IMLebanon

بين “ماكينزي” و”موديز”: أزمة الموازنة في الدين والتهرّب

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”: 

 

ما بين “موديز ” و”ماكينزي” تترنح الموازنة العامة للعام 2019 وسط كمّ من الأسئلة وعلامات الإستفهام، فلجنة المال التي تجهد في دراسة المشروع، قاربت الإنتهاء منه خلال الأيام والساعات المقبلة لرفعه إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، من دون التوصل إلى بلورة ما سُمي بالإقتراحات البديلة للمواد المعلقة أو التي تحتاج إلى إعادة صياغة والتي بلغت بحسب معلومات “نداء الوطن” نحو 25 مادة بانتظار الإتصالات والتفاهمات السياسية؟ ومجلس النواب حسب المادة 19 من قانون المحاسبة العمومية مقيّد لجهة القدرة على تغيير أرقام في الموازنة من دون تأمين بدائل عنها بموجب قانون، ولا يمكنه أيضاً زيادة الإعتمادات المقترحة عليه في مشروع الموازنة.

وبين القانوني والسياسي، فالمخالفة الكبرى حسب الوزير السابق زياد بارود هي غياب قطع الحساب وهذا مخالف لنص المادة 87 من الدستور التي تقول: “إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على مجلس النواب ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة، وبالتالي يتم إرسال قطع حساب الموازنة إلى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة المنوي إقرارها”.

ويؤكد بارود لـ”نداء الوطن” أن “مشروع الموازنة يتضمن مجموعة من المخالفات تبدأ مع ما يُسمى بـ”فرسان الموازن” ولا تنتهي مع غياب قطع الحساب، فالموازنة هي تَوقع جباية وإنفاق ولا يجب أن تتضمن تعديلات متفرقة، بينما المشروع الموجود في مجلس النواب الآن يتضمن تعديل عدد من القوانين على سبيل المثال لا الحصر، قانون الدفاع، قانون الإجراءات الضريبية وقانون السير”.

ويضيف أن “الحكومة تتحمل مسؤولية التقصير في عدم إنجاز قطوع الحساب التي جرت للمرة الأخيرة العام 2005 عن السنة المالية 2003 وقد تكررت المخالفة العام 2017 لجهة نشر الموازنة من دون قطع الحساب، وإذا كانت وزارة المالية قد أنجزت المطلوب لجهة إحالة الحسابات المالية إلى ديوان المحاسبة، فعلى الحكومة التعاقد مع مكاتب تدقيق تعمل بإشراف ديوان المحاسبة الذي ربما لديه نقص في القضاة والموظفين لإنجاز هذه المهمة الدستورية”.

ويرى بارود أن ليس في تقرير “موديز” ما هو أخطر من التقارير السابقة سيما أن لبنان بلد مدين وهو تحت المراقبة والمتابعة من الهيئات والمؤسسات المانحة”.

ويخلص إلى أن المعالجات تبدأ بالموازنة ولا تنتهي عندها خصوصاً أن المشكلة الأساسية حسب تقرير”ماكينزي” هي في التهرب الضريبي حيث هناك أكثر من 35% من حركة الإنتاج في لبنان يقوم بها ما يُسمى “المكتومون” أي شركات ومؤسسات تعمل ولا تصرح وغير مسجلة ولا تدفع الضرائب”

ويتفق مع بارود أكثر من نائب لجهة أن لجنة المال لا تستطيع إدخال تعديلات على مشروع الموازنة، إذ يتوقع مقرر اللجنة النائب نقولا نحاس إنجاز المشروع أمام اللجنة بعد غد الأربعاء كحد أقصى.

ويقول نحاس لـ”نداء الوطن”: “إن المواد المعلقة تجاوزت الـ 20 وهي تنتظر التفاهمات السياسية عبر ملاءمة البنود القانونية والوضع الاقتصادي”، مشيراً إلى أن “البند الرئيسي في الموازنة والذي ربما قصده تقرير “موديز” تلميحاً هو مبلغ الـ 12 ألف مليار ديناً بفائدة 1% وهو ما ليس مقنعاً للمؤسسات المالية ويطرح أسئلة عمّن سيدفع فرق الـ 5 أو6% فائدة”.

بدوره، أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” وعضو لجنة المال النائب أدي أبي اللمع، لـ”نداء الوطن” أن أتجاه مسار الموازنة سيتضح خلال الساعات المقبلة وأنه كنائب عن حزب “القوات اللبنانية” اقترح خلال المناقشات تقديم تفاصيل من الحكومة والوزارات المعنية بشأن كل ما يُسمى بدل أتعاب وشراء خدمات وقبل إقراره في المشروع كما اقترح تغيير أو توضيح تصنيف مرفأ بيروت الذي فيه من الغموض بين المؤسسة العامة والخاصة، ولا يحوّل من إيراداته المالية إلا اليسر البسيط إلى مصرف لبنان”.

أما نائب “اللقاء الديمقراطي” والحزب الإشتراكي الدكتور بلال عبدالله، فقد أبلغ “نداء الوطن” أنه لم يحصل على أي رد على المقترحات التي تقدم بها إلى رئيس اللجنة ووزير المال، منتقداً تقرير “موديز” وغيرها من المؤسسات والذي يعتبر تدخلاً في شؤوننا الداخلية سيما وأننا في البلد كل رموزنا ترفع شعار السيادة”.

وبانتظار ما ستنتهي إليه لجنة المال خلال الساعات المقبلة، لا بد من التذكير بأن المادة 65 في موازنة 2017 أعطت الحكومة مهلة سنة لإنجاز قطوع الحسابات، وهذا ما لم يحصل حتى الآن، فهل ستنجو الموازنة في حال تكرار التجارب السابقة من الطعن بها أمام المجلس الدستوري مثلا؟