IMLebanon

هل تضرب التناقضات المارونية “جَمعة بكركي”؟

يستكمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي نداءات التشكيل و”عظات القداديس” بدعوة القادة الموارنة ورؤساء الاحزاب المسيحية الى “جَمعة مارونية”، يُفترض ان تُعقد مبدئياً الاربعاء المقبل، قبل ان يبدأ زيارة راعوية الى الولايات المتحدة الاميركية في 21 الحالي، تستمر لاكثر من اسبوعين يلتقي فيها ابناء الجالية ومسؤولين في الادارة الاميركية.

وتنطلق مبادرة بكركي  كما تقول مصادر معينة لـ”المركزية”، في “تشريح” ازمة تشكيل الحكومة تكاد تدخل شهرها التاسع ووضعها على طاولة مارونية جامعة يرأسها البطريرك الراعي، من استشعارها للخطر الداهم الآتي على النظام السياسي الذي ثبّت اتّفاق الطائف توازناته الدقيقة، وذلك من بوّابة ازمات داخلية عدة منها تشكيل الحكومات، حيث تأتي الفتاوى و”الاجتهادات” السياسية لتأخذ مكان الدستور والقوانين المرعية الاجراء، وما البيان “اللافت” للمطارنة الموارنة اثر اجتماعهم منذ يومين واشارته الى “سوابق وفتاوى” تستبدل العلاجات الموضعية بالعلاج الأساسي، وممارسات آخذة بتحوير الخصوصية اللبنانية التي يكرسها الدستور والميثاق الوطني، الا الدليل الى ان مبادرة الصرح البطريركي ابعد من مسألة تفصيل التشكيل لتلامس هواجس من انقلاب تدريجي على الطائف.

وعلى اهمية خطوة بكركي التي تندرج في سياق دورها الوطني الحارس للنموذج اللبناني التعددي القائم على العيش المشترك، وتضع الاصبع على الجرح النازف كما تؤكد اوساطها، الا انها تأتي وفق المصادر على وقع تباعد بين اهل البيت الماروني حول الازمة الحكومية ومسبباتها. فـ”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” افترقا عند استحقاق توزيع الحقائب وتحديد حجمها وكان “تفاهم معراب” الضحية. وتعتبر معراب ان الوزير جبران باسيل و”معاييره” احد اسباب تدهور علاقتهما ومن معرقلي الولادة الحكومية.

والامر نفسه بالنسبة لسوء العلاقة بين “التيار” و”المردة” الذي يتّهم باسيل بتعطيل الحكومة لغاية في نفس “الثلث المعطّل”. اما “الكتائب” فقد اهتزّ تحالفها التاريخي مع “القوات” نتيجة “تفاهم معراب” الذي تعتبره “تفاهماً ظرفياً” قائماً على المصالح، وعارضت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية انسجاماً مع رفضها للتسوية الرئاسية، وتعتبر ان المحاصصة تحول دون ولادة الحكومة حتى الان.

ولا يُمكن ان نُسقط من سلّم حسابات نجاح او تعثّر خطوة بكركي الملف الرئاسي واستحقاق انتخابات الرئاسة في 2022، اذ ان رؤساء الاحزاب المسيحية-المارونية المدعوين الى طاولة الراعي بحسب المصادر هم مرشّحون دائمون للرئاسة او على الاقل طامحون. واشارت قوى سياسية عدة الى ان “عفاريت” استحقاق رئاسة الجمهورية تقف وراء استمرار ازمة تشكيل الحكومة، وان السباق الى قصر بعبدا انطلق من نقطة التأليف، وهو ما اكده وزير الداخلية نهاد المشنوق من على منبر بكركي منذ اسبوع.

على اي حال، لا شك ان “جَمعة بكركي” ستُحرّك الجمود الداخلي المُسيطّر على البلد الذي عجزت المبادرات السياسية القائمة عن خرقه، وستُعطي للرأي العام اللبناني عامة والمسيحي-الماروني خصوصاً صورة جامعة للقادة السياسيين المتباعدين (اذا كان الحضور من الصف الاول)، كما انها ستُشكّل مناسبة لاول لقاء مباشر بين باسيل ورئيس “القوات” سمير جعجع منذ افتراقهما بعد “فرط” تفاهم معراب بضربة حكومية قاضية، وباسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية المتباعدين منذ ما قبل التسوية الرئاسية.