IMLebanon

“فرز” جديد للقوى السياسية هو الاول من نوعه!

خلطت حوادث قبرشمون الاوراق فوق الطاولة السياسية في شكل غير مسبوق، وفرزت القوى الاساسية موزِّعة اياها في جبهتين جديدتين لم تعرفهما الساحة الداخلية من قبل. بعد اصطفافَي 8 و14 آذار اللذين تكوّنا عام 2005، وبعد خندقي داعمي التسوية الرئاسية (التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الله) والمؤيدين لها “على مضض” ومعارضيها في السر او العلن (حركة امل وتيار المردة والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب)، اللذين تشكّلا إبان انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية عام 2016، ها هي البلاد تشهد اليوم تقسيما سياسيا جديدا يجمع التيار الوطني الحر والحزب الديموقراطي اللبناني وحزب الله (نوعا ما) في ضفة، وتيار المستقبل والقوات اللبنانية وحركة امل وتيار المردة والحزب التقدمي الاشتراكي، في ضفّة مقابلة.

واذا كانت مسألة إحالة ملف قبرشمون الى المجلس العدلي، السببَ الظاهر للشرخ الحاصل، حيث يتمسك الفريق الاول بهذا المطلب فيما يرفضه الثاني، فإن مصادر سياسية مراقبة تقول لـ”المركزية” إن هذه النقطة ليست الا الجزء الظاهر من “جبل الجليد”.

ففي رأيها، ثمة ما هو أكبر وأعمق، خلف التركيبة الوليدة هذه. فهي تشرح ان المختارة تشكو منذ أكثر من عام من محاولات لاقصائها وتحجيمها وتطويقها وترفع الصوت ضد هذا المسار الالغائي الذي تعتبره ناتجا عن امر عمليات صدر من خارج الحدود. وبعد ان كان “سيّدها” وليد جنبلاط يستنجد مرارا بالحلفاء لاحباط هذه المساعي، فيسمع منهم تطمينات وكلاما يلثج قلبه، أتت حوادث 30 حزيران الماضي في الجبل، والمسارعةُ الى اعتبار ما جرى محاولةً “اشتراكية” لاغتيال الوزير صالح الغريب، والمطالبةُ باحالتها الى المجلس العدلي، لتؤكد بما لا يقبل الشك لـ”أصدقاء الاشتراكي”، ان ما يخشاه الاخير، في مكانه.

فكان ان أعلنت “القوات” التي ذهبت ضحية “المجلس العدلي” عام 1994، ومعها “تيار المستقبل” الذي يعرف جيدا نوايا دمشق وتمنياتها بإضعاف تأثير القوى “السيادية” اللبنانية وإلغائها اذا أمكن، وقوفَهما الى جانب حليفهما في “ثورة الاستقلال”.

لكن اللافت هنا، كانت مسارعة أطراف يقفون تقليديا في الصف الآخر- اذا جاز القول- الى مساندة كليمنصو. وعلى رأس هؤلاء، الرئيس نبيه بري وتيار المردة. قد يقول البعض ان موقفهما لا بد ان يكون منسقا مع حزب الله، وبعض ثان ان فيه “تمرّدا نادرا” من قبلهما على توجّهات النظام السوري لبنانيا، وطرف ثالث ان رفض سلوك وأداء رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، هو الذي دفع بهما الى الالتصاق بجنبلاط. غير ان المصادر ترى ان عاملين أساسيين قادا الى هذا الفرز: الاول، إدراك الاطراف كلّها ان ترك مسار استفراد جنبلاط يمضي قدما وصولا الى تكبيله نهائيا و”حرق ورقته” سياسيا، سيدفع الجبل خصوصا والبلاد عموما الى فتنة، ربما تحوّلت حربا أهلية جديدة، لا أحد قادرا على تحمّل أوزارها اليوم.

والثاني، انها أيقنت ان “إعدام” الاشتراكي بحبل “المجلس العدلي”، لن يبقى دون ردّ من قبله، قد تكون اولى بوادره انسحابه من الحكومة، وربما انضم اليه في موقفه هذا حلفاؤه، ما يعني حكما سقوطها. وفيما لا بديل من الرئيس سعد الحريري اليوم، فإن مغامرة من هذا القبيل ستعني رمي البلاد في المجهول، تختم المصادر.