IMLebanon

ديبلوماسي روسي يُهاجم هيل… ماذا قال؟

كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:

بينما لا يزال لبنان يتخبّط في أزمته الحكومية وتداعياتها الاقتصادية والسياسية مع ما يسبّبه ذلك من تراجعٍ لمعدّلات المناعة الداخلية، ترتفع في الوقت نفسه حرارة أكثر من ملف إقليمي، سواءٌ في ما يتعلق بالاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على سوريا ضمن فصول المواجهة مع إيران و«حزب الله»، أو في ما يتعلق بالأخذ والرد حول عودة دمشق الى الجامعة العربية. وعليه، اين تقف روسيا التي هي «مايسترو» الساحة السورية من هذا «الغليان الإقليمي» ومفاعيله اللبنانية؟ وكيف تنظر الى تطورات الميدان السوري ومحتوى زيارة ديفيد هيل الى بيروت؟

تملك موسكو مقاربة واضحة للاحداث، وللخيارات المفترض اعتمادها، لكنها تختار دائماً أن تتصرف على طريقتها ووفق «مدرستها»، تاركة الضجيج للادارة الاميركية والتأثير للدبّ الروسي الذي يجيد الإنقضاض على فريسته، في اللحظة المناسبة.

ويقول ديبلوماسي روسي رفيع المستوى، لـ«الجمهورية» إنّ اسرائيل تحاول من خلال تكثيف غاراتها على سوريا أخيراً أن تفرض إرادتها ومعادلاتها على الوضع، في سياق النزاع بينها وبين محور المقاومة، ملاحظاً أنّ اسرائيل عمدت الى تصعيد وتيرة استهدافها للوجود الايراني في سوريا بعد القرار الاميركي بالانسحاب من هناك، «أما الى أين يمكن ان يصل هذا الضغط المتزايد، وهل هو قابل للتدحرج نحو مواجهة واسعة، فهذا متوقف على طبيعة التطورات في المرحلة المقبلة، علماً أننا نريد أن نتجنّب وقوع ايّ صدام واسع، وقد سبق لنا أن بذلنا جهداً لترتيب الامور على الجبهة الجنوبية – الغربية بطريقة تتوافق مع مصالح الجميع».

وإزاء التصعيد الإسرائيلي ضد الحضور الايراني على الاراضي السورية، يؤكد الديبلوماسي الروسي أنّ الوجود الايراني يندرج في سياق الحق السيادي لسوريا، «ونحن لا نتدخل في هذا الامر»، لافتاً الى «أنّ الطرف الآخر يحاول أن يزرع الشكوك بين الحلفاء، خصوصاً بين موسكو وطهران، لكن لا يوجد شيء من هذا القبيل عملياً».

ويلاحظ الديبلوماسي الروسي «أنّ الطرف الآخر يحاول التركيز على وجود تباينات روسية – ايرانية بالترافق مع التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر وارسو الذي يهدف الى تأسيس جبهة معادية لطهران»، مشيراً الى أنّ فكرته أميركية المنشأ، «ونحن نرفض كلياً الفكرة والاجتماع والحضور، لأننا نعتبره مؤتمراً معادياً».

ويشير الديبلوماسي الروسي الى أنّ هناك حراكاً لكل القوى الموجودة في الميدان السوري والجوار لتحسين مواقعها وشروطها، مشدداً على انّ الاستراتيجية الروسية في سوريا خلال هذه المرحلة تستند الى الركائز الآتية: القضاء على الارهاب، تحسين الأوضاع الانسانية، الإعمار وإعادة النازحين، الدفع نحو تحقيق تسوية سياسية.

ويؤكد الدبلوماسي الروسي ضرورة وصول الجيش السوري الى الحدود مع تركيا، موضحاً انّ تواصلاً يتمّ بين الجهات الموجودة شرق الفرات لهذا الغرض.
وهل تدعم موسكو عودة سوريا الى الجامعة العربية بعد التجاذب الذي رافق غيابها عن القمة الاقتصادية في بيروت؟

يجيب الدبلوماسي الروسي،الرفيع المستوى مؤكداً انّ موسكو عارضت منذ البداية قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا فيها «وبالتالي نعتبر ان من الضروري ومن الطبيعي، ان تستعيد دمشق مقعدها في الجامعة».

ولا يكتفي المصدر الروسي بهذا الموقف، بل هو يرفع السقف الى حدّ التشديد على انه «لا يجوز للعرب أن يناقشوا مسألة عودة سوريا الى الجامعة العربية من زاوية العفو عنها او فرض الشروط عليها، إذ إنّ دمشق المنتصرة في الحرب ضد الارهاب هي المعنية بأن تحدّد ما هو المطلوب من الدول العربية التي علّقت عضويتها وليس العكس، وأيّ قرار لتصحيح الخلل يجب أن يُتخذ بطريقة ترضي سوريا».

ويتفادى المصدر الديبلوماسي الروسي الدخول في متاهات السجال الداخلي اللبناني حول مستقبل العلاقة مع سوريا، موجِّهاً انتقادات حادة الى سلوك وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل خلال زيارته الاخيرة للبنان، قائلاً: «إنّ مواقف هيل كانت غير معقولة، وهي انطوت على تدخّل سافر في الشؤون اللبنانية، سواءٌ لجهة التحريض على «حزب الله» أو لجهة التشجيع على تفعيل حكومة تصريف الاعمال والإشارة الى أنّ نوع الحكومة المقبلة يهم واشنطن. من جهتنا لا نريد أن نتصرف مثله، وبالتالي نرفض ممارسة ايّ ضغط على هذا الطرف او ذاك في ما خصّ مسار العلاقة مع سوريا. اننا نحترم خصوصية اللبنانيين ونترك لهم أن يتخذوا القرار المناسب».

ويرى الديبلوماسي الروسي أن مشاركة أمير قطر في قمة بيروت جيدة، وتعكس تمايز سياسات الدوحة، متمنّياً لو كان هناك حضور أكبر للقادة العرب في تلك القمة، ولافتاً الى «أن التصريحات الرسمية الاميركية في اكثر من مناسبة توحي أن ضغوطاً مورست على بعضهم لدفعهم الى الامتناع عن الحضور».

اما بالنسبة الى ملف تشكيل الحكومة، فإن الدبلوماسي الروسي يتجنب «التورّط» في ايّ موقف قد يوحي بالانزلاق الى تفاصيل داخلية لبنانية، مكتفياً بالتشديد على ان المطلوب «حلّ وسط» يسمح بتشكيل الحكومة، على قاعدة تنازلات متبادلة بين كل القوى السياسية لمصلحة الوفاق.