” بنصيحة يتمنى عليه فيها العودة إلى الخيار اللبناني للإلتقاء معه، في خطوة لا تمكن قراءتها إلا من جانب الرغبة القواتية بفتح قناة تواصل مع الحزب إذا ما قرر “العودة إلى لبنانيته”.

وأكدت مصادر سياسية مسيحية لـ”المركزية” أن “جعجع تعمّد تضمين خطاب ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، ما يؤشر إلى استمرار تمسكه بدعم العهد والتسوية الرئاسية، على رغم كل ما أصابه من جرائها حتى الساعة من بوابة الهجمات المتتالية التي يشنها “التيار الوطني الحر” عليه متلطيا خلف العهد ورئيسه، لكن بمعايير جديدة حددها بحنكته المعهودة، فانتقد من جهة كل ما يعرض التسوية للسقوط من سياسة الإقصاء والتحجيم إلى الانخراط في المحاور والسعي إلى التطبيع، وأبدى من جهة ثانية رغبة في معالجة الثغرات ووضع حدّ للتجاوزات التي تتهدد ليس العلاقة بين الحزبين المسيحيين فحسب بل العهد برمته، إذا ما استمرت الممارسة السياسية نفسها من دون تعديل.

أما إلى الحلفاء في مشروع السيادة والاستقلال وبناء الدولة، فخصص رئيس “القوات” جزءا من خطابه ليؤكد تمسكه بالمسار النضالي في اتجاه الدولة القوية عن حق، فالمشروع  لن ينتهي قبل قيام الدولة الفعلية، التي حدد أسسها قادة فريق 14 آذار في ثورة الأرز واستشهد لأجلها الكثيرون، والتي سيستمر النضال في سبيلها من خلال مواجهة سياسة تقاسم الحصص والمغانم على السياسيين الساعين في هذا الاتجاه على حساب مصلحة الوطن.

وتعتبر المصادر أن على “القوى السياسية قراءة خطاب جعجع بتمعّن بعيدا من الانفعال لا سيما حيال ما تضمن من تمسك بالتسوية الرئاسية وحرص على الاستقرار، والبناء على إيجابياته لاستثمارها في مجال مشروع نجاح العهد وتاليا الدولة”.