IMLebanon

بين معراب وبيت الوسط: تلاقي استراتيجي وابتعاد في إدارة الدولة

بالمفرق وعلى القطعة، تتعاطى “القوات اللبنانية” مع معاركها السياسية الداخلية، وهي كثيرة هذه الأيام. صحيح أن خسائرها على المستوى العملي إن لناحية حصتها من الشراكة الوطنية عموما والمسيحية خصوصا من لحظة تشكيل الحكومة أو لجهة نصيبها من التعيينات الإدارية التي لا تأخذ لا بآليتها ولا بمرشحيها، تفوق أرباحها، غير أنها لا تنظر بميزان الربح والخسارة إلى القضايا الوطنية ولا تتعاطى معها على هذا النحو.

لا تعميم ولا شمولية في مقاربة الملفات والاشكاليات مع القوى السياسية، تقول مصادر معراب لـ”المركزية”. والتعاطي مع القضايا يتم على مستويين. الأول طبيعته استراتيجية وطنية بامتياز تظهّر جليا في حادثة البساتين- قبرشمون من خلال رص الصف بين معراب وبيت الوسط والمختارة في مواجهة محاولات إقصاء إحدى القوى السيادية التي تقف في خط ممانعة كل من يحارب مشروع بناء الدولة لمصلحة الدويلة. وقد أثبتت التجربة أن رص صف الجبهة الثلاثية التي انضم إليها ظرفيا رئيس مجلس النواب نبيه بري أحبط المخطط الذي رُسم لكسر الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط وإعادة الحادثة إلى حجمها الطبيعي الواجب معالجته وفق المقتضى القانوني واستنادا إلى نتائج التحقيقات والتقارير الأمنية. هذا المستوى لا مجال للتفريط به لأننا محكومون بعنوانه العريض الدفاع عن الدولة والسعي لفرض هيبتها وسيادتها من دون شريك”.

أما المستوى الثاني، تضيف المصادر، “فيكمن في طريقة إدارة الدولة، حيث لم تعد المشكلة في مقاربة الملف مع رئيس الحكومة سعد الحريري خافية على أحد. هي قديمة قدم التسوية الرئاسية وصفقات البواخر الكهربائية وما يتفرع منها. جوهرها في مواجهة معراب نهج زمن الوصاية السورية والمحاصصة في إدارة الدولة الذي ما زال ساريا في عقول بعض القوى السياسية كطريق يعتقدون أنه يمكن أن يحقق المآرب السياسية التي يتطلعون إليها من دون أن يدرجوا في حساباتهم الدولة ومصالحها ووجوب استلحاقها قبل الانهيار”.

في إشكالية تعيين أعضاء المجلس الدستوري وما رافقها من إقصاء لحزب “القوات”، ترى معراب أنها “طُعنت في الظهر ولم تعد بيانات تبرير الموقف تجدي. فتراجع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري عن التزامهما المبدئي ووعدهما الذي على أساسه سحبت معراب مرشحها سعيد مالك من حقبة الانتخابات المجلسية وصوتت للائحة الخماسية وشارك نوابها كافة في الاقتراع لمصلحتها مقابل تعهد الرئيسين بالتصويت لمصلحة مالك على الحلبة الحكومية، لم تستسغه “القوات اللبنانية” وقيادتها، ولو أنها ترى أن الرئيس الحريري تعرض لعملية ابتزاز تلامس الترهيب من الوزير باسيل الذي وضعه أمام معادلة “أما التصويت لمرشحنا الماروني أو لا تعيينات في الدستوري”، وهو المدرِك مدى حاجة الرئيس الحريري لاكتمال عقد المجلس الدستوري للبت بالطعون المقدمة أمامه في شأن الموازنة لتصبح طريقها سالكة. فكان إن جاء “الرضوخ” على حساب “القوات” وتحت عنوان الحاجة لإبصار “الدستوري” النور سريعا”.

ليست المسألة عضوية لـ”القوات” في المجلس الدستوري أو مقعدا لمصلحتها هنا أو هناك، توضح مصادر معراب، “هي التزام أخلاقي بوعود قطعها رجال وبمبادئ يفترض إلا تخضع للمساومات. كان يمكن للرئيس الحريري أن يرفض “ابتزاز” باسيل الهادف أولا إلى “إخضاع” القوات وفرض ما يريد عليها وإلى تكريس نهج النظام الأمني السابق الساعي إلى توظيف المؤسسات الدستورية لاستخدامها في الاتجاه الذي يخدم مصالحه الشخصية، وكان يمكن للرئيس بري أيضا أن يترجم التزامه في مجلس الوزراء بالتصويت إلى جانب الفريق الداعم لسعيد مالك، الأمر الذي كان ليفرض المناصفة أو يقلب معادلة التصويت لمصلحته.

في مطلق الأحوال، تختم المصادر: “ما جرى في “الدستوري” حلقة من مسلسل المواجهة المفتوحة التي تخوضها معراب لتغيير النهج داخل المؤسسات وصولا إلى بناء الدولة القوية عن حق، ولن يثنيها عن ذلك إقصاء من هنا أو محاولة عزل من هناك”.