IMLebanon

ملفات خلافية متوقعة تختبر تضامن أعضاء الحكومة الجديدة

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تنتظر الحكومة اللبنانية، التي توضع اللمسات الأخيرة على تشكيلها، ملفات كثيرة، بعضها يحظى بإجماع جميع الفرقاء مثل الملفات الاقتصادية، وأخرى تمثل مادة أساسية للخلاف والتجاذب، أبرزها ملف التنسيق مع سوريا وإعادة النازحين وملف معالجة أزمة الكهرباء، فضلاً عن التعديلات على قانون الانتخابات التي ستجريها الحكومة الحالية في ربيع 2022.

وتتمدد الملفات الإشكالية من الحكومة الحالية المستقيلة، إلى طاولة مجلس الوزراء المقبلة، لكن هذه الملفات لم يتم التطرق إليها خلال مهمات تشكيل الحكومة التي تحتاج بعد إعلان تشكيلها إلى إعداد بيان وزاري تعرضه على مجلس النواب للحصول على ثقته، وهو البيان الذي تشير مصادر مواكبة إلى أنه لن يختلف كثيراً عن البيان الوزاري الذي قدمته حكومة الرئيس سعد الحريري المستقيلة، خصوصاً لجهة القضايا الإشكالية مثل الالتزام بالنأي بالنفس وسواه من الملفات.

وإذا كان إعداد البيان الوزاري لا يمثل عقبة أمام الأطراف السياسية التي سيتمثل معظمها في الحكومة، التي ينتظر أن تُعلن خلال أيام، فإن الملفات الخلافية الاستراتيجية ستمثل تحدياً للحكومة لاحتوائها، واختيار المعالجة الهادئة، التزاماً بتعهد الأطراف السياسية، وأبرزها الرئيس الحريري و«التيار الوطني الحر»، بأن تكون حكومة منتجة.

وتتجنب المناقشات التي تطال تشكيل الحكومة في هذا الوقت، التطرق إلى معالجة تلك الملفات، وهو ما أشار إليه عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» راشد فايد لـ«الشرق الأوسط»، معتبراً أن المناقشات التي تحيط بعملية تأليف الحكومة لا تتطرق إلى الملفات التي قد تواجه الحكومة وتطرح على طاولتها بعد تأليفها، وقال: «أتوقع أنه لا أحد يفتح الآن ملفات مستقبلية، قبل اجتياز عقبة تشكيل الحكومة»، مضيفاً: «لا وقت الآن لرفاهية الاختلاف، فالعتبة الأولى هي تشكيل الحكومة التي لا تزال عالقة عند توزيع حقيبتين وزاريتين». وفيما يُنظر إلى بعض الملفات الإشكالية على أنها مادة لزعزعة التضامن الحكومي، رأى فايد أن «كل ملف له علاقة بالاستراتيجية السياسية التي أدت لنشوء 8 و14 آذار، هو ملف قابل لنشوء الخلاف، لكن الفرق بين الماضي واليوم أن الخلافات لن تكون حامية، وسيكون الخلاف بارداً»، مشدداً على «أننا مضطرون لأن نتفاءل بألا تكبر الخلافات». وقال: «لا مصلحة في البلد لأي طرف بإحداث خلافات أو إشعال خلافات حارة. فالبلد يرزح تحت عبء أزمة اقتصادية واجتماعية تعلن عن نفسها أولاً بأول»، مضيفاً: «ليس سهلاً أن تتوقف قروض الإسكان، ونشهد زيادة في البطالة وضعف القوة الشرائية»، في إشارة إلى أنها ملفات ساخنة تحتاج إلى تضامن حكومي وحلول لها.

وتوقع فايد أن يتم تجاوز الخلافات التي يمكن تجاوزها حول بعض الملفات، ومحاولة إيجاد حلول «على البارد» للملفات الملحة.

ويتوقع المواكبون أن طرق معالجة تلك الملفات لن تختلف كثيراً عن طريقة الحلول الحكومية التي تم اعتمادها للملفات الإشكالية، بحيث لم يؤدِ الانقسام الحكومي حول عناوين معينة إلى تفجرها، وكان يتم تجاوز العقبات والخلافات باجتراح الحلول.

وتتصدر تلك الخلافات قضية «التطبيع» مع النظام السوري، التي تدفع قوى «8 آذار»، وفي مقدمها «حزب الله»، باتجاه تطبيقها لحل أزمة النازحين السوريين، وفتح المعابر الحدودية السورية أمام المنتجات اللبنانية، واستئجار الكهرباء، وهو ما يرفضه حزب «القوات اللبنانية»، كما أعلن رئيسها سمير جعجع الشهر الماضي، متسائلاً: «هل من المنطقي أن نتخطى نحن هذا البلد الصغير، جامعة الدول العربيّة، ونقيم علاقات طبيعيّة مع نظام تقاطعه هي وجميع الدول المنتمية لها؟».

السبب نفسه تحدث عنه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبل أسبوعين، حين أقر بوجود خلاف سياسي حاد حول هذا الموضوع في لبنان، وقال إن القضايا التي تتطلب تنسيقاً مع دمشق، تجري عبر المبادرة الروسية لإعادة النازحين.

ووجد لبنان حلولاً في وقت سابق للتنسيق مع دمشق على ملفات أمنية، عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي ينسق الآن لإعادة النازحين، كما توجه وزراء من «قوى 8 آذار» إلى دمشق «بصفة شخصية»، وشاركوا في حضور معرض دمشق الدولي على مدى عامين.

وتجنب الخلافات هو السمة التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية في ملفات أخرى مثل ملف الكهرباء، رغم التجاذب والخلافات الحادة بين «التيار الوطني الحر» من جهة، و«القوات اللبنانية» و«حركة أمل» من جهة ثانية، لكنها لم تؤدّ إلى تفجير الحكومة. وهو ملف يتوقع أن ينسحب على الحكومة المقبلة.

أما ملف البحث في تعديل قانون الانتخاب، فلم يبحث حتى الآن، رغم أنه مرشح للتجاذب أيضاً قبل تحويله من الحكومة إلى المجلس النيابي. ومع إعلان مصادر سياسية أن الانتخابات ستجري وفق القانون الحالي (النسبية) مع إخضاعه لتعديلات معينة، يقول فايد إن قانون الانتخابات لن يفتح باكراً، بالنظر إلى أن المجلس الحالي «لا يزال في بداية ولايته» البالغة أربع سنوات.