IMLebanon

التوتر السياسي يلغي جلسة الحكومة وحزب جنبلاط يدّعي على الغريب

كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:

انعكست تداعيات أحداث يوم الأحد الماضي في الجبل والتوتر السياسي السائد على جلسة مجلس الوزراء التي كان مقرّراً عقدها أمس، والتي اتخذ رئيس الحكومة سعد الحريري قراراً بإلغائها، بعد تلويح وزراء «التيار الوطني الحر» بالمقاطعة. أتى ذلك، في وقت أعلن مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، عن بدء تسليم المطلوبين بعد تأكيد النائب السابق وليد جنبلاط أن «الحزب الاشتراكي» ليس فوق القانون، وإعلان «الاشتراكي» الادعاء على وزير شؤون النازحين صالح الغريب.

وفيما كانت المعلومات قد أشارت إلى أن وزراء «التيار الوطني الحر» هددوا بمقاطعة الجلسة ما لم تتم إحالة القضية إلى المجلس العدلي، وهو ما طالب به رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان ورفضه «الاشتراكي» والحريري، أكّدت مصادر الأخير لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الأمر قد حسم ولن تحال إلى المجلس العدلي، وهو ما لفت إليه الحريري في كلامه بعد رفعه جلسة أمس. فيما أشارت مصادر رئاسة الجمهورية إلى أن هذا الأمر الذي يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء لا يزال موضع خلاف ومحور بحث، مثنية في الوقت عينه على خطوة الحريري تأجيل الجلسة، مؤكدةً أن عامل الوقت مهم في هذه القضية.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل الذي كان مجتمعاً في وزارة الخارجية مع وزراء التيار لوّح بعدم حضور جلسة الحكومة ما قد يهدّد النصاب، مشيرةً إلى اتصالات أُجريت على أكثر من خط لتهدئة الأوضاع وتم التوصل إلى حلّ يقضي بحضور الوزراء، وهو ما حصل لكن بعد ساعة ونصف الساعة من الانتظار، ليعود بعدها الحريري ويرفع الجلسة تفادياً لأي مواجهة.

وأكد الحريري بعد ذلك أن «الخلاف اليوم ليس على المجلس العدلي أو غيره، ما يهمنا هو نتيجة ما سيحصل، وتسليم من ارتكب هذه الجريمة». سائلاً: «ما القضايا التي حُلّت في المجلس العدلي وما نتائجها؟ هذا ليس انتقاداً للمجلس ولا للقضاء، لكني أرى أن الطريقة التي تحصل اليوم هي أفضل وأسرع، وفي النهاية القضاء سيقوم بعمله وقد تم اليوم تسليم بعض المطلوبين»، لافتاً إلى أن «الجيش اللبناني ألقى القبض على مطلوبين آخرين والقضاء سيأخذ كل الخطوات لمعاقبة من ارتكبوا هذه الجريمة وسنتخذ كل الإجراءات لمحاسبة المرتكبين»، مشدداً على أن «الأمن خط أحمر».

وعن تأخر وزراء التيار وتلويحهم بمقاطعة الجلسة ما لم تتم إحالة القضية إلى المجلس العدلي، أكد الحريري أن نصاب جلسة الحكومة اكتمل، نافياً أن يكون وزراء «تكتل لبنان القوي» عطّلوه، وقال إنه ارتأى تأجيلها لتنفيس الاحتقان، موضحاً: «إذا أراد أحدهم أن يلعب هذه اللعبة معي فإني أنا مَن سيتخذ موقفاً».
وأضاف: «نحن والتيار الوطني الحر وكل الأفرقاء في الحكومة، نعرف أن هناك مشكلة يجب إيجاد حل لها، ولا يظنن أحد أنه في مكان ما، بإمكانه أن يضع فيتو عليَّ. مَن يضع عليَّ فيتو أضع عليه فيتوين»، داعياً إلى عدم اعتبار تأجيل الجلسة أمراً سلبياً «بل على العكس هو أمر إيجابي، لكي نحل المشكلة. ونأمل أنه خلال 48 أو 72 ساعة نكون قد تمكنّا من ذلك مع سعاة الخير»، وطمأن إلى أن «الحكومة بألف خير”.

وحول الجهود التي تُبذل على خط التهدئة، لفتت مصادر رئاسة الجمهورية ومصادر رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بعد تولي القوى الأمنية والقضاء مسؤولياتهما في هذه القضية، بدأت معالجة الشق السياسي من الأزمة تأخذ منحى إيجابياً بعد الجهود التي بُذلت في اليومين الأخيرين لا سيما من قِبل الحريري وعون، حيث التقى الأول وزير الصناعة وائل أبو فاعور من «الاشتراكي»، والتقى الثاني النائب طلال أرسلان والوزير صالح الغريب، كما تم تكليف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بهذه المهمة.

وقال إبراهيم إثر لقائه أرسلان بعدما كان قد التقى الحريري وعون: «أولى خطوات استعادة الأمن تكون بتسليم المرتكبين وبدأنا بتسلم المطلوبين، وموضوع تسليم الجثامين يعود إلى أرسلان وأهالي والشهداء». وبعد وقت قصير على كلام إبراهيم أعلن «الديمقراطي» أن «عائلتي الضحيتين رامي سلمان وسامر أبي فراج يعملان على نقل جثمانيهما من مستشفى قبرشمون إلى مستشفى آخر»، على أن يعلن لاحقاً موعد التشييع، وذلك بعدما كان «الديمقراطي» قد أعلن أنه لن يتم التشييع قبل تسليم المتورطين.
وأعلنت قيادة الجيش عن توقيف مديرية المخابرات شخصين للاشتباه بمشاركتهما في حادثة إطلاق النار في بلدة قبرشمون، وقد ضبطت بحوزتهما أسلحة ورمانات يدوية وذخائر حربية، مشيرةً إلى بدء التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الأمن العام تسلم 3 مطلوبين بعد دخول إبراهيم على خط الوساطة بين الحزبين التقدمي الاشتراكي والديمقراطي.

وأتى ذلك بعدما كان جنبلاط قد كتب على حسابه على «تويتر»: «بعيداً عن هذا السيل من الهجمات والشتائم والتحريض فإن الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون بل هو الذي طالب من اللحظة الأولى بالتحقيق»، بينما أعلن «الاشتراكي» الادعاء على الوزير الغريب عبر المحامي نشأت الحسنية بوكالته عن الجريحين رفعت رافع وعماد غصن. وبعد تقديم الدعوى، أكد الحسنية أن إطلاق النار أتى من قبل موكب الوزير الغريب حصراً، معتبراً أن ما يبثه الأخير من فيديوهات مركّب. وأشار إلى «أننا أبرزنا شريط فيديو يبيّن أنه فور وصول موكب الغريب بدأ إطلاق النار على مواطنين عُزَّل كانوا يمارسون دورهم في الاعتراض السلمي». ولفت إلى أن «الفيديو يؤكد أن مرافقي الغريب سقطا من دون أن يكون هناك إطلاق نار من جهة مقابلة». وقال: «ما برز في مجلس الدفاع الأعلى من معطيات ما هي إلا معطيات مفبركة حول محاولة القتل لتبرير إطلاق النار على المواطنين وسيثبت التحقيق صحة ما نقوله».

وتمنى الحسنية «على القضاء عدم الرضوخ لأي ضغط أو تدخل من أي جهة كانت، ومَن يحرص على السلم الأهلي هو من يترك التحقيق يتم بكل شفافية».