IMLebanon

20% فقط ممن يعانون اضطرابات نفسية تلقّوا علاجاً

كتبت ريم طراد في “الاخبار”:

عاشت لين فرحات مع الاكتئاب ست سنوات. عدم القدرة على التعبير عن شعورها الدائم بالقلق والاكتئاب لازمها مع شعور بالكسل وثقل الحياة وفقدان الاهتمام بما كانت تستمتع به سابقاً. لم تكن على استعداد لأن يعلم أحدٌ ممّا تعانيه. هي نفسها لم تكن تعلم تماماً مما تعاني، واعتقدت طويلاً أنّ هذه طبيعتها لا أكثر. نقطة التحوّل الأولى كانت عندما بيّنت لها مواد دراسيّة في الجامعة تشابه العوارض التي تعانيها مع عوارض القلق والاكتئاب، فقرّرت طلب المساعدة.

نقطة التحوّل الثانية كانت عندما تمّ نقلها إلى المستشفى بسبب صحتها النفسيّة وعلم محيطها بالأمر. لكن على عكس ما اعتقدت، وجدت دعماً ممن حولها واستطاعت كسر حاجز الصمت أخيراً و«لم يعد بإمكان أحد إسكاتي». شكرت لين نفسها التي كانت تبلغ 18 عاماً على شجاعتها في تلقّي العلاج والتغلّب على القلق والاكتئاب، وتوجّهت إلى الحضور بنصيحة عن الصحة النفسية «دعونا نتحدّث لأن الوقت حان للتحدّث».

هذه كانت إحدى الشهادات خلال حملة «صار وقت نحكي صحّة نفسيّة»» التي أطلقتها في النجمة أمس وزارة الصحة بالتعاون مع شركاء عدّة. ارتكزت الحملة هذه السنة على الوصمة التي تتعلّق بالصحة النفسية، و«هي تتوجّه الحملة إلى كافّة شرائح المجتمع، لأن الوصمة لا تؤثّر فقط على من يعاني من اضطراب نفسي إنّما على المجتمع ككلّ»، كما يشير الدكتور وسام خير المنسّق التقني في البرنامج الوطني للصحة النفسية، مشيراً إلى أنّ هدف الحملة نشر التوعية حول الاضطرابات النفسية، كي يتمكّن الشخص من مساعدة من يعاني في محيطه من اضطراب نفسي، وكي يدرك هذا الأخير أنّ العلاج الفعّال موجود، وأنّ أيّ إنسان قد يكون معرّضاً للاضطرابات النفسية.

أثناء الافتتاح وزّعت كلّ جمعيّة كتيّبات توعويّة في مجال اختصاصها. فأشارت جمعيّة «أبعاد»، مثلاً، إلى أنّ المرأة التي تعاني من اضطرابات نفسيّة أكثر هشاشة تجاه العنف من غيرها. وتوصّلت دراسة لجمعية «إدراك» عن العلاج النفسي في لبنان، ونشرتها جامعة كامبريدج البريطانية، إلى أنّ العائق الأساسي للعلاج ليس الوصمة إنّما نقص المعرفة. ووجدت الدراسة أنّ 19.7% فقط من اللبنانيين الذين يعانون من الاضطرابات النفسيّة بحثوا عن المساعدة، معظمهم ممن عانوا من عوارض نفسية شديدة أكثرها اضطرابات الهلع. أمّا العائق الأكبر أمام طلب العلاج فهو ضعف الاعتقاد بالحاجة إليه. وفي 6% من الحالات فقط كانت الوصمة سبباً لعدم تلقّي العلاج. وخلصت الدراسة إلى أنّ ثلاثة عوامل تؤثّر ايجاباً في لجوء الشخص إلى العلاج النفسي: أن يكون أنثى، ومن أصحاب التعليم الأعلى، وذوي الدخل الأعلى.

محمود كبه الحلبي شارك أيضاً تجربته مع التوتر المزمن والدائم. فقد قرّر منذ ثلاث سنوات أن ينزل عن كاهله ثقل الخوف والهرب من أشياء لا ذنب له فيها، وتكلّم ليثبت فعّاليته في المجتمع. «المشكلة ليست في غياب العلاج. على العكس العلاجات كثيرة وفعّالة، المشكلة الحقيقية هي الشعور بالخجل أو العار من التكلّم أو طلب المساعدة». وأكّد على حقّ من يعاني من اضطراب نفسي في المساعدة، خاتماً بـ«أنا تكلّمت كاسراً حاجز الخوف وأنتظركم أن تتكلّموا، ماذا تنتظرون؟».