IMLebanon

خلف الواجهات الداكنة لمحلات ألعاب الميسر: غشّ وتلاعب واحتيال (تحقيق ميليسا ج. أفرام)

كتبت ميليسا ج. أفرام

في حين أعطى القانون الرقم 417 الصادر عام 1995 شركة كازينو لبنان حقاً حصرياً باستثمار ألعاب القمار، انتشرت المحلات غير الشرعية لألعاب الميسر في كافة المناطق اللبنانية ليتجاوز عددها الـ200 محل تحت اسم “العاب التسلية”، فما هي هذه “التسلية” التي تختبئ وراء واجهات “مفيّمة”؟

يروّج أصحاب محلات ألعاب “البوكر فيديو” المخالفة للقانون اللبناني بالتسعيرة المنخفضة لسعر “الفيشة” لكل لعبة، “بـ300 ليرة بس بتلعب بأي مكنة… نحنا مش محل قمار” يقول أحدهم. وعند الاطلاع على مكنات هذه المحلات عن قرب، يظهر التلاعب ببرنامج تشغيل المكنات، إذ يلجأون كالعادة الى تعديل البرنامج “عاللبناني” لجني ارباح أكبر، علما ان البرنامج الاساسي لهذه المكنات صنع شركة الـbonanza وهو جيد ومنصف، لكنّ التعديلات التي يجريها عليها أصحاب هذه المحال تغيّر طبيعته.

“شو قصة الـ300 ليرة”؟

يتفاخر صاحب أحد محلات القمار في تقرير تلفزيوني بالـ300 ليرة لسعر كل مكنة في محله غير الشرعي، وعند التدقيق في احدى المكنات الظاهرة في الفيديو يظهر التلاعب بوضوح، فإذا اعتبرنا ان سعر “الفيشة” 300 ليرة ما قال الأخير، فإن الجائزة الكبرى يجب أن تكون 300000 ليرة وليس 500000 ليرة كما يظهر على شاشة المكنة في الفيديو.

وان عدنا الى قواعد اللعبة دوليا، “الدبلة” اي دوبلة لـ”الفيشة” ممنوع، وهو ما لا تلتزم به المحلات غير الشرعية، فلا تقف اللعبة على الـ300 ليرة، فتجر الـ300 أخرى وغيرها عبر السماح بـ”الدبلة” لترتفع المبالغ بشكل خيالي على أمل الربح.

“ما فينا على زعلك”

ولأن اصحاب محلات البوكر فيديو “ما فيهم على زعل الزبون”، فإنهم يعطونه “الدعم اللازم” كلما يئس من كثرة الخسائر من خلال اداة التحكم عن بعد، اي يعمد المشرف على الالعاب في هذه المحلات على استعمال آلات تحكم عن بعد لمنح اللاعب “جائزة”، لأن الأمل بالربح وتعويض الخسائر يبقي اللاعب على المكنة ويزيد وقت اللعب والمردود مقابل خسارة اموال اضافية للاعب.

أما المخالفات الأخطر فتتمثل في التلاعب من تحت الطاولة بواقع الفيشة بحيث تتحول الـ300 ليرة إلى 5000 ليرة أو 10000 ليرة باتفاق جانبي بين صاحب المحل واللاعب ظناً من الأخير بأنه يستطيع تحقيق ربح أسرع. إضافة إلى ذلك فإن أكثرية المكنات في المحلات غير الشرعية تتيح، وخلافاً لكل القوانين، ما يسمّى بـ”الجائزة المخفية” وذلك بهدف تشجيع اللاعبين على إنفاق المزيد من الأموال، مع العلم أن في كل القوانين الدولية ممنوع وجود أي جائزة مخفية!

خلف الواجهات الداكنة تلاعب بالمكنات!

جميل هو الربح من دون تعب من خلال التسلية، وجميل حصولك على مبلغ نقدي “بالحظ” ولكن ما نسبة حدوث هذا الحظ؟

نسبة الاموال العائدة الى اللاعب (أي RTP أو Return to player) عند الربح بين 88 الى 97.3 بالمئة في كازينو لبنان وهي النسبة المعمول بها عالمياً، بينما لا تتخطى الـ80% في أفضل الأحوال في المحلات غير الشرعية. ولكن إزاء هذه المخالفة في الأرقام العالمية، يحاول عدد كبير من أصحاب المحلات غير الشرعية التلطي وراء زجاجهم الداكن للتلاعب بعدادات مكناتهم، فبعد يوم طويل من العمل يعمد هؤلاء الى ادخال الفيش الى مكناتهم من دون اللعب وذلك بهدف التلاعب بنسبة الأرباح في المكنات وتغيير واقع الأرقام عن اللاعب في اليوم التالي.

لا من حسيب ولا رقيب على عمل محلات العاب الميسر غير الشرعية، انطلاقا من التلاعب ببرامج التشغيل وصولا الى غش الزبون، فلا من مراقبة من قبل وزارة المال على العمل اليومي للمحلات، فهي تحصي الضرائب سنويا بمعدل مليون ليرة عن كل مكنة من دون الاطلاع على كيفية تشغيل هذه المكنات وأرباحها المحققة. فيما المراقبة مشددة في صالات العاب الميسر في كازينو لبنان، حيث الالعاب شرعية ومراقبة محليا ودوليا، فالكازينو يلتزم بمعايير ومواصفات عالمية في صالات العابه، فالغش ممنوع والتلاعب محرّم، إضافة إلى أن وزارة المالية تستوفي من كازينو لبنان ما نسبته 50% من مداخيله المحققة ولا تتقاضى منه ضريبة على عدد المكنات كما تفعل مع أصحاب المحال غير الشرعية!

يبقى السؤال الأهم: هل تقدم الحكومة على تنفيذ قرارها الأخير بإقفال كل محال الميسر غير الشرعية، أم تخضع لمحاولات الضغط والابتزاز التي بدأ يمارسها أصحاب هذه المحال سواء من خلال الإعلام أم من خلال زياراتهم إلى سياسيين ونافذين لدفع الحكومة إلى التراجع؟ الثابت أن أموال كازينو لبنان تعود إلى الخزينة كون شركة كازينو لبنان مملوكة من شركة أنترا التي يملكها مصرف لبنان، والثابت أيضاً أن الكازينو يدفع 50% من مداخيله مباشرة إلى الخزينة، كما أنه وللأسف ثمة ثابتة ثالثة تتحقق دائماً في لبنان وهي أن “المال السايب يعلم الناس الحرام”، فهل ستحزم الدولة أمرها في وقف مزاريب المال السائب نتيجة تفريخ كل محال القمار والميسر غير الشرعية؟ وهل سنسمع عن مساءلة أو محاسبة لكل من أعطى تراخيص غير قانونية لمثل هذه المحال تحت عناوين ومبررات مختلفة؟!

للاطلاع على الجزء الثاني من هذا التحقيق بعنوان “كازينو لبنان Vs المحلات غير الشرعية: من الأضمن اجتماعياً؟!”… اضغط هنا