IMLebanon

الاقتصاد اللبناني تحت وطأة سيف ذي حدين

في حمأة القلق من تأخر تشكيل الحكومة، تعتبر أوساط الهيئات الاقتصادية أن الأزمة الاقتصادية القائمة والضائقة التي تشد الخناق على مفاصل الدولة وميزانيّتها، تعود إلى “إقرار سلسلة الرتب والرواتب على عجل وتحت الضغط والمزايدة السياسية عشية الانتخابات النيابية”، مذكّرة بأن “الخطوة تركت تداعيات على الوضع الاقتصادي خصوصاً أن السلسلة تجاوزت الأرقام المقدَّرة لها، استفاد منها النواب والوزراء وجمهور المتقاعدين، بما عكس بصمات موجعة على الاقتصاد يصعب على الدولة معالجتها إلا بعد سنوات ومن خلال خطة اقتصادية تعتمد على ترشيق الموازنة وترشيد الإنفاق وضبط الهدر وإعادة النظر في الإنفاق العام بعدما تبيّن أن هناك هدراً كبيراً في الإدارة العامة التي باتت تحتاج إلى إعادة النظر من خلال إعداد مسح شامل بأعداد  الموظفين والاستعانة بشركات متخصصة لإعادة تكوين الإدارة المطلوبة، كي لا تبقى مصدر تنفيعات ومحسوبيات لأغراض انتخابية بحتة، والعمل على إحياء دور مجلس الخدمة وهيئة التفتيش والرقابة لمنع تجاوز القوانين تحت أي عنوان أو اعتبار”.

وسبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة عندما سئل عن رأيه في إقرار السلسلة، أجاب بضرورة تقسيمها على ثلاث سنوات يمكن عندها للبنان أن يستوعب كلفة السلسلة من جهة ويتحقق مطلب الموظفين من دون إرهاق الخزينة العامة كما هو الحال الآن، “إذ بات الأمر يتطلب إجراءات جريئة وشديدة لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية التي يتخبّط بها” على حدّ تعبير الأوساط.

مستشار “التيار الوطني الحرّ” للشؤون الاقتصادية الخبير المالي والاقتصادي شربل قرداحي أوضح في حديث لـ”المركزية”، أن الاقتصاد الوطني “يعيش تحت وطأة سيف ذي حدّين: الأول التكلفة المرتفعة للنفقات الحكومية ومن ضمنها الرواتب والأجور في الإدارات العامة والأسلاك القضائية والعسكرية والتعليمية، والثاني تأثيرات الفوائد المرتفعة على الدين العام، من هنا إن تحميل سلسلة الرتب والرواتب وحدها مسؤولية الانكماش الراهن، يبقى في إطار نظرة مجتزأة.

وتابع: ما بين التكلفة المرتفعة لرواتب الموظفين في القطاع العام من جهة، والفوائد المرتفعة على الدين العام من جهة أخرى، يرزح الاقتصاد اللبناني تحت أعباءٍ مضنية تتطلب الإسراع في المعالجة، كون هذين العاملين يشكّلان السببين الرئيسيين للوضع الاقتصادي القائم.

ولم يغفل الإشارة إلى أن “السلسلة شكّلت عبئاً إضافياً على الخزينة العامة”، لكنه لفت من الناحية الماكرو إقتصادية، إلى أن “السلسلة سمحت باستقرار الاستهلاك في موازاة ارتفاع الفوائد، لذلك لم تكن السلسلة السبب الوحيد للعبء الاقتصادي القائم، إنما جزء منه”.

وشدد قرداحي على ضرورة الحدّ من ارتفاع الفوائد، تجنّباً لزيادة الانكماش، بل بات من الملحّ حالياً العمل على خفض الفوائد بين الحكومة والبنك المركزي “.