IMLebanon

“أبو عمر” فتى في الـ 15 يعيل عائلته ولا يريد العودة إلى سوريا

كتب خلدون زين الدين في صحيفة “الشرق الأوسط”:

يبدأ «أبو عمر» يومه مع صلاة الفجر. لا مجال عنده لأي تردد أو كسل أمام مهام تكبر سنه. هو لم يتجاوز الخمس عشرة سنة. أبعدته ظروف الحروب في سوريا عن مقاعد الدراسة. فرقته عن أبناء جيله وعن أولوياته الطفولية وهواياته.
نزح «أبو عمر» إلى لبنان، ليبدأ وعائلته قصة معاناة يومية مع توزيع عبوات المياه على المحال التجارية الصغيرة في البقاع اللبناني. دراجته النارية التعِبَة رفيقة يومياته وكثير مهامه. لا ينسى أخواته رغم كل شيء. أربع جميلات بعمر الورد يذهبن إلى المدرسة و«الرجل» الصغير يُعينهن مادياً.
يلقبونه «أبو عمر» لتحمله مسؤوليات رب أسرة وهو الأصغر بين أفرادها. أبوه أصيب في سوريا بقدمه ويعجز عن العمل، ووالدته تهتم بشؤون المنزل ذي النوافذ المكسوة بقطع النايلون ليس إلا. نسأل العائلة هذه: ما قولكم في العودة الطوعية؟ فيأتي الجواب: «لا ضمانات أمنية كافية». يأبى الوالد الإدلاء بتوضيحات. لا هو مع النظام ولا مع معارضيه. لا هو مع العودة ولا مع البقاء في لبنان. تتشابه حاله وحال من قد لا يكترثون بالعودة «في الظروف الراهنة»… إنما لا يشكلون هم كل الصورة. ففي الوجه الآخر للمعاناة، الألوف ممن عادوا وآخرون كثر يتطلعون لملامسة تراب الوطن، كما يقول من التقتهم «الشرق الأوسط».
«خالد» ابن الثلاثين ربيعا، قَدِمَ إلى لبنان مذ بدأت الأزمة السورية، «كوتني الحرب وأنا بعيد من نارها – يقول – أذلتنا يوميات البحث عن عمل نحن المتعلمين. أذلتنا أسعار الإيجار خصوصا في المدن، لا تحمينا إلا سماء بلادنا، وأنا وعائلتي عائدون اليوم».
بجانب خالد تقف «أم داليا» في أحد مراكز الأمن العام المخصصة للتجمع تمهيدا للعودة. السيدة الستينية تستذكر صباحات الشام وطمأنينة سوريا، ومجانية الطبابة والتعليم.
حاليا، يتبع الأمن العام اللبناني آلية لتسهيل عودة النازحين عنوانها الكبير «العودة الطوعية». بمعنى تسهيل عودة أي نازح راغب بالعودة إلى بلاده. ويقول رئيس تحرير مجلة «الأمن العام» العميد منير عقيقي لـ«الشرق الأوسط»: «إن عدد السوريين الذين عادوا إلى بلادهم منذ أن بدأ الأمن العام اللبناني في تنفيذ برنامج العودة الطوعية، أي منذ شهر حزيران الفائت حتى الآن، تخطى الثمانين ألفا من المجموع العام للسوريين الذين يبلغ تعدادهم نحو مليون و400 ألف نازح».