IMLebanon

في زمن المواجهة الدولية المفتوحة… النأي بالنفس خلاص لبنان

يتأكد يوما بعد يوم أن لبنان يتراقص فعلا على صفائح المنطقة اللاهبة بنار التغييرات المنتظرة في المنطقة. إنه على الأقل الانطباع الذي يمكن استنتاجه من المواقف ذات السقوف المرتفعة جدا التي أدلى بها مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل عقب لقائه المسؤولين اللبنانيين. وإذا كان إعلان الولايات المتحدة عزمها على وضع حد للنفوذ الايراني في المنطقة أمرا ليس بجديد، ويندرج في سياق السياسة الأميركية المعهودة في الشرق الأوسط، فإنه يحمل في طياته دعوة “عاجلة” للبنان إلى تبني سياسة النأي بالنفس عن صراعات المحاور الاقليمية التي يتوقع كثيرون أن تزيدها حدة الموجة الجديدة من العقوبات على ايران في المرحلة المقبلة.

إنطلاقا من هذه الصورة، تقرأ أوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” بين سطور زيارة هيل الأخيرة إلى بيروت دعوة إلى العودة إلى تطبيق مندرجات إعلان بعبدا الذي أقرته طاولة الحوار التي عقدت بدعوة من الرئيس ميشال سليمان، والذي كان حزب الله رأس حربة معارضيه، نظرا إلى إعداده العدة آنذاك للانخراط العسكري العلني في الصراع السوري، في إطار الجهود الايرانية الرامية إلى ضخ الحياة في عروق نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قبل أن تبادر روسيا إلى تنفيذ هذه المهمة.

وفي هذا الاطار، تنبه المصادر نفسها إلى أن لا شيء في الصورة الاقليمية والدولية يشي بأن واشنطن، وتحديدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وارد التراجع عن سياسته هذه، وهو ما يؤكده بعض المقربين من الشخصيات التي التقاها هيل في بيروت، بدليل أن البعض يخشى أن تكون الاستجابة لمطلب حزب الله المتعلق بنيله وزارة الصحة مقدمة لاشتباك سياسي مع المجتمع الدولي، قد لا يكون لبنان جاهزا لتحمل تبعاته، وخصوصا على المستوى الاقتصادي.

أمام هذا المشهد العابق بالسلبية، تنبه المصادر إلى عدم جواز الفصل بين تطورات المنطقة، التي أعطت جولة هيل، إشارة واضحة إلى مسارها في المرحلة المقبلة، وضرورة تأليف الحكومة في أقرب الآجال. غير أن هيل لم يفوت فرصة التنبيه إلى أن المجتمع الدولي يراقب المفاوضات الحكومية عن كثب لأنه مهتم بـ “نوعية” الحكومة التي سينتهي إليها هذا المسار، فيما اعتبره بعض العارفين بشؤون السياسة المحلية رسالة إلى الرئيس المكلف سعد الحريري، تدعوه فيها واشنطن إلى عدم الرضوخ لشروط حزب الله الساعي إلى “تفصيل” حكومة “على قياسه”، تتيح له تعزيز إحكام قبضته على البلاد.

غير أن الضاحية تبدو ماضية بلا هوادة في المواجهة المفتوحة مع ركني التسوية الرئاسية، بدليل الاستمرار في تأييد مطلب توزير سنة 8 آذار، ومنع الفريق الدائر في الفلك الرئاسي من نيل الثلث المعطل، وهو ما أعلن عنه بوضوح أهم حلفاء حزب الله المحليين على الاطلاق، زعيم تيار المردة سليمان فرنجية أمام أقرانه من القادة الموارنة في الصرح البطريركي في بكركي، في معرض الرد على مداخلة الوزير جبران باسيل.

وفي الانتظار، تختم المصادر داعية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى وضع حد لـ “الفيلم الحكومي الطويل” والضغط في اتجاه تطبيق النأي بالنفس، والدفع نحو وضع استراتيجية وطنية للدفاع تحصر السلاح في يد القوى الشرعية دون سواها.