IMLebanon

بين Longwing Butterfly وLa Maison de Samir حكاية أمل ورجاء (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

قيل في العطاء الكثير. لكن، أبهى صوره يتجلّى بريشة متألّم ينتصر على الوجع ويخطّ لغيره طريق الانتصار. بهذه الريشة رسم سمير قشوع انتصاره على المرض، وأثبت أن الإيمان قد يكون في أحيان ملموساً، من خلال مبادرة، أو وقفة تضامنية أو لفتة إنسانية، تعبّر عن الوجدان والذات، لأنه لا قيمة لأيّ عطاء إن لم يكن جزءاً من الذات.

هذه المكرمة الاستثنائية، عنوانها التعاون بين Le maison de Samir الذي يملكه رجل الأعمال السابق سمير قشوع وجمعية Longwing butterfly التي تعود لراي عبد نجل رجل الأعمال دونالد عبد. ومضمون التعاون هو أن Le maison de Samir قرر، لمناسبة عيد الميلاد، أن يخصص ريع كل منتوجات العسل الطازج لمساعدة الاشخاص الذين يعانون من حالة الهيموفيليا، والتي تعنى بهم جمعية Longwing butterfly.

والاستثناء الذي يميّز هذا المشروع أنّ سمير قشوع، يعاني من مرض السرطان، وبدل أن يركز اهتماماته ربما على نفسه أو على حالات مشابهة لحالته، التفت إلى من يعانون من الهيموفيليا، لأهمية هذه الحالة التي يعاني منها العديد من الأشخاص.

دعم وطني للهيموفيليا!

شخص مريض بالسرطان قرر أن يبيع العسل الطبيعي لصالح أشخاص آخرين يعانون من حالة مختلفة عن حالته. هو لأمر مؤثّر.

المديرة التنفيذية لجمعية longwing butterfly السيّدة دنيز طوق، تحدثت لـIMLebanon عن فحوى هذا التعاون، فأشارت أولا إلى أن هذا التعاون الذي كان من نتاج صبيتين يحملان همّ عائلتهما، هما ابنتا دونالد عبد وسمير قشوع، كلوديا وعبير، اللتين قررتا، عبر مبادرة استثنائية ومتميزة جدا، كسر كل التقليد الذي يحيط مصابي السرطان والهيموفيليا، والتأكيد لمصابي الهيموفيليا أنهم جزء لا يتجزأ من مجتمع، يفكر، يعمل، يعطي، ويقدم. انهم كغيرهم، عليهم مسؤوليات ولهم حقوق. أنهم كغيرهم يملكون، ليس جزءا، بل كل الحياة التي منحها الله. أنهم كغيرهم، يستطيعون، لا بل واجبهم، أن يتزوجوا، وينجبوا، ويربوا. انهم أساس في عملية الخلاص.

طوق شددت على ضرورة الانتباه إلى أن الهيموفيليا ليست مرضاً بمعناه الضيق، هي حالة، كونها تنتقل بالدم بالوراثة. ومن قصد إظهار اوجه الشبه بين السرطان والهيموفيليا أن الاثنين يفترض ان يتعايشا مع المرض الذي يصيبهما، ويعيشا بقلق مستمر. مع الاشارة إلى أن وزارة الصحة أسوة بمرضى السرطان، تؤمّن لمصابي الهيموفيليا الدواء المطلوب، والذي يصل إلى نحو 12 إبرة في الشهر لمصاب الهيموفيليا. ولعلّ المبادرات التي قام بها وزير الصحة غسان حاصباني كانت الأساس في تظهير حالة الهيموفيليا إلى العلن، والتوعية لهذه الحالة الموجودة لدى العديد في مجتمعنا. فوزير الصحة شارك في العديد من حملات التوعية التي كانت تنظمها جمعية longwing butterfly بدءا من العام 2017، بالاضافة إلى جهود وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي في هذا المجال، الذي قدّم كل الدعم للجمعية، ورافقها في كل محطة.

اذا، حمل انساني كبير بات من مسؤولية الدولة اللبنانية الاهتمام اليوم وغداً بمصابي الهيموفيليا، التي تحتاج إلى استراتيجية استشفائية شاملة ودعم وطني كبير، وإنشاء مراكز دعم لها على غرار مراكز دعم السرطان مثلاً.

Longwing butterfly التي تعمل على تعزيز التوعية ومساعدة مصابي الهيموفيليا حتى على الصعيد النفسي، هي تقدّم أيضاً الدعم المادي للعديد من العائلات لتسديد أقساط أبنائهم في المدارس ولتعليمهم، وتأمين احتياجاتهم. الأمر الذي يجعلهم ينخرطون في المجتمع فيتناسون الخجل مما يصيبهم.

لا تنسى دنيز طوق بتوجيه التحية الأكبر للأم المثالية “الشيخة” جوليانا دونالد عبد، ولكل الأمهات أمثالها، لدورهن وتضحياتهن وقوّتهن في مواجهة هذه الحالات. فقلب الأم ينكسر عند أقل ما يصيب أبناءها فكيف بالحري التعايش مع مصاب بالسرطان او الهيموفيليا، فهي أقل ما يقال عنها، أنها أم بطلة.

ومثال “الأم البطلة” أيضاً كلوديا عبد دحداح ابنة الشيخة جوليانا، التي عندما عندما حملت بابنها رفاييل، رفضت إجراء أي عملية لاجهاضه بعدما علمت انه أيضاً مصاب بالهيموفيليا، وهي اليوم تعيش معه وتكتنزه في قلبها وحياتها وحبّها.

ياسمينا قشوع، ابنة سمير قشوع، اوضحت لـIMLebanon أن الهدف من التعاون هو الاضاءة على موضوع الهيموفيليا، ونشر نوع من التوعية حوله، لأننا نشهد قلة معرفة بشأن مرض الهيموفيليا لدى المواطنين، من هنا، قررنا تقديم الدعم لجمعية longwing butterfly. وقالت: “هناك العديد من مراكز السرطان التي تقدم المساعدات لمرضى السرطان، في حين انه في حالات الهيموفيليا غير موجودة، وبالتالي تتطلب توعية واسعة على مستوى الوطن”.

وأشارت ياسمينا الى أن مركز Le maison de Samir سيخصص كل المبيعات المخصصة للميلاد لجمعية longwing butterfly، ويستطيع أي مواطن أن يطلب اي حصة معينة عبر الهاتف أو صفحة Le maison de Samir على الفايسبوك او انستغرام، ويتم ايصال الطلب الى اي منطقة في لبنان”.

ليلة الميلاد يمحى البغض، ليلة الميلاد تزهر الأرض، ليلة الميلاد ينبت الحب. العديد من الناس ينتظرون هذه الليلة لاظهار زيفهم من محو للبغض وإظهار محبة مصطنعة تنتهي في اليوم التالي، لكن مع سمير قشوع، ومع دونالد عبد وراي عبد والشيخة جوليانا وكلوديا ورفاييل، كل ليلة عندهم هي ليلة ميلاد. حبهم ينبت كل ايام السنة، حب سمير أنبت دعماً رغم وجعه وقلقه. حب راي أنبت مؤسسة تعنى بكل مصاب بالهيموفيليا. حب الشيخة جوليانا التي احتضنت راي ولا تزال وكلوديا التي احتضنت رفاييل ولا تزال قدره ان يحملن صليبهن من الآن إلى أبد الابدين.

ومع تمنينا لهم جميعاً الشفاء، لأن ما هو عند الله ليس عند الانسان. الكل مدعو اليوم، إلى المشاركة بهذا العطاء الكبير من أجل الانسان، من اجل يسوع، ومن أجلنا نحن.

حكاية سمير!

La maison du Samir يعنى بإنتاج كل ما هو طبيعي، بدءا بالعسل والمربى والعرق والكبيس وغيره. ورث سمير هذه المهنة من والده. كان يساعده باستمرار. في العام 1764 قام الوالد ببناء البيت من حجر المقلع، ومن ثم تم ترميمه من قبل سمير في العام 1994، في منطقة سوق الغرب. ترميم المنزل كان بمثابة ترميم لحلم سمير قشوع، الذي تسمعه يرندح في “فيّات” المنزل عائدا إلى اصالة الأب والجد:

“من جهتي ما بغيّر العادات

وبقول الله ياخد بيدّي

واليوم بلّش موسم العسلات

كل ما قفير بينقطف منكون

حفظنا أصالة بيّنا وجدّي”.

 

ما هو مرض “الهيموفيليا”؟

كلمة “هيموفيليا” تعني سيولة الدم، وهو أحد أمراض الدم الوراثية الناتجة عن نقص أحد عوامل التجلط في الدم بحيث لا يتخثر دم الشخص المصاب بمرض الهيموفيليا بشكل طبيعي؛ مما يجعله ينزف لمدة أطول. للاطلاع على مرض الهيموفيليل بالتفصيل يمكن الضغط على الرابط:

https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/Diseases/Hematology/Pages/006.aspx