IMLebanon

بعد حلّ العقد الشكلية: الحياد والنأي تحت المجهر الدولي

في وقت ارتفعت أسهم إبصار الحكومة النور في شكل قياسي في الساعات الماضية، مسجلة منسوبا يكاد يكون الأعلى منذ أشهر، وفي حين ذهبت أوساط سياسية متفائلة الى حد التبشير بولادة قبل الميلاد او بين “العيدين” على أبعد تقدير “ما لم يطرأ طارئ”، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” إن الاتصالات تركّز حاليا على العقد “الشكلية” المتعلقة بحجم وطريقة تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة، الا ان لا بد أن تنتقل بعد الاتفاق على هذه النقطة، الى النّظر في الحكومة من حيث “المضمون”، لناحية الاتفاق على خياراتها السياسية الكبرى المحلية منها والخارجية.

واذ تشير الى ان هذه المسألة ليست غائبة عن بال المعنيين بالتشكيل، وقد تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل مرارا في الأشهر الماضية عن ضرورة الاتفاق السياسي على مشاريع الحكومة وعلى اهمية ان تكون متجانسة لا حلبة صراع بين أقطابها، تقول المصادر ان ثمة نقاطا تلتقي عندها الاطراف السياسية كلّها ومنها أولوية معالجة الواقع الاقتصادي وأهمية اطلاق ورشة الاصلاحات للفوز بالمساعدات والدعم المادي والمالي الدولي الذي وعدت به بيروت في مؤتمر “سيدر”.

ومع انها تلفت الى وجود تباينات بين هذه القوى إزاء الطريق الامثل لتحقيق هذه “الورشة” المطلوبة، تشير المصادر الى ان التضارب الاقوى والاخطر بينها يكمن في مكان آخر، وتحديدا في تحديد موقع لبنان الاستراتيجي وسياساته الخارجية وفي النظرة الى الملفات الاقليمية والدولية.

فسياسة النأي بالنفس تُعدّ في القاموس الدولي، “ألفباء” اي دعم يُمكن ان يصل الى بيروت في الاشهر المقبلة. وعواصم القرار تشدد على ضرورة التزام لبنان، فعلا لا قولا، بهذا المبدأ، فيوقف تدخّلات بعض الاطراف وتحديدا حزب الله، في الحروب التي تمزّق المنطقة ولا سيما سوريا واليمن والعراق، ويوقف ايضا القنص على الدول الخليجية والعربية. كما من الملح ايضا ان يتقيّد لبنان في شكل لا لبس فيه، بقرارات الشرعية الدولية وأبرزها الـ1701 والـ1559.

وهنا، يكمن التحدي الاهم. فالفجوة كبيرة بين أهل الحكومة نفسها في مقاربة هذه المسائل: ثمة فريق يصر على فصل لبنان عن نزاعات الاقليم ككل وعن النيران السورية، ويفضّل الابتعاد عن اي تعاطٍ مع دمشق قبل الحل السياسي هناك. أما طرف آخر، فيصرّ على مواصلة القتال في سوريا الى ان يرى ان الحاجة لوجود عناصره فيها انتفت، وهو يدفع في اتجاه تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق وفتح قنوات التنسيق والتعاون بين الدولتين سياسيا واقتصاديا، حتى انه يعتبر ان من الواجب دعوة الرئيس السوري بشار الاسد الى القمة التنموية العربية التي يستضيفها لبنان الشهر المقبل، وهو سيزداد تصلّبا في هذا التوجه غداة الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير الى سوريا في الساعات الماضية. كما ان مجلس الوزراء ينقسم ايضا في مقاربة سلاح حزب الله ودوره في مواجهة اسرائيل وفي تحرير ما بقي من الاراضي اللبنانية محتلا.

وبحسب المصادر، يفترض ان يعلن لبنان في بيان حكومته الوزاري، التزامه الحياد والنأي ووقوفه تحت سقف الشرعية الدولية، والفذلكات اللغوية كثيرة وكفيلة بايجاد صيغة للتطرق الى سلاح الحزب… لكن هل يكون هذا “الهروب الى الامام” والعودة الى سياسة “وضع الملفات الخلاقية جانبا”، كافيا لارضاء الدول المانحة أولا، وتأمين انتاجية مجلس الوزراء، ثانيا؟ أم تكون قنبلة موقوتة قادرة على اطاحة الحكومة في اي لحظة؟ للبحث صلة…