IMLebanon

السلطة تنفّس ازمتها: تهويل وضغط على الثورة محدود الفاعلية

ما كان ممكنا ومتاحا وواقعيا في زمن الحروب الاهلية لم يعد كذلك اليوم والتهويل بالانفجار والعودة الى الوراء ممنوع ومتعذر. بيد ان منع الشارع من التفلت والانزلاق نحو الفتنة التي اطلت برأسها امس في عين الرمانة وبعبدا وبكفيا وطرابلس تزامناً، لا يعني ان وضع البلاد مريح، فهي في احرج حال منذ عقود طوال، والاستقرار الامني الموضوع “على كف عفريت” بفعل ابواق وممارسات الفتنويين ومن يقف خلفهم ويحركهم لا يضبطه الا الجيش اللبناني والاجهزة الامنية.

للعبة الشارع التي اسقطت القناع عن وجه سلطة سياسية بقيت حتى الامس القريب تستر ممارساتها بالكلام المنمّق والوعود الرنانة، حدود، وفق ما تقول مصادر سيادية لـ”المركزية” ، واللجوء الى ورقة هز الامن لخنق الثورة الشعبية ووأدها من خلال تحريك شارع ضد شارع لحمل القيادة العسكرية على فرض حال معينة قد يصل مداها اذا ما مضت السلطة في ممارساتها الليلية التخريبية الى “الطوارئ”، بما يطفئ في رأي اهل الحكم شعلة الانتفاضة على الفساد، وهم لا يدركون او يتعامون عن الحقيقة التي قادت هؤلاء الى الشارع وستعيدهم اليه، اذا ما تم اخراجهم عنوة، وهو شأن مستبعد، لحظة انتهاء هذه الحال. فالنقمة الشعبية عليهم تكبر وتتنامى، فيما المجتمع الدولي يطالبهم بحكومة يعجزون عن تشكيلها لانقاذ الواقع المتردي، والعجز بات يقارب الاستحالة اذا لم يعد الرئيس سعد الحريري عن قراره ” ليس انا بل احد غيري لتشكيل الحكومة” ، ذلك ان القفز فوق رأي الشارع السني الذي قال كلمته امس في اجتماع المجلس الشرعي الاعلى بمشاركة رؤساء الحكومة السابقين سينتهي الى تشكيل حكومة لا تتمتع بشيء من مواصفات الحكومة وستمضي الى قدرها المرسوم السقوط في الشارع اللبناني قبل السني كونها لن تلبي مطلب الثوار الذين يريدونها حكومة اختصاصيين من اصحاب الكفاءات خلافا لما يتطلع اليه اهل السلطة بين تكنوسياسية تعيد وجوها مستفزة للحراك وسيادية يريدها حزب الله تتناقض وصرخة الشعب.

واذا كان استخدام الشارع مقابل شارع الذي كان الرئيس ميشال عون حذر منه في اطلالاته ابان الثورة، وقد نقضه تياره سريعا بالنزول الى الشارع تكرارا، ومشهدا طريق القصر وبكفيا امس ابلغ دليل، محدودا وسيبقى كذلك، فإن المصادر السيادية تؤكد ان هدفه مزدوج من جهة لفرض واقع يمنع الثوار من استكمال ثورتهم بالذريعة الامنية، ومن جهة اخرى لممارسة المزيد من الضغط على الرئيس الحريري للعدول عن قراره ووضعه امام واحد من خيارين: الفلتان والفوضى الامنية او الرضوخ لشروط السلطة بترؤس حكومة تكنو سياسية فيها من عناصر تفجيرها ما يكفي لرفضها من الحريري. وتعتبر ان السخونة الامنية والفتنة المتنقلة المحدودة المفاعيل والتي استهدفت عقر الدار السني امس الاول، من شأنها بحسب ما يعتقد ارباب هذه السلطة ان تحمل الحريري الذي يشكل بالنسبة اليهم اليوم حاجة وضرورة على تبديل موقفه. وتشير في السياق الى موقف الوزير جبران باسيل من بودابست خلال مشاركته في مؤتمر “التصدي للإضطهاد الديني” الذي قرأت فيه المصادر تهويلا يرتقي الى مقام التهديد، اذ قال في “تخيلوا أنهم يعدون اللبنانيين بربيع آخر وهم يحضّرون لهم شتاءً آخر في ظل إنتفاضةٍ محقّة بدأت ملونةً وقد تنتهي سوداء، إذا ما استمر النفخ فيها حقدًا وتحريضًا وشتمًا وتقطيعًا لأوصال الوطن وتسكيرًا للمؤسسات الدستورية والعامة والخاصة”. وسألت المصادر عن جدوى اثارة ملف لبناني بحت يتصل بانتفاضة الشعب على الفساد في مؤتمر دولي وتصويب السهام على نصف الشعب اللبناني امام دول العالم.

في مطلق الاحوال، تختم المصادر، ان اكبر المتضررين من فتنة الشارع المتنقلة الذي تُعتبر التنفيسة الوحيدة لوضع السياسيين المأزوم، هو العهد والثنائي الشيعي الذي نقل مواجهته من مقلب المكونات الحزبية الى فتح مشكلة مع الشعب اللبناني الذي عاين بأم العين في الايام الاخيرة مشهد غزواتهم للشارع وممارساتهم التخريبية التي غطت صورة المقاومة الناصعة بأعلام احزابهم تعيث بشوارع لبنان فسادا وتنكيلا بشبابه المسالم وتدوس علم لبنان، وبعلبك شاهدة.