IMLebanon

هل تصلح الطرق اللبنانية للسيارات المستقبلية؟

كتب شادي عواد في صحيفة “الجمهورية”:

مع تطوّر صناعة السيارات وعمل جميع الشركات على مركبات تعتمد على الطاقة الكهربائية الصرفة وذاتية القيادة، بدأت غالبية الدول في العالم تحضير طرقاتها منذ سنوات للتعامل مع هذا النوع من السيارات.

تشير جميع الدراسات الى أنّ السيارات الكهربائية والذاتية القيادة ستشكل أساسَ صناعة السيارات في السنوات القليلة المقبلة. وما يؤكد ذلك هو أنّ جميع الشركات، بما فيها المصنِّعة للسيارات الرياضية، أطلقت أو تتحضّر لإطلاق طرازات كهربائية وذاتية القيادة في المستقبل القريب. والهدف هو توفير الطاقة والإنبعاثات والإنتقال الى الطاقة البديلة للحفاظ على البيئة.

بموازاة ذلك، لا بد من تطوير طرقات مجهّزة ببنى تحتية يمكنها التعامل مع هذه السيارت، وهذا ما تقوم به الدول المتطوّرة منذ سنوات، بهدف تحويل 35 في المئة من إجمالي رحلات التنقّل فيها إلى رحلات تعتمد على سيارات كهربائية ذكية وذاتية القيادة بدون سائق بحلول عام 2030.

مواصفات خاصة

تتطلب السيارات المستقبلية مواصفات خاصة تضاف الى الطرقات الحالية، أبرزها توفر منصات مسبقة الدفع تشبه «Park meter» موزعة في كل مكان، يمكن من خلالها شحن السيارت الكهربائية أثناء توقفها.

والأمر نفسه ينطبق على مواقف السيارات المنزلية، بحيث أنّ يكون لكل موقف منفذ كهرباء بسمح للقيام بهذه العملية. في السياق عينه، وبما أنّ السيارات الكهربائية ستكون بمعظمها مجهّزة بتقنية القيادة الذاتية المعتمَدة على الخرائط الدقيقة للطرقات وعلى الرادارات والكاميرات المثبتة على السيارة التي تعمل بتقنية الذكاء الإصطناعي، لا بد أن تكون الطرقات تتمتع بهندسة جيدة ومحدّدة وخطوطها واضحة واتّجاهاتها صحيحة وغير متداخلة مع بعضها، ومجهّزة بإشارات سير تتخاطب مع السيارات الذكية.

في لبنان

إتكذا كان أحد الأوروبين أو الأميركين أو اليابانيين يقرأ هذا المقال، لن يجد الأمر غريباً إطلاقاً. في المقابل، عندما يقرأ أيُّ لبناني هذا المقال، سيعتقد أننا نتحدث عن شيء من عالم الخيال. فطرقاتنا ليست مضاءة أصلاً والكهرباء غير متوفرة، فكيف لها أن توفّر بنى تحتية لشحن السيارات الكهربائية؟

أما بما يخصّ هندسة الطرقات والخطوط وإشارات السير واتّجاهات المرور وتطبيق القوانين وصيانة الطرقات وزحمات السير والحفر المنتشرة في كل مكان وطريقة اللبناني في القيادة، فحدِّث ولا حرج. وإذا أضفنا الى ذلك، عدم توفر مواقف منزلية لجميع السيارات، واضطرار توقف معظم اللبنانيين على جوانب الطرقات والأرصفة بعيداً من منازلهم، يصبح مستحيلاً أيضاً شحن السيارات الكهربائية ليلاً.

لذلك نحن في لبنان حتى الآن بعيدين كل البعد عن التغيير الذي سيحصل في صناعة السيارات وهندسة البنى التحتية للطرقات المستقبلة الذكية، ولن نتمكّن من مواكبته بأيِّ شكل من الأشكال، أقلّه في السنوات القليلة المقبلة، وربما سيأتي يوم نجد فيه أنفسنا عالقين في سيارات أصبحت بالنسبة للدول المتطوّرة مجرد علب خردة ملوّثة للبيئة ممنوعة من السير على طرقاتها.