IMLebanon

نصرالله يعلنها: “الأمر لي”!

كتبت ليندا عازار في صحيفة الراي:

من خلْف ظهِر ما يشبه «إعادة التموْضع» التي كان يُجْريها لبنان لموقفه الرسمي تحت سقف القرار الدولي 1701 «الناظم» للجبهة الجنوبية مع اسرائيل، في موازاة سعيه لإكمال الاستعدادات لإطلاق مسيرة الإنقاذ المالي – الاقتصادي، باغتَه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس، بتظهيره وبلا أي لُبْسٍ تَحَكُّمه بمفاصل الإمرة الاستراتيجية و«الخيارات الحربية» الدفاعية والهجومية بوجه اسرائيل كما أي حربٍ مفترَضة على إيران.

ورأت أوساطٌ سياسيةٌ مطلعةٌ عبر «الراي» أنه بعدما كانت بيروت مشدودةً إلى كيفية «الحدّ من أضرار» الصورة التي ظهرت عليها الدولة كـ«الغائب الرقم واحد» عن الوقائع المتدحْرجة التي تَوالتْ منذ 25 اغسطس الماضي وعكستْ إدخالاً متدرّجاً للبنان إلى ملعب الصراع الكبير بين الولايات المتحدة ومعها اسرائيل وبين إيران وأذرعها في المنطقة، جاءت إطلالةُ نصرالله، في ختام مسيرة العاشر من محرّم التي نظمها «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبخطاب واحد ليوجّه إشارة «بلا شيفرة» إلى أنه وَضَعَ «في جيْبه» الالتصاق الرسمي به والذي ذابت فيه الحدود بين الدولة والحزب ليأخذ «لبنان» إلى «هذا المحور، هذا المخيم، هذا المعسكر الذي يقف على رأسه سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي (…) ونحن هنا من لبنان نقول للعالم كله إن إمامنا وقائدنا وسيّدنا هو سماحة الإمام (علي) الخامنئي».

واعتبرت هذه الأوساط أن مواقف نصرالله اكتسبت خطورة كبيرة في 3 مفاصل:

* الأول أنه وبعد الإشادة بوحدة الموقف الرسمي ومعادلة «الجيش والشعب والمقاومة» ودورهما في تحقيق «حزب الله» الردْع بوجه محاولة اسرائيل تغيير قواعد الاشتباك القائمة منذ 2006، وَضَع لبنان «في فوهة» أي حربٍ مفترضة قد تُشن على إيران وسينخرط فيها الحزب «تحت قيادة الخامنئي»، وذلك بإعلانه «أي مشروع حرب على إيران ستشعل المنطقة وتدمّر دولاً وشعوباً وستكون حرباً على كل محور المقاومة»، مؤكداً «لن نكون على الحياد وهذه الحرب المفترضة ستشكل نهاية إسرائيل ونهاية الهيمنة والوجود الأميركي في منطقتنا (…)».

* الثاني أنه كَرَّسَ التَمَاهي بين «حزب الله» والدولة اللبنانية وبدا كأنه ناطقاً باسمها، معلناً «إذا اعتدي على لبنان بأي شكل، هذا العدوان سيُرد عليه بالرد المناسب المتناسب، ومن أجل الدفاع عن لبنان وشعبه وسيادته، لا خطوط حمر على الإطلاق هذا انتهى»، رغم إشارته إلى أن كلامه الأخير عن سقوط الخطوط الحمر «لا يعني على الإطلاق التخلي عن القرار 1701، فلبنان يحترم الـ1701 وحزب الله جزء من الحكومة التي تحترم هذا القرار»، معتبراً «ان رد المقاومة داخل أرض فلسطين (مستعمرة أفيفيم) من أرض لبنان وردّها الآخر بالأمس (الاثنين) عند إسقاط أول طائرة مسيرة إسرائيلية في خراج بلدة رامية هو تثبيت للمعادلات وتعزيز لقوة الردع التي تحمي بلدنا».

* والثالث عَكَس منحى جديداً سيعتمده «حزب الله» لمواجهة توسيع رقعة العقوبات الأميركية التي شملت أخيراً مصرفاً لبنانياً (جمّال ترست بنك) بتهمة توفير خدمات مالية ومصرفية لمؤسسات تابعة للحزب، ورجال أعمال اتّهموا بالارتباط به في ظل تقارير حول اتجاه لـ«معاقبة» حلفاء له في لبنان.

ولم يتوان نصرالله عن اعتبار أن «المقاومة ومنذ سنوات طويلة على لوائح الإرهاب والعقوبات، لكن أن يتوسع هذا العدوان ليطال آخرين في لبنان، بنوك لا يملكها الحزب ولا علاقة لها به، أو أغنياء أو تجار لمجرد انتمائهم الديني أو المذهبي أو موقفهم السياسي فهذا يحتاج إلى تعاط مختلف، ونحن في حزب الله يجب أن نعيد النظر وأن ندرس خياراتنا جيداً».

وأضاف منتقداً ضمناً مصرف لبنان: «على الدولة أيضاً والحكومة أن تدافع عن اللبنانيين لا أن تسارع بعض مؤسسات الدولة إلى تنفيذ الرغبات والقرارات الأميركية على هذا الصعيد بل أن يكون بعضهم ملكياً أكثر من الملك».

ومساء الاثنين، اعتبر نصرالله، أن خامنئي هو «حسين هذا الزمان».

وقال:«اليوم تحاول أميركا وإسرائيل، أن تحاصر مخيمنا، وإمام هذا المخيم هو الإمام الخامنئي دام ظله الشريف، ومركز هذا المخيم هو الجمهورية الإسلامية في إيران»، وفقا لمقطع فيديو بثته قناة «المنار».

وأضاف: «هذا مخيمنا وهذا إمامنا وهذا قائدنا وهذا حسيننا. في هذه المعركة لا مكان للحياد».

وكرر نصرالله تشبيه خامنئي بالحسين، قائلاً: «إذا وقف قائدنا الحسيني في هذا الزمن ليقول لنا: هذا الليل قد غشيكم، فسنقول له: والله يا سيدنا ويا إمامنا لو نُقتل جميعا لو أننا نعلم أننا نُقتل ثم نُحرق ثم نُنشر في الهواء ثم نُحيا ثم يُفعل بنا ذلك ألف مرة ما تركناك يا ابن الحسين».

وفيما كان نصرالله يطلق السهام المباشرة على مهمة ديفيد شنكر الموجود في بيروت، واصفاً إياه بأنه «مندوب أميركي حريص على مصالح إسرائيل ويريد أن يفاوض رؤساءنا على النفط والغاز والحدود»، كان الديبلوماسي الاميركي يواصل لقاءاته في إطار زيارته الاستطلاعية باحثاً ملفات العقوبات والوضع على الجبهة الجنوبية الى جانب قضية النزاع الحدودي البري بين لبنان واسرائيل وترسيم الحدود البحرية الذي برزتْ إشارات تريُّث أميركي حيالها.

وابلغ الرئيس ميشال عون، شنكر، ان «لبنان يأمل ان تستأنف الولايات المتحدة وساطتها للتوصل الى ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب من حيث توقفت مع السفير ساترفيلد، ولا سيما أن نقاطاً عدة تم الاتفاق عليها ولم يبق سوى القليل من النقاط العالقة»، مجدداً تأكيد «التزام لبنان القرار 1701، في حين ان اسرائيل لا تلتزم به وأي تصعيد من قبلها سيؤدي لإسقاط حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة الحدودية».

وكان شنكر نقل إلى عون دعم بلاده لاستقرار لبنان، مبدياً «الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية لا سيما في مجال دعم الجيش والقوى الأمنية الأخرى»، كما اكد استعداد بلاده «تجديد مَساعيها للمساهمة في البحث بترسيم الحدود».

بدوره أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه شنكر ان «الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي لا يستطيعان تحمل الضغوط».