IMLebanon

“وفاة” رنا البعينو: أكثر من عنف أسري؟

كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:

رنا البعينو، المراقبة في الجمارك التي «توفيت في ظروف غامضة» الشهر الماضي، تعرضت للعنف وفق تقرير الطبيب الشرعي، و«سقوطها من السيارة» لا يُفسّر آثار الكدمات التي تُركت على جسدها. وفيما أظهرت التحقيقات أن البعينو كانت تتعرّض للتعنيف من زوجها المُتّهم، كشفت بعض المعطيات عن احتمال أن يكون «الحادث» مرتبطاً بتوقيف الضحية شحنة من الأجهزة المهرّبة تعود لأحد أقارب الزوج!

«كسر في الجمجمة. جرح بطول 17 سنتم في الرأس. كسر عظمي دماغي مفتوح وكبير من الجهة اليُسرى ونقصان في النسيج الجلدي. كسر في عظمة الرفش الأيسر. تجلّط في شرايين الرقبة. اعوجاج دماغي. خدوش على الرجلين والظهر. جلف كبير أسفل الظهر. تكدّم كبير عند الخدّ الأيسر تحت العين من الجهة الخارجية. تكدّم عند الصدر الأيسر امتداداً للكتف من الجهة اليسرى حتى ذراعها. جرح وسطي غير مقطّب عند الأذن اليسرى من الجهة الخلفية (…)».

هذه بعض التوصيفات التي جاءت في تقرير الطبيب الشرعي إلياس خوري، بعدما كشف على جثّة المراقبة في الجمارك اللبنانية رنا البعينو التي توفيت في 27 حزيران الماضي، «في ظروف غامضة»، وفق ما تناقلته وسائل الإعلام آنذاك. خوري خلُص في تقريره إلى أنّ الضحية تعرّضت للعنف «على مرحلتين على الأقل»، قبل أن تسقط من السيارة، أو «قبل أن ترمي بنفسها»، وفق رواية زوجها الذي قال إنه فوجئ برنا ترمي بنفسها من السيارة أثناء قيادته لها، من دون أن يتنبه لفعلها لأنه كان مشغولاً في الحديث على الهاتف. وهي رواية لم تُبعد عنه شبهة الاتّهام، ما أدى الى توقيفه منذ وقوع «الحادث».

الوكيل القانوني لعائلة رنا البعينو، المحامي عماد رحال، قال لـ «الأخبار» إنّ خمسة أطباء شرعيين كشفوا على الجثة خلال مراحل مختلفة، «وأجمعوا على أن سقوط رنا من السيارة وهي تسير بسرعة 30 كيلومتراً لا يُمكن أن يُفسّر حدوث كل هذه الإصابات وآثارها على جسدها». وأوضح أنّ القضية لا تزال في عهدة قاضي التحقيق الأول في بعبدا زياد مكنّا، وأنّه طلب الكشف على الثياب والبصمات والدم الذي وجد في السيارة، سعياً لتحويل الملف إلى النيابة العامة للادعاء على الزوج بالمادتين 547 و549 المرتبطتين بالقتل العمد، بعدما كان التوّجه الى الادعاء عليه بالمادة 550 عقوبات المتعلقة بالتسبب بموت إنسان من غير قصد القتل، سواء بالضرب أو العنف أو الشدّة أو بعمل آخر غير مقصود.

مصادر مُطّلعة على سير التحقيقات قالت لـ«الأخبار»، إنّ الكاميرات أظهرت أن الزوج المُتّهم كان يقود السيارة بطريقة متعرّجة، «الأمر الذي يُرجّح انشغاله بتعنيف زوجته أثناء القيادة، وخصوصاً أن معظم الخدوش على جثة الضحية كانت على الجانب الأيسر، أي الجهة الأقرب إلى يد السائق».

معطيات أخرى ظهرت أثناء التحقيق تشير الى أن رنا البعينو قد تكون ذهبت ضحية عُنف أسري، إذ قالت العاملة المنزلية التي كانت تعمل لديها للمحققين إن الزوج كان يُعنّف زوجته دائماً، ما يتوافق وشهادة الأب الذي تحدث عن تعرّض ابنته للتعنيف وأنها كانت تخاف ترك منزلها لأن زوجها «قد يقتلها».

إلّا أن وفاة رنا، الأم لثلاث فتيات، قد يكون سببها أكثر من «موجة» عنف كانت تتعرّض له «دورياً». إذ أوضحت مصادر مطلعة على الملف لـ«الأخبار» أنّ الضحية أبلغت أحد أقاربها بأن حياتها «في خطر» بسبب توقيفها شحنة من الكومبيوترات المحمولة والأجهزة الإلكترونية مرسلة من الخارج من أحد أقارب زوجها. ووفق المصادر نفسها، فإنّ الزوج «كان يستغلّ وظيفة زوجته ليرتّب بالتعاون مع أقرباء له في الخارج تهريب بضائع». وأكّدت أن أحد هؤلاء «عرض مبلغاً ضخماً من المال على أهل الضحية للتنازل عن القضية خشية توسّع التحقيقات».