IMLebanon

علاء ابو فخر يسقط في خلدة ويرتفع “أيقونة” للثورة ووقودا لها

في اليوم السابع والعشرين، انطلقت الثورة من جديد، لا بل عادت أقوى وشعلتها أكثر اتقادا وتوهّجا. لا نقول ذلك لأن الناس نزلوا الى الشارع من جديد، وعاودوا قطع طرقات الوطن من شماله الى جنوبه مرورا بعاصمته فالبقاع والجبل، بالاطارات والمستوعبات والأتربة والاجساد، بعد ان رأوا في اطلالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مواقفَ تشكّل استفزازا واضحا لهم… بل نقول ذلك، لان عنصرا جديدا دخل على خطّها للمرة الاولى، هو في الواقع، “أسمى” العوامل وأرقاها، ليس فقط في قاموس “الثورات” بل في قاموس “الانسانية”، وعنوانه “الشهادة”.

مساء امس، سقط المواطن علاء ابو فخر، شهيدا. الاب والزوج والابن، المتفاني في سبيل بلاده، الطامح الى مستقبل أفضل له ولأولاده، الذي كرفاقه الثوار تجرّأ على خلع رداء “الحزبية” و”الطائفية” عنه ليعلن انتماءه الى حزب 17 تشرين، قُتل بدم بارد، برصاصة أطلقت عليه امام عائلته في مشهد لن ينساه ذووه.. واللبنانيون.

أبوفخر، أول شهداء الثورة، الذي “هوى” على أرض خلدة، ارتفع سريعا “أيقونة” على امتداد الاراضي اللبنانية، فحمل الثوار صوره، من طرابلس الى جبيل فالزوق وجل الديب وصولا الى الشيفروليه وصيدا (…)، معاهدين اياه الاستمرار في النضال، حتى تحقيق ما استشهد لأجله.

في “اليومي”، تحوّلت الدماء التي سالت أمس، سريعا، مادةَ تحليل في الأروقة الشعبية والسياسية، في آن. ففي انتظار التحقيقات التي أعلنت قيادة الجيش انها باشرتها بإشارة القضاء المختص – وقد قالت في بيان “تم توقيف العسكري مطلق النار في خلدة، موضحة ان “أثناء مرور آلية عسكرية تابعة للجيش في المحلة، صادفت مجموعة من المتظاهرين تقوم بقطع الطريق فحصل تلاسن وتدافع مع العسكريين مما اضطر أحد العناصر إلى ​إطلاق النار​ لتفريقهم ما أدى إلى إصابة أحد الأشخاص”- تعتبر مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” ان الحادثة قد لا تكون بريئة. فما هو العامل الذي دفع بعنصر الى اطلاق النار على متظاهرين “عُزّل” من بينهم اطفال؟ وهل كانوا فعلا يشكّلون تهديدا وخطرا وجوديا على الآلية العسكرية، إن كانوا مثلا يعترضون على مرورها في المحلة او يحرقون الاطارات امامها، بما يفترض اطلاق الرصاص عليهم لازاحتهم؟!

المصادر لا تستبعد فرضية ان تكون الحادثة مطلوبة لتعميم الرعب في نفوس الثوار وترهيبهم، علّهم يرتدعون ويخرجون من الشوارع. فبعد ان لم تنفع الوعود السياسية والاقتصادية ولا الغارات “الحزبية” التي نفذت في وسط العاصمة ولا قبلها المواكب الدراجة الاستفزازية، قد يكون البعض قرر اللجوء الى أداة “الدم” والقتل، لاخافة المنتفضين وابلاغهم ان المواجهة دخلت مرحلة جديدة ولن تكون بعد اليوم “نزهة”، والتظاهر وقطع الطرقات لن يمرا بسهولة وقد تكون كلفتهما عالية. في الموازاة، ترى المصادر ان ثمة من يريد على ما يبدو، حفر هوّة بين الجيش من جهة والثوار من جهة ثانية. فتطورات الايام الماضية كلّها، أظهرت لحمة بين الطرفين تُرجمت دموعا وعناقا وورودا أحيانا، وتجاوبا مع مطالب المؤسسة العسكرية فتح الطرق أحيانا أخرى، في صورة يبدو لم تعجب مَن أرادوا من الجيش التصادم مع المتظاهرين وفتح الطرق بالقوة. فهل ان سقوط اول شهيد للثورة على يد عنصر عسكري، يراد منه زعزعة الثقة بين الجانبين، وحرق صورة المؤسسة وقائدها في عيون الثوار، بعد ان رفعوا له ولأدائه، القبعة، منذ اندلاع الانتفاضة في 17 تشرين؟

التحقيقات ستحمل الاجوبة الشافية، تقول المصادر. لكن مهما كانت طبيعتها، الثابت ان دماء علاء ابو فخر، تحولت وقودا سيلهب نار الثورة ويحرق أيدي قاتليه…