IMLebanon

كواليس الجلسة الساخنة بين غبش والمقدّم الحاج

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

على طريقة «عنزة ولو طارت»، عبثاً حاول المقرصن إيلي غبش، المتهم بفبركة ملفات التعامل مع إسرائيل، إقناع هيئة المحكمة العسكرية أمس أنه في استجوابها الاول له بقضية المسرحي زياد عيتاني، في 25 كانون الثاني، لم يكن بصحة جيدة، وانه يريد التعديل في أقواله، ناسياً أنه كان يضحك مرتاحاً في تلك الجلسة إلى حد أثار استغراب ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي رولان الشرتوني، الذي قال: «معقول مدعى عليه بقضية فَبركة ملف التعامل مع إسرائيل وبيضحك بـ إفادتو؟».

منذ الساعة 12:15 حتى 4:45 عصر أمس، واصلت المحكمة العسكرية الدائمة أمس برئاسة العميد حسين عبدالله، يعاونه القاضي المدني حسن شحرور وفي حضور ممثلة النيابة العامة القاضية منى حنقير، استجوابها المقرصن الموقوف إيلي غبش، المتهم باختلاق جرم التعامل مع إسرائيل للمسرحي زياد عيتاني، واستجوبت للمرة الأولى المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج.

في التفاصيل

إفتتح العميد عبدالله الجلسة، ونادى المقدم سوزان الحاج التي مثلت مع وكلائها المحامين: النقيب رشيد درباس، مارك حبيقة وزياد حبيش. وما ان نادى غبش حتى اقترب من القوس وأشار إلى انّ وضعه الصحي لم يكن سوياً في جلسة الاستجواب المنصرمة، وانه يشكو من تشوّه خلقي في القلب، و«ضَغطي بيلعب»، فطلب عبدالله نقله لأخذ ضغطه خارج القاعة واستدعاء الممرض. 10 دقائق من الانتظار، ثم عاد غبش، فسأله القاضي: «كيف كانت بداية أوّل اتصال من المقدّم لك بعد فترة من الانقطاع؟»، وقبل ان ينتهي السؤال، سارع غبش الى القول: «عميد خلّيني خبّرك de A à z، شو صار، هلق مركّز اكتر».

فاستدرك درباس الأمر، قائلاً: «من الاساس لدينا أسئلة نطرحها على الصياغة السابقة، وعودة غبش عن اعترافه يعني انّ العدالة ليست بخير، وانّ هناك ضغطا حقيقيا يتعرض له في مكان توقيفه (في المعلومات)».

ولم يكد ينهي درباس كلمته، حتى قال العميد عبدالله، الذي فرض نفسه منذ اللحظة الاولى مايسترو محترف يضمن حقوق كل من في الدعوى، بنبرة هادئة وحاسمة: «رَح نِفتح باب الاسئلة للكل، رَح نستكمل الاستجواب، كلّو بوقتو». ثم باشر باستجواب غبش، وفق تسلسل زمني لرسائل متبادلة بينه وبين المقدم الحاج عُرضت على شاشة كبيرة على جدران القاعة.

أعاد غبش جزءاً من إفادته السابقة، حاول البحث عن دليل يستند إليه ليبرز أنّ الحاج هي التي كلّفته بفبركة ملف زياد عيتاني، وهذا ما كان قد نفاه في استجوابه الاول، إلّا انّ معظم الأحاديث بينهما أظهرت انّ الحاج حتى اللحظة الاخيرة من توقيف عيتاني، لم تكن تدرك من الموقوف ما إذا كان المسرحي أو ناشر موقع أيوب نيوز.

وتبيّن انّ في زيارة غبش الوحيدة إلى منزل الحاج، وبعدما أبدى انزعاجه من السبب الذي أدى إلى عزلها من موقعها بعد ضغطها «إعجاب» لتغريدة شربل خليل عن المرأة السعودية والسماح لها بالقيادة، هو من استفسَر عن الاشخاص الذين سبّبوا هذه الأذية لها، ثم أكّد لها: «بدّي شوف شو عندن شي مْخَبّا زياد عيتاني والصحافي رضوان مرتضى»، مشيراً إلى انّ الحاج لم تأت على ذكر كلمة عمالة، «منضوي إذا طِلع علين شي مِحرز: مخدرات، دعارة»، على حد تعبير غبش.

وحيال عجز عيتاني عمّا يدين به الحاج، قال عبدالله: «إنسى اذا المقدم حرّضِتك أو لا، وإنسى إذا عرفت وطنّشت أو لا، انت شخصياً شو عملت لعيتاني؟»

فرد غبش: «خلقت حساب وهمي بإسم نيلي أرسلت منه رسالة مشفرة لعيتاني، وربطه بـIP إسرائيلي، وحتى لو رأى الرسالة لن يتمكن من قراءتها».

وأضاف: «إلّا ان عيتاني لم يجب على الرسائل، وعندما اعترف، إعترف باسم شابّة أخرى إسمها كوليت».

وفي أسئلة وكلاء الحاج لغبش، أكّد الاخير «انّ الحاج لم تعرض عليه أي مبلغ مالي، وانه يعمل مخبراً لدى جهاز أمن الدولة، وتقاضى مبلغ مالي 1600 دولار مقابل تقديمه ملف عيتاني، بعدما نَسّق مع إيلي برقاشي وجبران ماسي من أمن الدولة، وهما حَضرا إلى مكتبه حيث يعمل، وبعدما كان فهم من برقاشي انّ عيتاني المسرحي حوله شبهات منذ سنتين».

بعدها، توجّه العميد إلى غبش بالقول: «إنت عندك سابقة بفبركة ملفات التعامل، وعم تتحاكم بدعوى فبركة ملف لإيزاك روحانا، وقلت انك ندمان، هل الندمان بيرجع بيعمل ملف لحدا تاني؟». فرد غبش: «الفرق شاسع بين إيزاك وعيتاني اللي بَعتِلّو رسالة وما فيا شي».

 

ماذا كشفت الحاج؟

رفعت الجلسة لاستراحة 10 دقائق، وعند الثالثة باشَر عبدالله استجواب المقدم الحاج التي مثلت ببذتها العسكرية الرسمية، منطلقاً من نقطة إتصال الاخيرة بغبش في 16/10/2017، وسألها: «شو ذَكّرك فيه؟». فاقتربت الحاج من الميكرو امامها وقالت بنبرة واثقة: «سيدي كل شي قالو غبش كذب وإفتراء».

وبعدما أوضحت طبيعة عمل غبش في مكتب المعلوماتية، وانّ دوره اقتصر على تحديد «هوية أشخاص على الانترنت، وهو يعمل بالمشغل الفني، موظف عادي لفترة معينة».

إنتقلت إلى الحادثة الاساس التي شكلت نقطة مفصلية بمسيرتها المهنية، فقالت: «الكلّ بيعرف، إستجوبوني نتيجة علامة إعجاب وضعتها وأزلتها بعد ثوان على تغريدة عن المرأة السعودية والسماح لها بالقيادة، وَضعها كوميدي».

وتضيف: «عرفتُ أثناء التحقيق معي انّ كتاباً من المخابرات السعودية قد قضى بفصلي وإنزال أشد العقوبات بي، وذلك قبل التحقيق معي ولم أقل ذلك سابقاً حرصاً على مؤسسة قوى الامن الداخلي. لذا، بعد قرار نقلي من منصبي إتصلتُ بالعقيد جهاد بو مراد، وأبلغته برغبتي بالاستقالة من قوى الأمن الداخلي، فنصحني بالتريّث، وكنت أفكّر جدياً بالانتقال للعمل في القطاع الخاص، وإنشاء شركة خاصة تعنى بأمن المعلومات والمواقع الالكترونية Cyber insurance».

وتتابع: «لذا، تواصلتُ مع غبش لمعرفة مدى إمكانية انتقاله للعمل معي، وهو كان من بين مجموعة من المهندسين والخبراء الذين تواصلت معهم، وهذا الأمر يظهر في مراسلاتي التي قدمتها للمحكمة عن بريدي الإلكتروني».

وأكّدت الحاج انّ غبش هو مَن فاتحها بموضوع عيتاني خلال زيارته الوحيدة لها: «زارني من أجل أن يطلعني على أي خدمة سيقدمها خلال عمله معي بشركتي، وعندما كنت أودّعه عند باب المنزل سألني: هل يعقل أن يستهدفوك؟ إشارة منه إلى الصحافي زياد عيتاني والصحافي رضوان مرتضى، فأجبته: قد يكون الأمر قضاء وقدراً، وقد يكون هناك من يتربّص بي. فقال لي: يمكنني أن أتحرّى عنهما من خلال عملي. عندها، أرسلتُ له صوراً عن غوغل لزياد عيتاني ورضوان مرتضى. وقلت له: «شوف إذا عليهن شي».

وأضافت: «حتى انّه قال لي قد يتحدث عنّي بالسوء امام عيتاني ومرتضى لاستدراجهما ومعرفة ما سيقولانه عني (المقدم)».

وفنّدت الحاج بالتفصيل النقاط التي سألها عنها العميد، مؤكدة بالدلائل كيف انّ غبش حاول الايقاع بها، وبعدما انقطع التواصل بينهما مدة 8 أيام، من 2/11/2017 حتى 10/11/2017، عاد ليحدثها عن زياد عيتاني عمداً، فقالت: «بحسب المستند الفني لفرع المعلومات، في هذا اليوم خَلقَ غبش حساب نلّي، وفي هذا اليوم تواصَلَ مع أمن الدولة وتم الاتفاق على ان يتقاضى مبلغ 4 آلاف دولار مقابل ملف عيتاني وخفّض إلى 1600 دولار. واتصل غبش بي في 13/11/2017 ليخبرني انّ لديه مشروعاً وانه بحاجة لاستشارتي، وانّ هناك شبهات من أمن الدولة حول عيتاني».

وأضافت: «أنا لم اسأل يوماً عن زياد عيتاني، وربما حاول هو إطلاعي على ذلك لتبييض الوجه، وربما للاستفادة المادية. أنا لم أهتم بالأمر بدليل أنني لم أحاول معرفة من هو زياد عيتاني سواء المسرحي أو المقرّب من ريفي. في كل مرة حاولت «أَردِف» غبش، والدليل انّ فويسات لم أسمعها ورسائل لم أجب عليها، والمواعيد التي كان يطلبها لم أكن مُستعجلة في تحديد موعدها».

وسألت: «لو فرضنا انني كنت أقصد الإيقاع بمَن تسبّب بأذيتي، وهو زياد عيتاني ناشِر موقع «أيوب نيوز» والمقرّب من ريفي، فلماذا أذهب لتركيب ملف يَطال زياد عيتاني المسرحي؟».

«لو فعلاً تريد الأذية»

وقبل رفع الجلسة، دَوّى سؤال العميد إلى غبش: «طالما انّ أمن الدولة طلبوا منك تزويدهم ما يتوافر لديك من معلومات عن زياد عيتاني الملاحق منذ سنتين، لماذا إقحام المقدّم؟». فردّ غبش: «هم يتابعون كل البلد».

فقاطعه العميد بتأسف: «أنتَ تستسهل موضوع العمالة، المقدّم لن تستسهل القضية، ولو فعلاً تريد الأذية كانت أقله عرفت أي من الزيادين. فهي رئيس مكتب المعلومات في لبنان، ومش صعبة عليها».

بعدها، أرجأت المحكمة الجلسة إلى 21 من الشهر الحالي، على أن يُستكمل الاستجواب في المرحلة التي تلت توقيف عيتاني، والاستماع إلى برقاشي وماسي، والاطلاع على «داتا» الاتصالات بين غبش وأمن الدولة، وبعض التسجيلات، واستدعاء عيتاني المسرحي. والى الموعد نفسه أرجأت محاكمة غبش في ملف العمالة الذي فبركه لإيزاك نتيجة خلاف عائلي.