IMLebanon

دور الأب عندما يرفض الطفل النوم

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

كل ليلةٍ، تعاني أمّهات كثيرات من عدم رغبة أطفالهن في الذهاب إلى غرفتهم ليناموا. ولمعالجة تلك المشكلة اليومية، تستعين الأم بشتى الطرق لإقناع الطفل بالخلود إلى النوم. ويأخذ معظم الآباء في هذه الأوقات دور المشاهِد، من دون أيّ تدخل. ولكنّ للأب دوراً أساسياً في تهدئة الطفل، فيمكِنه أن يكون خيرَ معين للأم، وأن يأخذ دوره عندما يحين وقت الإستراحة والنوم. فما هي أبرز المشكلات، التي تصادف الأهل عندما يحين وقت نوم أطفالهم؟ وما هو دور الأب في هذا المضمار؟ وما هي الأساليب الإيجابية التي يمكن أن يطبّقها الأب تجاه طفله الرافض النوم؟

النوم أساسي لنمو الطفل، إذ يؤمِّن الصحة الجسدية والنموّ الطبيعي والتوازن النفسي. ومن المعروف أنّ الطفل يقضي ثلث طفولته نائماً. وتتقلص تلك الحاجة وهو يكبر، لتستقرّ على سبع ساعات في مرحلة الرشد. هناك نوعان من النوم عند الاطفال:

أولاً، النوم التقليدي، حيث تتباطأ خلاله حركات الجسم، فيعاني انخفاضاً في سرعة التنفس، وفي ضربات القلب وضخّ الدم.

ثانياً، النوم الحالم، حيث تنشط كل الأجهزة، وتزداد حركة التنفس وسرعة القلب. وخلال هذا النوع من النوم، تحدثُ الأحلام. وتواجه أمهات كثيرات مشكلات في نوم اطفالهن، خصوصاً ما بين السنتين والثلاث سنوات، حيث تظهر عند الطفل إضطرابات خلال نومه. ودور الأب أساسي في هذه المرحلة، فهو المساعد الأول، بل يمكنه أن يتبنّى هذه المهمة عن زوجته، لا سيما أنّ أساس إضطراب النوم عند طفلهما كثيراً ما يكون الخوف. لذا، يمكن للأب أن يوفّر الأمان لطفله، وبالتالي أن يعالج مشكلة النوم لديه.

النوم… ثم النوم… ثم النوم 
خلال النوم، تتجدّد نشاطات القوى النفسية والحسية والعضوية. لذا، عندما يعاني الطفل من قلة النوم، نجده خمولاً وضعيفاً وخائر القوى. كما يساعد النوم على التركيز وعلى النضج الطبيعي، والنمو السليم، والتكيُّف الاجتماعي في الأسرة وخارجها، وعلى السيطرة على النشاطات التي يقوم بها الطفل خلال النهار. لكن وللأسف، كثيراً ما يعاني الأطفال من مشكلات في النوم، وغالباً تكون أسبابها نفسية أكثر منها عضوية.

لذا عندما، يلاحظ الأهل بأنّ طفلهم لا ينام، أو أنّ نومه متقلب وغير مستقر عندما يغفو، من المهم أن يلجأوا إلى طبيب الأطفال. ونشير إلى أنَّ الأسباب النفسية، التي يمكن أن تكون وراء تلك الإضطرابات في النوم هي التالية:

ولادة طفلٍ جديد في العائلة، صراع في الأسرة أو حدوث خلاف بين الزوجين، طلاق الوالدين وموت أحد الأقارب… فتظهر المخاوف عند الطفل ويرفض مثلاً النوم خوفاً من أن يتم سلخه عن عائلته.

وهناك اضطرابات تجعل الطفل «مرعوباً» من النوم، كالرعب الليلي أي المخاوف الليلية بسبب الكوابيس، ما يمكن أن يؤدي إلى التبوُّل اللاإرادي. أما المشي أثناء النوم، فهو حالة عرضية وعابرة وشائعة بين الأطفال، وتختفي خلال المراهقة. وتبقى أسبابها غير مؤكدة، مع العلم أنَّ العامل الوراثي يلعب دوراً مهماً، تماماً كالضغط النفسي لدى الطفل.

الطفل يقاوم النوم… 
عندما يقاوم الطفل النوم… يجب البحث عن المسبّب! فيُصاب الكثير من الأطفال بالأرق الطويل المزعج لهم ولوالديهم. فبعد التأكد من عدم وجود مرضٍ عضوي (أي مشكلات في الإمعاء، أو إرتفاع الحرارة، أو ضعف في التنفس)، على الأهل التأكد من أن يكون الطفل قلقاً أو خائفاً من شيء ما، أو أنّه يعاني من أرهاق جسدي أو ضغوط نفسية، أو توتر أو غيرها من العوامل، التي تودي أيضاً إلى الأرق. إلى جانب ذلك، قد يودي تأخّر في أوقات الخلود إلى النوم، أو تغيير مكان النوم، والحرمان من الأب أو الأم، والأزمات الأسرية أو المدرسية إلى الأرق عند بعض الأطفال. كما يودي الشعور بالذنب والخوف من الوقوع في الخطأ، أو التعرّض للمضايقة من قبل زملاء الروضة أو المدرسة إلى الأرق عندهم. وأخيراً، تسبّب الاستثارة الشديدة في النهار والغيرة من الأخوة وخلافات مع الآخرين ولا سيما مع الأطفال الأرق.

إذاً مقاومة النوم عند الأطفال هي نتيجة القلق أو الإثارة الزائدة، لذا يحتاج الطفل قبل النوم إلى التطمين من والديه. وتسهّل الموسيقى الهادئة مع قصة جميلة في إنهاء النهار بالهدوء والسكينة والنوم عند الطفل.