IMLebanon

“ناولني” تهدّد السلامة العامة… قرار بالإقفال أم إقفال القرار؟ (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

اعتاد اللبنانيون على مصطلحات عدة تحتل يومياتهم، وتحولت إلى كلام “عالطالع والنازل” لا معنى لها. السلامة العامة كلمة نسمعها يومياً من الساسة في لبنان، من رجال الأجهزة الأمنية، من المنظمات الحقوقية أو الانسانية أو التي تعنى بالسير.

السلامة العامة من المفترض أن تكون مبدأ يُكرّس في كل قانون، وهذا أمر لا خلاف عليه، لكن الأهم، أن يُكرس ايضا عند التطبيق، وخصوصاً على طرقات لبنان، التي باتت جسر عبور شبابنا وشاباتنا إلى الموت، جراء عدم وجود استراتيجية وطنية للحد من حوادث السير التي تحصد المئات سنوياً.

إن قررت الذهاب في مشوار من جونيه إلى طرابلس، أو من الشمال إلى بيروت، تتفاجأ بالدكاكين التي تنبت كالفطر على الطرقات. والمسافة بين واحدة واخرى لا تتعدى مرات امتار قليلة.

هذه “الدكاكين” يطلق عليها اسم “ناولني”… فمن “ينحشر” مثلا على علبة دخان أو من يريد بعض الماء أو المرطبات أو الكحول وغيرها من الحاجات يتوقف على الأوتوستراد “لَيْناوْلُوا”، ولا حاجة لأن تترجل من السيارة وهو امر يحبه قليلي الهمّة، ولكن الخطر أن محلات “ناولني” تشكل فوضى تؤدي الى زحمة سير خانقة ومخالفات تعيق سير المركبات على الاوتوستراد وتجمع للعمال على الطريق لتلبية طلب الزبائن عدا عمن يحلو له شراء الحاجيات فيتوجه من اقصى شمال الاوتوستراد الى اقصى يمينه او العكس ليقع الحادث.

فمن منّا مثلا عندما يصل إلى أوتوستراد جل الديب المسلك الشرقي لا يحمل قلبه بيديه، ويقول “زمطنا من حادث” عندما تزدحم السيارات قرب “الدكانة”. ومن منا مثلا لم “تكسر” عليه سيارة من الشمال الى اليمين فجأة وأنت على أوتوستراد صربا وتعرضك لحادث ما لشراء “قنينة” مياه بـ500 ليرة أو علبة دخان بـ2000 ليرة.

 بلدية جونيه!

في جونيه، حيث تكثر هذه الفوضى على طرقاتها، تحدث نائب رئيس بلديتها لـIMLebanon، فأكد أن هذه المحلات لا تملك ترخيصاً ولا احد يعرف كيف يسمح لها بمزاولة عملها، مع العلم أن محافظ جبل لبنان كان أصدر قراراً يقضي بإقفالها، إلا أن القرار لم ينفذ لأسباب مجهولة.

وأوضح ان البلدية ليست من صلاحياتها لا إعطاء الترخيص لهذه المحلات ولا حتى إقفالها. وأي قرار من هذا النوع منوط بقوى الأمن الداخلي التي من واجبها ان تقوم بإبلاغ المعنيين أي قرار يصدر بالاقفال. فمعلوم، أن نطاق عمل البلدية يكون في الأحياء الداخلية أما كل ما له اتصال بالأتوستراد لا تتدخل البلدية به، بل مؤسسات الدولة المعنية.

 رأي القوى الأمنية!

مصدر امني تحدث لـIMLebanon، رافضاً تحميل المسؤولية للقوى الأمنية، التي يستسهل كل مخالف أو اي جهة إلقاء اللوم على القوى الأمنية الساهرة ليلا نهارا على امن وسلامة المواطنين. ويقول: “نحن الأقرب الى الناس، وعلى تماس معهم يومياً، ونحن من نتعرض للأخطار وللتلوث، ولا نتذمر ولا نتعب، لكن القاء اللوم علينا امر مرفوض”. وشدد على أنه طالما ات القوى الأمنية ليست الجهة التي تمنح ترخيصاً لهذا أو ذاك، فلماذا لا يتم مراجعة من يمنح مثل تلك التراخيص؟.

قرار المحافظ… قوى الأمن مسؤولة!

من اجل وضع حد لهذه المخالفات اتخذ محافظ جبل لبنان بالتكليف منصور ضو في العام 2017 قرارا يقضي بإزالة الاكشاك والدكاكين ليس فقط تلك القائمة على الاملاك العامة بل ايضا على الخاصة خلال مهلة اسبوع من تاريخ ابلاغ اصحابها. المحافظ ضو على ان القرار صارم ولا رجوع عنه.

محافظ جبل لبنان الأصيل القاضي محمد المكاوي، اكد لـIMLebanon انه ملتزم بقرار سلفه، وهو لم يصدر أي قرار يخالف قرار المحافظ ضو كي لا يُطبق، من هنا، من المفترض من القوى الأمنية أن تطبق القرار الصادر عن المحافظ، وهو لا يحتاج إلى تجديد. وكشف لـIMLebanon في هذا الإطار، أنه سيعقد اجتماعاً الأسبوع المقبل مع ضباط قوى الأمن في جبل لبنان، وسيبحث معهم مواضيع عدة تتعلق بالسير وسلامة المواطنين والطرق الموجودة لتفادي حوادث السير قدر الامكان، وموضوع هذه المحلات سيكون أيضاً من المواضيع قيد البحث، لما تشكله من مخالفة كبيرة وخطرا على المواطنين، وسبباً إضافياً لزحمة السير. واشار الى انه سيستمع عن الأسباب التي منعت القوى الامنية من تنفيذ قرار الاقفال.

مكاوي الذي انتقد عملية “التفقيس” التي تحصل لهذه المحلات، اعتبر ان استمرار وجود هذه المحلات بهذه الطريقة غير منطقي، آسفاً لأن بعض الناس تتطاول على القانون، وآملاً وضع حد لهذه الظاهرة في وقت قريب. وشدد على انه لا يمكن للقوى الأمنية ان تتنصل من هذه المسؤولية، فهذ مسؤوليتهم، وهم يطبقون القانون على الأرض.

صرخات “اليازا”!

مؤسس “يازا” زياد عقل وضع وجود هذه المحلات في إطار المخالفات “الخطيرة جدا”. فوجود محلات على طرف الطريق بطريقة عشوائية أمر يشكل خطراً على سلامة المواطنين، وهناك مسؤولية مباشرة على مخافر القوى الأمنية، البعض يعتبر أن المسؤولية ليست على مفارز السير انما على المخافر الاقليمية لقوى الأمن، وعلى جميع الأحوال يجب ضبط وتنظيم هذه المحلات لضبط الخطر الذي تشكله.

ونبّه عقل عبر IMLebanon إلى ان التجاوزات التي تقترفها هذه المحلات، أن مبيعاتها لا تقتصر فقط على الدخان أو الماء إنما على الكحول أيضاً، وهذا أمر غير قانوني ولا يحصل في أي بلد من العالم. خصوصا لما يمكن ان يؤديه شرب الكحول على الطرقات من تداعيات سلبية على حياة المواطنين. و”اليازا” كما كشف عقل بصدد القيام بحملات مع عدد من الجمعيات لتنظيم بيع الكحول في لبنان.

عقل أسف لأن قانون السير الذي صدر في العام 2012، يطبق منه فقط الشق المتعلق بالغرامات بحق المواطن وهو امر محبط، فالمجلس الأعلى للمرور، واللجنة الوطنية للسلامة المرورية، امتحانات السوق، مبدأ النقاط، وسحب اجازة السوق مبادئ لم تطبق حتى الآن. وما يحصل عملية جباية وتحصيل مالي اكثر ما هو عملية ردع مخالفة القوانين. من هنا يقول عقل: “للأسف، سلامة الانسان ليست أولوية ولا قيمة لحياته في لبنان”.