IMLebanon

التسوية السورية تتحرك مجددًا من باب “الدستور” بدفع أممي

في وقت يبدو ان خيار الحسم العسكري في ادلب طوي، أقله حتى الساعة، وان الدفع الروسي – التركي هو لاعطاء فرصة اضافية لتنفيذ الاتفاق المبرم بينهما لاقامة منطقة منزوعة السلاح في المحافظة السورية الشمالية، بدليل قول المستشار الخاص للمبعوث الدولي لسوريا يان إيغلاند إن “روسيا وتركيا أشارتا إلى أنه سيكون هناك المزيد من الوقت لتطبيق اتفاق عدم التصعيد في إدلب وهو ما يدعو لارتياح كبير”، تتحرك، في موازاة هذه التهدئة الميدانية، المياه في قنوات “الحل السياسي” للازمة السورية، بمساع جديدة سيضطلع بها المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا.

فقبيل تنحيه من مهامه في تشرين الثاني المقبل على حد ما أعلن وذلك “لأسباب شخصية بحتة”، أكد دي ميستورا أمام مجلس الأمن أنه سيبذل جهودا مكثفة بما في ذلك زيارة دمشق الأسبوع المقبل لتشكيل لجنة الدستور السوري وحل “عقدة” قائمة المشاركين فيها، لافتا الى أن “اعتراضات الحكومة السورية لا تزال تعيق إطلاق اللجنة الدستورية” التي جرى التوافق عليها في إطار “عملية آستانا” برعاية روسيا وتركيا وإيران.

إلا ان السؤال الذي يفرض نفسه، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هو عن مدى استعداد موسكو لتسهيل مهمة المبعوث الاممي والضغط على حليفها النظام السوري، للتجاوب هذه المرة مع تشكيل اللجنة المنتظرة. فالتجارب السابقة وجولات التفاوض التي عقدت في العاصمة السويسرية بمشاركة النظام والمعارضة، برعاية دي ميستورا، لم تُظهر خلالها دمشق اي ليونة تُجاه محاولات المبعوث الاممي وضع قطار التسوية السياسية ولجنة الدستور، من ركائزها، على السكة، لا بل كانت تنسحب من جنيف عائدة الى سوريا من دون ان تفتح الباب على اي خرق في هذا الحائط.

وليس بعيدا، وبعد ان دعت الولاياتُ المتحدة إلى تحديد موعد لاجتماع اللجنة الخاصة بصياغة دستور جديد لسوريا، اتهمت كلًا من النظام السوري وروسيا وإيران بالسعي إلى تأخير عمل اللجنة. وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، قال نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين إن واشنطن “طالما دعت إلى تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية وشاملة بحيث يكون عملها الأساسي هو صياغة دستور سوري جديد”، موضحا أن “اللجنة ستضع الأساس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، بإشراف الأمم المتحدة. انتخابات مفتوحة أمام جميع السوريين المؤهلين، بمن فيهم من أُجبروا على الفرار من بلدهم”. واستدرك قائلا: “لدينا شكوك حول ما إذا كانت روسيا تنوي دعم عملية انتقال سياسي في سوريا. وما إذا كانت اللجنة الدستورية المقترحة وسيلة لتأكيد روسيا نفوذها على سوريا”.

على اي حال، يبدو ان روسيا تنوي ايضا التحرك على خط “الدستور السوري” في المرحلة المقبلة. وقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في موسكو، أن المهمة الأساسية في سوريا خلال هذه المرحلة تتمثل في تشكيل اللجنة الدستورية وإعادة البناء. وقال الرئيس الروسي إن موسكو والقاهرة اتفقتا على تعزيز التنسيق الثنائي بشأن تحقيق التسوية السياسية في سوريا.

وعليه، تشير المصادر الى ان “يُفترض، رصدُ ما اذا كانت جهود روسيا ستتكامل مع تلك التي سيبذلها المبعوث الاممي، فتلتقي مع مسار “جنيف” للحل السوري، المدعوم دوليا، أم انها ستحاول التغريد خارج هذا السرب لتعويم “منصة آستانا”، على حساب جنيف”؟