IMLebanon

واشنطن تحذر الدولة اللبنانية!

صحيح ان فرض واشنطن عقوبات على حزب الله ومن يدورون في فلكه، بات عملة رائجة في السنوات الماضية، منذ دخول الرئيس الاميركي دونالد ترامب البيت الابيض، الا ان هذا الواقع لم يخفف من وطأة المفاجأة التي شكّلها اعلان الخزانة الاميركية امس فرض عقوبات على كل من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وزميله النائب امين شري اضافة الى المسؤول ﻋﻦ وحدة اﻻرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.

فللمرة الاولى منذ دخول قرار الادارة الاميركية تشديد الطوق حول ايران وأذرعها في المنطقة، حيز التنفيذ، تطال إجراءاتها قادة سياسيين في الحزب، بعد ان كانت تقتصر على مؤسسات تابعة له او شخصيات تساعد في تمويله او مسؤولين أمنيين فيه.

الهدف من هذا التصعيد الاميركي واضح، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ولا يحتاج الى كثير من العناء لتبيانه. فواشنطن، وفي ظل مواجهتها الآخذة في الاشتداد مع ايران، تريد توجيه رسالة الى من يعنيهم الامر – وهم كثر- تقول فيها ان “الحرب الناعمة” التي أعلنتها على طهران ومتفرّعاتها، ستتوسّع وستتخذ أوجها جديدة في المرحلة المقبلة، والمسّ بالجناح السياسي لحزب الله للمرة الاولى، ليس الا واحدا من هذه الوجوه.

الجهة الاساسية المعنية اذا بالخطوة الاميركية هي ايران وحزب الله، تتابع المصادر، الا انها تشير الى ان شظاياها تطال ايضا الدولة اللبنانية.

والحال ان واشنطن طالبت الحكومة امس بقطع علاقاتها مع الاشخاص الذين فرضت عليهم عقوبات، كما رأت ان الفصل بين جناحي الحزب السياسي والعسكري امر غير ممكن. هذا الموقف ليس ايضا بجديد، والادارة الاميركية، في رأي المصادر، تدرك استحالة “عزل” حزب الله لبنانيا ووقف التعاطي معه في ما هو الممثل الاكبر للمكون الشيعي في البرلمان. الا انها تريد من خلاله، تذكير لبنان الرسمي بضرورة الخروج من موقع المتفرّج بصمت على حزب الله وأدائه لا سيما “العسكري” أكان في لبنان او المنطقة، ومواجهة خروقه “الفاضحة” لسياسة النأي بالنفس وللقرارات الدولية، أقلّه بالموقف. أما عدم التحرّك إزاء ممارساته، فقد يقود في نهاية المطاف الى اعتبار لبنان في الخندق الاقليمي الآخر، الامر الذي سيتهدد حكما العلاقات بين بيروت وواشنطن، ومعها ايضا المساعدات الاميركية للجيش والاجهزة الامنية اللبنانية التي تصرّ الولايات المتحدة على دعمها وتقويتها.

على اي حال، وفي انتظار صدور موقف رسمي لبناني من التدبير الاميركي الذي يتوقّع ان يستنكر فرض عقوبات على نواب ممثلين للامة، تقول المصادر ان إجراء واشنطن الجديد يأتي في وقت لافت، حيث يبدو فريق لبناني مناوئ للتوجهات الايرانية – السورية داخليا، في دائرة الاستهداف. اذ يرفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الصوت بقوة ضد محاولات لتطويقه، وقد عززت حوادث قبرشمون مخاوفه هذه، في حين يكثر الحديث عن احتمال ان تكون هذه التطورات مقدّمة لدفعه والقوات اللبنانية الى الاستقالة من الحكومة من ضمن خطة لاضعاف الرئيس سعد الحريري وإسقاطه أيضا وتاليا وضع اليد على البلاد من خلال تشكيل حكومة، تُكرّس انتصار المحور “الايراني” في لبنان. وبعقوباتها الاخيرة، إنما تحاول واشنطن اعادة بعض التوازن الى اللعبة السياسية المحلية، بعد ان اختلّ أخيرا لصالح خصومها، تختم المصادر.