IMLebanon

“الحزب” لا يستغرب موقف ريتشارد: لا نردّ

ليس مستغرباً ومفاجئاً الموقف الاميركي الذي عبّرت عنه السفيرة إليزابيث ريتشارد بعد لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري الثلثاء ناقلةً “قلق” بلدها بشأن الدور المتنامي لـ”حزب الله” والخارج عن سيطرة الحكومة “إلى جانب خرقه سياسة النأي بالنفس، وهو الأمر الذي يُعرّض البلاد للخطر ويُشكّل زعزعة للاستقرار”، اذ لا يخرج عن سياق الخطاب الاميركي تجاه الحزب الذي تُصنّفه تنظيماً ارهابياً وتلاحق عناصره والكيانات المرتبطة به بالعقوبات الاقتصادية التي تفرضها بين حين واخر.

لكن اللافت في الموقف الاميركي شكله ومضمونه. فمن حيث الشكل هي المرة الأولى التي تُدلي فيها السفيرة الأميركية بتصريح مكتوب من على منبر السراي الحكومي وعلى مسمع طاقم السفارة الاميركية.

اما المضمون وهو الاهم، فقد قالت الدبلوماسية الاميركية من دون “لفّ ودوران” “كنت صريحة مع رئيس الوزراء حول قلق الولايات المتحدة بشأن الدور المتنامي في الحكومة لمنظمة في هذه الحكومة لا تزال تحتفظ بميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة، وهي تستمر في اتخاذ قراراتها الخاصة بالامن القومي. وهي قرارات تعرّض لبنان للخطر، وتستمر في خرق سياسة النأي بالنفس من خلال المشاركة في نزاع مسلّح في ثلاثة بلدان اخرى على الأقل. ان هذه الحالة لا تُسهم في الاستقرار، وفي الواقع انها تزعزع الاستقرار بشكل اساسي”.

والى رسالتي الشكل والمضمون، تزامن “القلق” الاميركي مع هدفين في مرمى النأي بالنفس سجّلهما حلفاء الحزب، الاول من خلال زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين صالح الغريب الى دمشق من دون اخذ موافقة مجلس الوزراء، بالإضافة إلى المواقف التي اطلقها وزير الدفاع الياس بو صعب في مؤتمر ميونيخ للأمن، باعتباره ان اي وجود عسكري تركي على الأراضي السورية دون موافقة دمشق احتلال”.

غير ان المواقف الاميركية لا تجد لها صدى عند “حزب الله” الذي يعتبرها استكمالاً للسياسة الاميركية-الاسرائيلية التقليدية ضده. ويقول النائب السابق نوّار الساحلي، لـ”المركزية”، “بالنسبة لنا اميركا هي رأس الارهاب في العالم، لذلك لا نردّ على التصريحات التي يُدلي بها مسؤولوها في هذا الشأن”.

ويشير الى ان “العقوبات التي تفرضها في شكل دوري على مسؤولين في الحزب وكيانات مرتبطة به جزء من الحرب التي تمارسها علينا. فبعدما فشلت اميركا واسرائيل في الحرب العسكرية في المنطقة قررتا محاربتنا بسلاح الاقتصاد”، ولا يستغرب ان “تكون الزيارة المتوقّعة لوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لبيروت في آذار المقبل لتكرار الخطاب الاميركي-الاسرائيلي”.

اما عن الاستراتيجية الدفاعية التي يُطالب المجتمع الدولي لبنان بإقرارها، وكان رئيس الجمهورية ميشال عون وعد بدعوة القوى السياسية الى طاولة حوار بعد انجاز الانتخابات النيباية لمناقشتها، يقول الساحلي: “لدينا كحزب وجهة نظر معيّنة تتعلّق بالمقاومة والجيش، وعندما يبدأ النقاش بالاستراتيجية فإمّا نُقنعهم بوجهة نظرنا او يُقنعوننا بطرحهم”.

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت مقاربتهم للاستراتيجية الدفاعية تقود الى استنساخ تجربة الحشد الشعبي في العراق، يُجيب الساحلي: “لا تجوز المقارنة في هذا المجال، لكن هناك تجربة عمرها 27 سنة (المقاومة) تؤكد صوابية هذا الخيار”.

ومن ناحية أخرى، ما يشغل بال “حزب الله” الآن ازمة النزوح السوري التي تُفاقم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للبنانيين. ويُشير الساحلي الذي يرأس لجنة النازحين في الحزب الى ان “لا يُمكننا الاستمرار في سياسة إدارة الظهر لسوريا وعدم التحدّث معها لاعادة النازحين”، ويعتبر انه “لا يجوز التعاطي “بنكد” مع السوريين في هذا الملف بل بفتح قنوات الاتصال السياسي”.

ويلفت الى “بداية عمل جدّي لا بل نقلة نوعية في التعاطي الرسمي مع هذه الازمة، اذ انها المرّة الاولى التي نشهد فيها كلاماً سياسياً جدّياً في هذا المجال بين لبنان وسوريا، وذلك من خلال زيارة الغريب الى دمشق”.