IMLebanon

البقعة الأكثر فقراً في طرابلس… حيّ “التنك”

كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:

يعيش حي “التنك” في مدينة الميناء عزلته اليومية بعيداً من صخب المدينة. هو صورة حقيقية عن الفقر الذي يعيشه أبناء طرابلس في الكثير من الأحياء الشعبية، لكن هذا الحي ومن اسمه “التنك”، يعرّفنا على أنه الحيّ الأفقر في تلك المدينة والأفقر على المتوسط. يتوسط حي “التنك” الميناء ومنطقة الضم والفرز في طرابلس. ويسكن في ميناء طرابلس رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي يملك قصراً فيها، كما بات معروفاً أن المدينة فيها أغنى أغنياء لبنان كميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي وآخرين.

إذا أردت أن تتعرف على الواقع المزري لأشخاص من طرابلس يعيشون بأقل من 200 ألف ليرة لبنانية شهرياً، فعليك أن تقصد هذا الحي، فمدخله عبارة عن برك من المياه وحطام السيارات، والمنازل عبارة عن غرفة أو غرفتين مسقوفتين بـ”التنك” المدعّم بإطارات السيارات خوفاً من أن يقتلعه الهواء فيطير.

سكان هذا الحيّ من أبناء طرابلس بين عمال بلدية أو مياومين (عمال بأجرة يومية) أو أشخاص عاطلين من العمل. هنا قبل الثورة كانت الولاءات السياسية مختلفة. تتوزع على زعامات طرابلس وسياسييها. ويؤكّد الأهالي أن الثورة “قد بدّلت كل هذه الولاءات إلى الولاء للوطن وحده… وما من سياسي منهم خدمنا أو عمل على انتشالنا مما نحن فيه… نحن بالنسبة إليهم جميعاً أرقام ليس إلا”.

يقول نزيه الغوش من سكان الحيّ لـ”نداء الوطن”: “لطالما باعنا المسؤولون الوعود من دون تنفيذ. انظر بنفسك إلى كل بيت وطريق وإلى النفايات المتراكمة والإهمال لتعرف أننا بالنسبة إلى سكان القصور والمنازل الفخمة لا نساوي شيئاً في حساباتهم”.

أما عامر العيش ويعمل في دهان السيارات فيقول: “من 5 أشهر وأنا بلا عمل. الوضع الإقتصادي من السيئ إلى الأسوأ. فتحت اخيراً خربوشة (بسطة) لبيع الخضار فارتفعت أسعارها مع الأزمة الأخيرة ولم أعد أسترزق”. سألناه: لمن صوّت في الإنتخابات النيابية الأخيرة؟ يجيب: “صوّت للرئيس ميقاتي لكنني ندمت. وصل الرئيس ميقاتي إلى النيابة، ومن اليوم الثاني أقفل مؤسساته وأوقف المساعدات التي كانت قبل الإنتخابات ونسي الجميع وكأن شيئاً لم يكن”.

ويشدد أحمد الحسن وهو كان يعمل سائق أجرة قبل أن يصبح عاطلاً من العمل على أنّ “سكان حي التنك من أكثر الناس فقراً في طرابلس وكل لبنان. أنا لم أنتخب لأن لا ثقة لي بكل هذه الطبقة السياسية الحاكمة، كلهم يضحكون على الشعب. قبل الإنتخابات الأخيرة جاء إلى هنا وفد سياسي كبير بينهم ناصر عدرة منسق “تيار المستقبل” في طرابلس، ووعدونا بشاحنتي إسفلت لأنه كما ترى وضع مدخل الحي مزرٍ منذ ذلك الوقت إلى اليوم “وعلى الوعد يا كمون”.

البلدية غائبة!

إنتقادات لاذعة وجّهها أهالي الحي إلى بلدية الميناء، التي بحسب رأيهم “ليست إلا حلقة في سلسلة منظومة الفساد المتحكّمة في البلد. هي بلدية تابعة للسياسيين ولا تهتم للناس ومشاكلهم، وأكبر دليل هو النفايات المكدسة في الحي، يجمعونها في الأسبوع مرة واحدة لا غير، ولا يقدّمون لنا أي خدمات أخرى”.

وعن رأي أهالي الحي بترشيح الصفدي لرئاسة الحكومة، يشيرون إلى أنّه “مثله مثل الآخرين لم يقدّم لمدينته شيئاً. هذه المدينة صارت أفقر مدينة بينما هم ثرواتهم ومصالحهم في أفضل حال. الصفدي مرفوض في طرابلس قبل أي مكان آخر. جلّ ما فعله للمدينة أنه أتى بزوجته وزيرة”.

وبالنسبة إلى أهالي حي “التنك” “إن طرابلس بشكل عام بحاجة إلى أشخاص من بيئة فقيرة، يخرجون من وسط معاناتها إلى عالم السياسة، لكي يكون همهم الوحيد، كيف ينتشلون المدينة وأهلها من أوضاعهم الصعبة. لا نريد بعد اليوم سياسيين يستعملون الناس لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب المدينة وأهلها. وبالتالي كل الطاقم السياسي الموجود مرفوض نهائياً”. لأجل ذلك فإنهم كأبناء هذا الحي وسكانه “يشاركون في انتفاضة طرابلس وثورتها في ساحة النور ويطالبون برحيل السلطة الفاسدة، وتشكيل حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلاد ومحاسبة الفاسدين”، كما يدعون إلى “تحديد انتخابات نيابية مبكّرة ليتمكّن أهل طرابلس من انتخاب ممثليهم الحقيقيين في الندوة النيابية”.