IMLebanon

في انتظار ردم هوة الحريري – جنبلاط… الأولوية لـ”سيدر” وسوريا

صحيح أن رئيس الحكومة سعد الحريري كسب رهانه الطويل على الوقت، حتى نجح في تأليف فريق وزاري يطلق ورشة العهد، طبقا لما يريد رئيس الجمهورية ميشال عون. غير أن المناخ الايجابي الذي ضخه النجاح في اتمام مهمة التشكيل على أكمل وجه في الأوساط الشعبية لا ينفي أن الخلافات المبكرة التي عصفت على غفلة خلافات سياسية بين حلفاء الأمس، تنذر بصورة قاتمة توشك الحكومة الحديثة الولادة على تقديمها إلى مواطنيها، وهم الذين علّقوا آمالا كبيرة عليها.

وليس أدلّ إلى ذلك إلا الخلاف الذي استعر بعيد التأليف بين الحليفين التاريخيين، رئيس الحكومة ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وشهدت عليها منصات “تويتر”. وإذا كان من شأن كباش سياسي من هذا النوع أن يثير مخاوف مشروعة إزاء التوازن السياسي داخل الفريق الوزاري الجديد، الذي يعتبر كثيرون أن ميزان القوى فيه مختل لمصلحة “حزب الله” (خصوصا بعدما نجح في تسجيل هدفين ثمينين في مرمى عون والحريري)، فإن أوساطا سياسية متابعة تبدي، عبر “المركزية”، ثقتها في أن الوقت كفيل بردم الهوة التي برزت على خط كليمنصو – بيت الوسط، معطوفا على الجهود التي سارع إلى بذلها سعاة الخير.

وفي محاولة لشرح أسباب الخلاف المستجد بين حليفي الأمس، تعزوه الأوساط إلى تراكمات طويلة في الممارسات السياسية، وفي ذلك إشارة مبطنة إلى الامتعاض الجنبلاطي من خيار الحريري مد عون بجرعة دعم أزرق في غمرة السباق نحو كرسي بعبدا، متخليا عن رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي كان، في لحظة سياسية “زرقاء” نجم التسوية الرئاسية. كل هذا، في وقت لم تكن العلاقة بين جنبلاط والفريق الرئاسي على أحسن ما يرام، بدليل المعارك الشرسة التي خاضها “التيار الوطني الحر” في المعقل الجنبلاطي على المستويين الحكومي والنيابي، مستفيدا من القانون الانتخابي النسبي الذي لم يتوان زعيم المختارة عن الاعتراض عليه في مختلف المناسبات والإطلالات والتغريدات.

وفي انتظار كسب الرهان على الوقت لإصلاح ما أفسدته التسوية والحكومة الجديدة – حتى قبل انطلاق عملها الفعلي – لا تخفي الأوساط خشيتها من أن تتلقى الحكومة الجديدة ضربة قاسية متأتية من النظرة المتناقضة بين مكوناتها إلى طبيعة العلاقات اللبنانية مع النظام السوري، خصوصا أن فريقا حكوميا وازنا يمارس ضغطا في اتجاه إعادة التواصل مع دمشق، تحت ستار ضرورة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم من دون انتظار الحل السياسي.

لكن، إلى جانب هذه المخاوف، تشدد الأوساط نفسها على أن الأولوية في الحكومة الجديدة يجب أن تكون لإصلاح الوضع الاقتصادي الذي بلغ خطوطا حمرا غير مسبوقة، دفعت بالوكالات العالمية إلى تخفيض التصنيف السيادي للبنان، آملا في أن تتفق المكونات الحكومية على أولوية وضع قطار مؤتمر “سيدر” على السكة الصحيحة، وهو ما يراهن عليه الحريري لإنجاح حكومته الثالثة.