IMLebanon

ماذا بعد عدم تجاوب إيران مع فرنسا؟

كانت فرنسا تحاول لعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة الاميركية من جهة وإيران من جهة أخرى، منذ اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخروج من الاتفاق النووي في ايار الماضي. الا ان مساعي باريس يبدو بلغت حائطا مسدودا بفعل اصرار طهران على مواصلة تصعيدها العسكري والسياسي في الشرق الاوسط، وبسبب مضيها قدما في تطوير صواريخها البالستية ايضا، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.

وفي وقت حاولت باريس اكثر من مرة في الاشهر الماضية نُصح “الجمهورية الاسلامية” بالتهدئة ووقف تطوير برنامجها الصاروخي، بما يسمح للإليزيه بالاستمرار في وساطته فيُنقذ “الاتفاق النووي”، لم تتجاوب ايران، حتى انها رفعت نبرتها أكثر على غير صعيد، وكان آخر مظاهر التصعيد هذا، الاثنين، حيث نقل التلفزيون الإيراني عن البريجادير جنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري قوله إن استراتيجية إيران هي محو “النظام الصهيوني” من على الخريطة السياسية. وقال سلامي: “نعلن أن إذا اتخذت إسرائيل أي إجراء لشن حرب ضدنا، فسيؤدي بالتأكيد إلى القضاء عليها وتحرير الأراضي المحتلة”.

وأمام التصلب الايراني، يبدو ان باريس ستكون مرغمة على الخروج من مربّع الـ”وسيط” المحاوِل بالدبلوماسية “الناعمة”، تليين اداء ايران، لاستبدال هذا النهج بآخر أكثر صرامة. وفي السياق، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في الايام الماضية، عن استعداد باريس لفرض عقوبات صارمة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي الباليستي. وأكد أن باريس مستعدة لفرض حزمة جديدة من العقوبات على طهران في حال عدم إحراز تقدم في المفاوضات بشأن برنامج طهران الصاروخي الباليستي. ولفت الى ان فرنسا لديها مطلبين، هما أن تتخلى إيران عن إنتاج الصواريخ، وأن تتوقف عن تسليمها إلى بعض الفصائل المسلحة في الشرق الأوسط وإلى “الحوثيين” في اليمن، مشيرا الى ان “إيران يجب أن تكف عن الأنشطة التي تزعزع الاستقرار في مجمل المنطقة”. وقال: “باريس ستكون حازمة جدا، خصوصا في ما يتعلق بإرسال أسلحة من إيران إلى الجناح المسلح لـ”حزب الله” اللبناني”.

الرد الايراني لم يتأخر، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن البرنامج الصاروخي الإيراني غير قابل للتفاوض، وإن طهران ستواصل تطويره بحسب احتياجاتها الدفاعية، لافتة الى ان “ايران أبلغت الجانب الفرنسي بذلك في المحادثات المتواصلة بينهما”. وهدد قاسمي بأنّ طهران ستعيد النظر في تعاملها مع الدول الأوربية، في حال فرض أي عقوبات جديدة.

ووسط هذه الاجواء المتشنجة، يأتي “مؤتمر وارسو” الذي دعت اليه الولايات المتحدة لتنسيق الجهود لدولية لمحاربة ايران. وبعد ان كانت اوروبا تقاربه بفتور، ولا تحبّذ خيار التصعيد ضد طهران، يبدو ان الاداء الايراني سيدفعها الى السير بالركب الاميركي للمواجهة، ولو ان القارة العجوز ستحاول ابقاء هذه المواجهة “مضبوطة” تحت سقف معيّن.  وتتوقع المصادر ان يتبلور موقف دولي ضد ايران في هذا المؤتمر، مشيرة الى ان سيكون على طهران ان تبادر الى خطوات عملية فعلية “ايجابية”، في سوريا واليمن والعراق ولبنان، للتخفيف من العقوبات التي ستفرض عليها ومن موجة الاستهداف الآتية نحوها عبر اجراءات قد تتبين طبيعتها خلال المؤتمر العتيد.