IMLebanon

إستنفار في إمتحانات الثانوية والتصحيح “نار” في المتوسطة.. وترقُّب في اللبنانية

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

يوم تربوي طويل شهده لبنان أمس. إذ توزع المشهد على 3 محاور، في المحور الأول إنطلقت الامتحاناتُ الرسمية للثانوية العامة بفروعها الأربعة مع مشاركة 40 ألف مرشح. وفي المحور الثاني نظّم تكتل طلاب الجامعة اللبنانية والأندية المستقلة تظاهرةً من وزارة التربية باتجاه مقر رابطة الأساتذة المتفرغين في بئر حسن دعماً لمطالب الأساتذة، وذلك بالتزامن مع تراجع رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين الدكتور يوسف ضاهر عن استقالته. أما في المحور الثالث، فانشدّت الأنظار بعد الظهر إلى دائرة الامتحانات حيث انطلقت عملية تصحيح المسابقات للشهادة «المتوسطة» على نار حامية. وقد واكبت «الجمهورية» مكوّنات الأسرة التربوية في المحاور الثلاثة، من أهل وطلاب وأساتذة وإدارات مدارس ووزارة التربية.

دقت ساعة الصفر وتوجه نحو 40 ألف طالب في الثانوية العامة بفروعها الأربعة للمشاركة في الامتحانات الرسمية موزعين على 212 مركزاً. تدابيرُ أمنية مشددة وأهالي يفترشون الرصيف، المشهد نفسه تكرر على معظم مداخل مراكز الامتحانات.

في اليوم الاول اختُبر طلاب العلوم العامة بمادتي الفلسفة والحضارات والكيمياء، وطلاب علوم الحياة بمادتي الفلسفة والحضارات والرياضيات، وطلاب الاجتماع والاقتصاد بمادتي الجغرافيا والاجتماع، وطلاب الآداب والإنسانيات بمادتي الفلسفة العامة والرياضيات.

في الظاهر بدت الأجواء هادئة فيما الاستنفار سيّد الموقف، والكلام عن الكاميرات على كل لسان خصوصاً بين الاهالي الذين بمعظمهم وقفوا على جانبي الطريق وبأيديهم الكتب مثل «مين بِراجع درسو آخر دقيقة».

أجواء امتحانات «الثانوي»

منذ الصباح الباكر كانت لـ«الجمهورية» جولة خاصة مع مدير عام وزارة التربية فادي يرق ومديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري على مدرسة «الاوراغوي» المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة. في هذا المركز تكتسب الامتحانات عنواناً مغايراً ومعنىً أسمى، حيث النضال والمثابرة يختصران مسيرة معاناةٍ وألمٍ لطلاب في مقتبل العمر تحدّوا صعوباتهم الصحية، إعاقاتهم الجسدية ومشكلاتهم النفسية ليواصلوا رحلتهم التعليمية.

وعلى هامش الجولة، أعربت خوري لـ«الجمهورية» عن إطمئنانها لانطلاق الامتحانات قائلة: «كنتُ جلتُ في مراكز للامتحانات في كفرشيما وبعبدا والآن في مركز الاوراغوي، والأجواء متشابهة من حيث الهدوء وحتماً مَن درس تمكّن من إنجاز مسابقاته من دون أيِّ عقبة». وتضيف: «الاوراغوي مركز يعكس إيماننا بأهمية الدمج، وأن يأخذ كل طالب حقه بالتقدم من الامتحانات، لذا قمنا بتكييف المسابقات وفق احتياجات المرشحين والصعوبات التعليمية، من سمعية بصرية وتأمين لغة الإشارة وقارئ وكاتب، بالإضافة إلى تأمين موجِّه تربوي ومعالج نفسي لكل مَن يحتاج أيَّ دعم نفسي واجتماعي».

أما عن طبيعة المراقبة، فقالت: «أساتذة الرسمي من أصحاب الضمير الحيّ بصرف النظر عن وجود أو غياب الكاميرات، لذا أملنا كبير في خلق فرق عبر التربية».

وفيما كان طلاب الثانوية العامة بتنوع فروعهم منغمسين في امتحاناتهم الرسمية، كان طلاب الجامعة اللبنانية وأساتذتهم يتنادون على مواقع التواصل الاجتماعي والواتس آب لتوحيد صفوفهم ورفع الصوت عالياً قبل أن تنهار جامعتهم ويطير مستقبلهم.

تظاهرة «اللبنانية»

منذ الساعة الثامنة والنصف بدأ طلاب «اللبنانية» ومجموعة كبيرة من الأساتذة المتفرغين، المتعاقدين، المتقاعدين، المدرّبين ومَن هم في الملاك بالتوافد إلى المدخل الرئيسي لوزارة التربية للمشاركة في المسيرة الإحتجاجية باتّجاه مقرّ رابطة الأساتذة المتفرغين في بئر حسن رفضاً لتخفيض موازنة الجامعة وغيرها من الأهداف.

«عنا معلمين بالعلم ومعلمين بالسرقة»، «الجامعة اللبنانية خط أحمر»، «عجز موازنة الوطن مش من جامعة الوطن»، «أساتذة وطلاب وحدة حال، إذا ما بتتحقق المطالب الإضراب ما بينحل»، «دكاترة طلاب مكملين بالإضراب»… تعدّدت الشعارات تداخلت المناشدات بين حناجر الطلاب والأساتذة فيما الرغبة واحدة «إرفعوا أيديكم عن جامعتنا»، رسالة مباشرة أرسلوها للسياسيين وللأحزاب اولكل مَن يُحاول الإلتفافَ على «اللبنانية» ومحاصرتها.

فيما كان الطلاب والأساتذة يرصّون الصفوف للانطلاقة بالمسيرة، كان رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين يُشاور ضميره ويُعيد حساباته ما بين المضي قدماً بالاستقالات نتيجة ما تعرّض له من ضغط وإساءة، ورغبة منه بعدم البروز في مواجهة مع أساتذة عمِل معهم سنوات. فكل مَن عرف ضاهر أدرك تماماً أنه يضع مصلحة الطالب فوق أيّ إعتبار. لذا وقبل أن يمضي 24 ساعة على استقالته، وفيما بدأت المسيرة الطالبية بالوصول إلى أمام مقرّ الرابطة، لاقاهم د. ضاهر إلى منتصف الطريق معلناً تراجعه عن الاستقالة.

وعلى وقع الهتافات الحماسية والمناشدات، خاطب ضاهر المتظاهرين قائلاً: «إنّ الجامعة اللبنانية بطلابها وموازنتها وصندوق تعاضد الأساتذة خطٌّ أحمر، ولاجل ذلك لن نتراجع عن المطالبة بإنهاء ملف التفرغ للأساتذة المتعاقدين وإدخال المتفرغين الى الملاك الوظيفي للدولة اللبنانية».

وعلى هامش التظاهرة، يوضح ضاهر في حديث لـ«الجمهورية» كواليس تراجعه عن استقالته، قائلاً: «رأيت انّ وحدة الرابطة باتت مهدَّدة خصوصاً مع توالي الاستقالات، فعانيتُ من أزمة ضمير في هذا الخصوص، ورأيتُ انّ المصلحة العامة تقتضي أن أعضّ على الجرح وسط مناشدات أساتذة وطلاب على حد سواء».

هل العودة طبيعية إلى الصفوف غداً الخميس؟ يُجيب ضاهر: «ينتظر الأساتذة معرفة قرار الهيئة العامة من الإضراب، ونحن كرابطة تنفيذية نستعدّ لعقد إجتماع ربما غداً (اليوم)، لا أدّعي انّ الأجواء وردية، ولكن سنحاول بذل كل ما بوسعنا ولن نترك الساحة»، مستبعداً «أن يكون التدريس 100%»، على اعتبار: «بعض الأساتذة يشعر بالغبن، ويرغبون مواصلة الإضراب، على أي حال يُفترض أن تتوضح الصورة أكثر في إجتماع مجلس المندوبين يوم السبت».

كواليس تصحيح الـ«البريفيه»

على مسافة أمتار معدودة من مقرّ الرابطة كان التصحيح «نار» في مركز التصحيح في المدرسة النموذجية في بئر حسن، الذي فتح أبوابه لاستقبال معلمي الشهادة المتوسطة الذين انطلقوا في تصحيح المسابقات بوتيرة سريعة، ما يُشير إلى انّ النتائج لن تتأخر.

تختلف الأجواء في دائرة الامتحانات من طابق إلى آخر، ففي الأرضي ضجيج وزحمة أمنيين وأساتذة خصوصاً عند الثانية والنصف بعد الظهر بالتزامن مع عملية تسلم وتسليم مسابقات امتحانات الثانوية العامة في يومها الاول قبل جمعها وفرزها وتوزيعها على المناطق التربوية استعداداً للتصحيح.

أما في الطابق الثاني فـ«كب الإبرة بتسمع رنتها»، إذ على امتداد الأروقة أساتذة موزعون كلّ بحسب المادة، في حال تركيز عامٍ وتململ لدى البعض نتيجة «الشوب».

وفي جولة لـ«الجمهورية» على المعلمين، أعرب البعض عن امتعاضه من عدم إتساع صفوف المركز للمعلمين كافة الذين تهافتوا إلى التصحيح، فلم يكن أمامهم إلّا الجلوس في الرواق، ومَن صدَف أن جلس على مستوى باب الصف كان «بيتو بالقلعة»، فبرودة المكيّف حتماً ستصله. من دون أن ننسى تمني بعض المعلمين لو انّ كلفة أجرة تصحيح بعض المسابقات قد ترتفع عن الـ1500 ليرة لبنانية.

شهيّب

وقرابة الثالثة والنصف وصل وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب ليقوم بجولة تفقدية على سير عمليات تصحيح الإمتحانات «المتوسطة»، وعلى عملية تسلّم مسابقات اليوم الأول من شهادة الثانوية العامة التي انطلقت.

واطّلع شهيب على وصول المسابقات في شاحنات قوى الأمن الداخلي من كل المناطق اللبنانية، ومن ثم فرز المواد وخلطها من كل المناطق فإعطاء كل مسابقة الرقم الوهمي، ووضعها في مغلفات جديدة وإرسالها إلى مراكز التصحيح في المناطق كافة.

كما زار غرف المصححين واطّلع على ظروف التصحيح. وعلى هامش الجولة، أعرب شهيب عن ارتياحه للمجريات قائلاً: «إنتهينا بنجاح وبرضى الأساتذة والفريق الإداري والتربوي الذي نظم الإمتحانات وبرضى المرشحين». وأضاف: «في هذا المبنى نحو مليون مسابقة، وعملية التدقيق والتوزيع وخلطها وفرزها وترقيمها وهمياً ومن ثم توزيعها على المصححين والحصول على علامة المصحح الأول ومن ثم علامة المصحح الثاني وفرز الفروقات معلوماتياً للوصول إلى المدقق، فإنّ ذلك يتطلب جهوداً كبيرة لفريق عمل كبير جداً يجتهد لكسب الوقت.

ولفت إلى «انّ غرفة العمليات عبر الخط الساخن تلقّت نحو 1500 إتصال تتوزع على أمور عدة أبرزها ضياع وثائق الترشيح».

متى النتائج؟ يوضح شهيّب: «عند نهاية التصحيح، وهذا الأمر يتمّ بسرعة كبيرة، وقد أعددنا كتاباً إلى مجلس شورى الدولة من أجل الدورة الثانية للشهادة المتوسطة والسماح للدورة الثالثة للذين حُرموا من العادية نتيجة مدارسهم التجارية، وقد وعدتهم وسوف أفي بالوعد إن شاء الله بعد إحالة رأي الشورى إلى مجلس الوزراء لكي يتمّ ذلك في أقرب وقت ممكن».

ختاماً، فيما يواصل غداً طلاب الثانوية العامة امتحاناتهم على اعتبار اليوم retraite، يتخوّف طلاب اللبنانية وأساتذتها من أن تطيرَ امتحاناتُ هذا العام الجامعي وسط شدّ الكباش المتواصل.