IMLebanon

يوحنا مارون… قائد الموارنة في حديقة البطاركة! (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

احتلّ يوحنّا مارون موقعاً مميّزاً في تاريخ البطاركة، كان مناضلاً، وقائداً روحياً، راعياً ومعلماً ورجل اٍيمان وصلاة. هو بطريرك الموارنة الأول، أي أنه أول بطريرك ماروني على انطاكية، والثالث والستون بعد القديس بطرس الذي أسّس الكرسي الأنطاكي في القرن الأول بعد المسيح. ومعه كانت بداية تنظيم وبناء الكنيسة المارونيّة على الصعيد الكنسي والوطني والإجتماعي. وقد تمكّن من من قيادة كنيسة الرّبّ إلى شاطئ الأمان. تم انتخابه أول بطريرك على الكنيسة المارونية خلال النصف الثاني من القرن السابع بعد المسيح أي حوالي 686 م.

في قنوبين!

من يزور حديقة البطاركة في قنوبين بات يرى ان هامة قائد الموارنة ارتفعت أسوة بالعديد من رفاقه البطاركة. خصوصاً أنه عانى كغيره من البطاركة، وحمل الهمّ المسيحي والماروني تحديداً في حياته اليومية.

 كيف وضع التمثال؟

في يوم من أيام العام 2017، كنت بزيارة لحديقة البطاركة في قنوبين، يقول المهندس روني عبد الحي لـIMLebanon وكنت أمرّ على تماثيل البطاركة واحداً تلو الآخر مستذكراً تاريخ ونضال كل بطريرك، وادوارهم الكبيرة في بناء لبنان الكيان، ولبنان الرسالة، ولبنان الصمود والايمان، ولبنان الصلاة. كل أرزة داخل الحديقة كانت تحمل اسم بطريرك تخلّد ذكراه، فلفتني غياب تمثال البطريرك الأول يوحنا مارون. فقررت عندها أن أحقق هذه الغاية.

من هنا، وبعد حوالي سنة، تم إزاحة الستار عن تمثال البطريرك الأول للكنيسة المارونية مار يوحنا مارون في حديقة البطاركة، كتقدمة من المهندس عبد الحي وهو عضو في رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث.

يقول عبد الحي لـIMLebanon: “البطريرك الاول الذي يعني كل الطائفة المارونية يعنيني أيضاً. فعندما تسلم سدة البطريركية في العام 685 كان الموارنة مشتتين، كل في واد، وهو استطاع بحنكته، وقدرته القيادية أن يجمعهم، فارتأيت ان يكرّم هذا البطريرك بإقامة تمثال يخلد ذكراه مع رفاقه في النضال في حديقة البطاركة.

ويضيف: “بالنسبة الي يوحنا مارون علامة فارقة في تاريخ الموارنة. معلم مثقف لديه قدرات قيادية هائلة. جمع الناس حوله، وصنع البطريركية. هو القائد الاول للموارنة وهو الذي جمعنا”.

عبد الحيّ الذي اعتبر اننا اليوم أصبحنا مشتتين كما كنا قبل يوحنا مارون، أسف لأن البعض يحاول ان يقود الناس عبر ما سماه “مبدأ التلاعب”، في حين هناك من يحاول ان يلعب دور يوحنا مارون فيعطي الناس الالهام والايمان بالقضية كما فعل البطريرك الأول. هذا هو واقع الموارنة اليوم.

المهندس عبد الحي الذي يبدو أنه يترك بصمات مميزة في المشهد الاجتماعي والمحلي وحتى الوطني. هو لا يهدأ انطلاقا من ايمانه بلبنان الرسالة، وبالشخصيات التاريخية التي كانت ولا تزال أساساً في تطور لبنان الثقافي والحضاري والديني والوطني، من هنا، رأى أن وجه الشبه كبير بين البطريرك يوحنا مارون والبطريرك السادس والسبعين مار نصرالله بطرس صفير، في صلابته وجرأته في هدوئه وصلابة مواقفه. فعمل على إعادة إصدار الجزئين الخامس والسادس من سلسلة “البطريرك صفير حارس الذاكرة” للكاتب جورج عرب، تحية وفاء منه ومحبة للبطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.

فهو يرى ان صفير منذ انتخابه كان حجم المسؤوليات كبيرا عليه، لكنه تحملها بكل ثقة وايمان، لأن الروح القدس فعل فعله وكان يرافقه. فالبطريرك صفير بحسب عبد الحي كان يبلغ اهدافه بالعمل الدؤوب وبمراكمة الاحداث لا بالمواقف العشوائية والغرائزية والديماغوجية. وهو “حارس الذاكرة” و”حارس التاريخ” و”الحارس الذي لا ينعس”.

ويشدد عبد الحي على أنه يجب ان نعيش مسيحيتنا في وطن الرسالة. ان نبقى على خطى بطاركة دافعوا عن حرية شعبنا حتى الشهادة أمثال البطريرك دانيال حجولا والبطريرك الحدشيتي، الذي قال: “أفاوض على كل شيء في الدنيا إلا على صليبي وأرزتي”.

مقتطف من حياة مار يوحنا مارون!

ولد يوحنّا مارون في الربع الأول من القرن السابع في قرية سروم الواقعة في جبل السّويديّة بالقرب من أنطاكية، أثناء الحرب بين الرومان والفرس والتي عرفها التاريخ باسم حرب استرداد الصليب. تفيد بعض المصادر بأنه انتقل من انطاكية حيث صار راهباً من رهبان مار مارون ثم أسقفاً. وهناك أتقن العلوم اللّغويّة والرّياضيّة والدّينيّة واليونانيّة والفلسفة.

انتُخب أول بطريرك على الكنيسة المارونية خلال النصف الثاني من القرن السابع بعد المسيح (حوالي 686 م) عندما اصبح الكرسي الأنطاكي شاغراً. وهو أول بطريرك ماروني على انطاكية والثالث والستون بعد القديس بطرس الذي أسّس الكرسي الأنطاكي في القرن الأول بعد المسيح.

اضطُّر مار يوحنّا مارون وتلاميذه إلى الهجرة إلى لبنان بسبب الإضطهاد الذي ألحقتهم به الجيوش الرومانية والإسلامية. فانتقل إثر ذلك الكرسي البطريركي إلى كفرحي البترون حيث شُيِّد دير حيث شُيِّد دير “ريش موران” (أي رأس مارون أو رأس سيدنا أو رأس معلمنا) لتوضع فيه جمجمة مار مارون، وهو يحتفظ في قلب كنيسته بـ “هامة” هذا البطريرك القديس .وتحتفل اليوم الكنيسة المارونية بعيده في الثاني من شهر آذار.