IMLebanon

أخرجوهم … فنخرج من النفق (بقلم بسام أبو زيد)

يعاني التعاطي مع الوضع المالي في لبنان من مشكلتين أساسيين، الأولى أن ثمة تضاربا في كيفية معالجة وضع الخزينة وفي كيفية الحفاظ على ثبات سعر صرف الليرة، والثانية هي عدم مصارحة اللبنانيين بحقيقة هذا الوضع وإظهار العمليات الترقيعية والتجميلية وكأنها إنجازات على الطريق الصحيح.

لقد بات واضحا أن المواطن هو الذي دفع وسيدفع ثمن كل التدهور مالي على كل الصعد، وهو أيضا سيدفع ثمن ما يعرف بإصلاحات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

في وضع الخزينة العامة يعيش المواطن العامل في الدولة والمتقاعد هاجس ان تتوقف وزارة المال عن دفع الرواتب والأجور رغم التطمينات التي تأتي من كل حدب وصوب. ويعيش هؤلاء أيضا هاجس اقتطاع الكثير من التقديمات والامتيازات المعطاة لهم، كما يعيشون هاجس ما يعرف بترشيق القطاع العام ما يعني أن بعضهم سيخرج من نعيم الدولة ولو أعطيت له الحوافز، علما ان خطوة كهذه تحتاج إلى وفر مالي في الخزينة لأن الحوافز يجب أن تكون مغرية في البداية، ويجب أن تكون قيمتها المالية متوفرة لجميع الراغبين بالمغادرة وهذا ما هو غير متوفر حاليا.

في سعر صرف الليرة يعيش معظم اللبنانيين هاجس ارتفاع سعر صرف الدولار، ففي عملية كهذه خسارة كبيرة ستطال المدخرين بالليرة اللبنانية ولا سيما صغار المدخرين، وسيكون هؤلاء في سباق مع ما تبقى لهم من أموال من أجل تحويلها إلى الدولار كي لا يخسروا المزيد من قيمتها، كما أن معظم اللبنانيين سيعانون من ارتفاع أسعار السلع وخدمات متعددة ما سيؤدي إلى انخفاض مستوى العيش وارتفاع معدلات الفقر.

وكي لا نصل إلى كل هذه الأوضاع السلبية يرتفع بين المسؤولين شعار إصلاح المالية العامة، وهو شعار أثبت حتى اليوم أنه فارغ من أي نية لتطبيق تدابير جدية لا تكون على حساب المواطن، فباب الهدر الأول هو في قطاع الكهرباء ويبدو أن العجز عن إصلاح هذا القطاع مستمر ليس لعدم توافر القدرة، بل لعدم توافر النية والقرار. فالمستفيدون من انهيار هذا القطاع كثر وأقوياء ويمسكون بمفاصل أساسية في آلية اتخاذ القرار، حماية لمن يجنون مليارات الدولارات لمصلحة كارتيلات المحروقات والكهرباء التي ربما نعرف أين تبدأ ولكن لا نعرف أين تنتهي.

وإزاء هذا الواقع تبدو الطريق الأسهل عند “الإصلاحيين” هي مد أيديهم إلى جيوب المواطنين لسرعة تحصيل الموارد للخزينة، وفي هذا المجال يجري الحديث عن فرض ضريبة ٥ آلاف ليرة على صفيحة البنزين وعن زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة، وكل ذلك تحت عنوان واحد بدأ يتردد منذ فترة وهو “تدابير مؤلمة لإنقاذ الوضع”.

لو كانت هذه التدابير المؤلمة ستنقذ الوضع بالفعل لاستجاب لها المواطن اللبناني، لكن كيف يستجيب وكيف يقبل وهو مدرك أن من أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه لا يمكنهم ان يقوموا بأي إصلاحات، فالإصلاح الأول والضروري هو إخراج هؤلاء من السلطة عندها تبدأ رحلة الالف ميل للخروج من النفق المظلم.