IMLebanon

بين مجزرة يونين واعتداء صبرا: سلاح متفلّت وغياب ثقافة الدولة

على قول المثل “بكل عرس الو قرص”، حجز السلاح المتفلّت المنتشر بشكل مُخيف بين اللبنانيين، لنفسه قرصاً في عرس بسبب “موّال” حوّل الافراح الى مآس وجعل “هيبة” الدولة وقوتها تحت مجهر الانتقاد.

فالزفاف-المجزرة الذي كان مسرحه محلة الفيضة بين بلدتي يونين وشعث البقاعيتين، وذهب ضحيته 3 اشخاص وسقوط عدد من الجرحى واستخدمت فيه نحو 6000 رصاصة و300 قذيفة بسبب موّال من المطرب لم يلقَ إعجاب احد المدعوين (ط.زعيتر)، اعاد الى الاذهان ظاهرة تفلّت السلاح بين اللبنانيين وسحبه عند مفترق كل مناسبة حزينة كانت ام فرحة ضاربةً بعرض الحائط قوّة الدولة في فرض الامن وتثبيته.

ولعل ما “يحز” في القلب ان مثل هذه الحوادث تتكرر في منطقة يبدو انها “عصية” على القانون ودولة المؤسسات، حيث وُضعت في روزنامتها الامنية عشرات الخطط لتثبيت الاستقرار وجرّ المطلوبين الى القضاء بالتزامن مع ترحيب فاعلياتها السياسية والعشائرية بالدولة وتأكيد رفع الغطاء السياسي عن المخلّين بالامن، لكن النتيجة بقيت واحدة وثابتة: المطلوبون يسرحون ويمرحون “على عينك يا دولة”. مناطق مُقفلة امنياً وسياسياً بوجه الجيش والقوى الامنية، ومؤسسة عسكرية تُقدّم خيرة عناصرها شهداء على مذبح السلاح المتفلّت.

ومع ان الزفاف-المجزرة في البقاع ليس له خلفيات سياسية او ثأرية كما اعتدنا في حوادث كهذه في قرى ومناطق بعلبك، وهو ما اكده محافظ بعلبك-الهرمل بشير خضر بقوله “ان الاشكال الذي حصل لا خلفيات له، والمتورطون الاساسيون لقوا حتفهم”، مشيراً الى “ان السلاح المتفلّت موجود في كل لبنان وليس حكراً على منطقة دون اخرى”، يأتي في هذا السياق الاعتداء على فريق محطة “ام.تي.في” في صبرا اثناء قيام الدولة بواجبها في إزالة التعديات على الاملاك العامة، وكأن استباحة القانون والقفز فوق الدولة ومؤسساتها بات ثقافة عامة يُعزز انتشارها الاستقواء بالسلاح غير الشرعي والمتفلّت، لاسيما بين ابناء بيئة معيّنة ومناطق محددة.

وانطلاقاً من هذه الحوادث المتنقّلة التي تُعيق قيام دولة قوية بمؤسساتها، شددت مصادر سيادية عبر “المركزية”  على “ضرورة وضع حدّ نهائي لظاهرة السلاح المتفلّت الذي يأكل من هيبة الدولة ومؤسساتها، اذ ان قوّة الدولة بفرض الامن والاستقرار وعدم السماح لمجموعة خارجين عن القانون وعصابات ضبط ايقاع امن منطقة معيّنة على توقيت ساعتهم وزناد سلاحهم”.

والى ان تحزم الدولة امرها بوضع خطة امنية “جدّية” تهدم فيها هياكل “الجزر الامنية” على امرائها الخارجين عن القانون، فتُثبت عندها انها دولة حقيقية لا “كرتونية”، هل سينجح اهل السلطة بإبعاد خلافاتهم السياسية عن الامن فيكسبون ثقة الداخل قبل الخارج ويثبتون عن حق انهم مسؤولون، ام ان خلافاتهم على “جنس الملائكة” والتي لا تنتهي ستدق مرّة جديدة مسماراً في نعش هيبة الدولة ومؤسساتها فيحلّ الخراب على ايديهم ويقع الهيكل على رؤوس الجميع من دون استثناء”؟