IMLebanon

عوامل “صفراء” و”برتقالية” تحول دون تشكيل الحكومة

رغم الحركة الجارية على خط تشكيل الحكومة والتي تكثّفت نهاية الاسبوع الماضي في العاصمة الفرنسية، ويُفترض ان تستكمل في الساعات المقبلة في بيروت مع عودة كل من الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع اليها، لا ترى مصادر سياسية مراقبة نورا وشيكا في نهاية النفق الذي تتخبط داخله عربة التأليف منذ ايار الماضي.

ففي رأيها، التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة منذ ما قبل نهاية العام الماضي لا تزال تأسر الحكومة وستقود مساعي الرئيس المكلف لكسر المراوحة الى حائط مسدود. والحال ان الاخير انطلق في مبادرته من رهانٍ على إمكان فصل اللعبة المحلية عن المستجدات الخارجية، وبالتالي فصلها عن تداعياتها قبيل مؤتمر وارسو (الذي سيبحث في 13 و14 شباط المقبل عن سبل عملية لمواجهة إيران في الشرق الاوسط)، الا ان رهانه يبدو سيخيب، مع اصرار قوى فاعلة في لبنان على إبقائه ساحة من ساحات الكباش المستعر في الاقليم.

وأبرز دليل الى هذا الربط، بحسب ما تقول المصادر لـ”المركزية”، تمثّل في المقابلة الاخيرة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء السبت. فهي خُصصت بمعظمها للشأن الاقليمي، وأسهب فيها في الحديث عن اليمن وسوريا والعراق، متوقفا مطولا عند مخططات “الحزب” لمحاربة اسرائيل، غير ان الرجل، في المقابل، لم يتطرق الى الوضع المحلي الا في ربع الساعة الاخير من المقابلة. وفي كلماته القليلة، لم يشر نصرالله الى اي خطوات حقيقية ستساعد في دفع عملية التشكيل قدما، مكتفيا بالحديث عن “جهود جدّية” مبذولة الآن على خط التأليف، آملا ان تسفر عن اتفاق على التشكيلة الوزارية التي قال إن ما يعوق ولادتها موضوعي تمثيل “اللقاء التشاوري” السنّي، وتبديل بعض الحقائب.

وهنا، تضيف المصادر، كان يمكن لنصرالله ان يعلن انه في صدد اتصالات مع “اللقاء” – الذي يُعد “حزب الله” عرابه السياسي وأبرز داعميه – لتليين موقفه من مسألة تمثيله في الحكومة، إلا انه لم يفعل.

وإلى “ثانوية” لبنان على اجندة “حزب الله”، تقول المصادر ان ثمة ايضا عاملا ثانيا يمنع خرق الستاتيكو المحلي، يتمثل في وقوف “التيار الوطني الحر” في موقع سياسي ضبابي، وعدم قدرته حتى الساعة على حسم موقفه. فهو تارة يقترب من محور 8 آذار ويطالب مثلا بالتطبيع مع سوريا وبإعادتها الى الحضن العربي، وطورا يقترب من الرئيس الحريري محاولا ايجاد تفاهمات حكومية معه ومطالبا دول الخليج العربي بتفعيل حضورها ودعمها للبنان. وعلى الارض، تحول هذه “الوسطية البرتقالية” حتى الساعة دون الولادة الحكومية، نظرا الى كون مواقف رئيسه جبران باسيل تغضب هذا الفريق وترضي ذاك لفترة، قبل ان تنعكس الآية!

وبعد سرد هذه المعطيات، تشير المصادر الى ان التعثر الحكومي مرشّح للاستمرار طالما لم ينضج بعد قرار فصل لبنان عن رياح المنطقة. وعليه، سيكون على الحريري، الذي وضع لنفسه نهاية الشهر مهلة قصوى لبت توجهاته، الاختيار بين الاعتكاف والاعتذار وتسليم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تشكيلة “أمر واقع” (فإما يوقّعها او لا) وتفعيل نشاط حكومة تصريف الأعمال. وفي رأيها، الطرح الاخير مرجّح وسط ضغوط دولية فرنسية – أميركية تطالب بتزخيم عمل حكومة “استعادة الثقة” اذا لم يصر الى تأليف حكومة سريعا، وذلك لعدم اضاعة الدعم الخارجي المالي والاقتصادي والعسكري والاستثماري، للبنان وأبرزه أقر في باريس (سيدر) وفي روما وبروكسل، العام الماضي.