IMLebanon

إحجام الحريري عن طرح بديل “دعسة ناقصة”

بـ69 صوتا، بات حسان دياب رسميا عصر أمس، رئيسا مكلفا تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. أحزاب فريق 8 آذار السياسي، وعصبه حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر، تُضاف اليها القوى الحليفة في المردة والحزب القومي السوري والطاشناق، هي من أمّنت للرجل جواز العبور الى السراي. ومع ان الاخير يحاول نزع صفة رئيس “الفريق الواحد” عنه عبر تشديده على انه سيمدّ يده للجميع في الحكومة المقبلة وسيدأب لاشراك الكل في عملية تأليفها، الا ان الصبغة الصفراء-الخضراء-البرتقالية التي ارتداها لن تزول عنه بسهولة، ما يجعل قبوله في الشارع السني، وفي شارع 17 تشرين وعلى الساحة الدولية، أمرا صعبا.

لكن، ألم يكن الحؤول دون بلوغ هذا السيناريو المعقّد، ممكنا؟ مصادر سياسية مراقبة تقول لـ”المركزية” ان تفادي التكليف الاحادي الجانب، لم يكن فقط ممكنا بل كان ضروريا لوقف حرق الوقت ووضع قطار انقاذ الدولة المترنّحة، على السكة. الا ان ذلك لم يحصل بسبب الانانيات والكيديات السياسية وقلة مسؤولية المسؤولين.

لولب لعبة التكليف، كان الرئيس سعد الحريري. فالقوى السياسية كلّها أرادت عودته الى الرئاسة الثالثة. لكن وبعد ان تعذّر التوفيق بين وجهة نظره للحكومة العتيدة ووجهة نظر الثلاثي عين التينة – الضاحية- ميرنا الشالوحي، لاسباب عدة، حسم نهائيا قراره الاربعاء، برفض التكليف والانسحاب من المشهد الحكومي مرة لكل المرات.

غير ان اكتفاءه بالخروج من السباق، كان “الدعسة الناقصة” التي خطاها.

ففي رأي المصادر، كان على الرئيس المستقيل ان يستكمل موقفه، بتسمية مرشح بديل منه، مرشح مستقل تكنوقراط، فيقطع الطريق بذلك على مرشّح 8 آذار، من جهة، ويقدّم للثوار وللمجتمع الدولي في آن، ما يرضيهم، وما يخدم البلاد ومصلحتها العليا.

واذا سلّمنا جدلا ان نواف سلام كان سيشكل استفزازا للثنائي الشيعي، تتابع المصادر، فإن اسماء كثيرة أخرى كان يمكن ان يطرحها الحريري، فيلزم بذلك، الاطراف الاخرى، وعلى رأسها كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري على السير بما تعهّدت به، لناحية دعمها الحريري او من يسمّيه لرئاسة الحكومة. كما ان كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة تيمور جنبلاط كان من الممكن ان تدعمه وكذلك “الجمهورية القوية”، وربمّا ايضا “لبنان القوي” الذي اعترض على ترؤس الحريري الحكومة الا انه طالبه في المقابل، بتقديم بديل منه. ما يعني ان ايصال اختصاصي مستقل، غير محسوب على فريق سياسي واحد، الى السراي، كان قابلا للتحقق.

غير ان الرئيس الحريري، لم يفعل، وقصدت “كتلة المستقبل” قصر بعبدا حيث لم تسمّ أحدا لرئاسة الحكومة، فشرّعت بذلك الباب أمام وصول حسّان دياب الى السراي. الامر الواقع هذا، أشعل البيئة السنية الرافضة ان يختار الثنائي الشيعي والتيار، رئيسَ الحكومة، فنزلت الى الشارع امس ولا تبدو ستنسحب منه قريبا. كما أنه لم يُرض ثوار 17 تشرين، الذين جددوا اعتراضهم على الاستشارات المعلّبة من جهة وعلى شخصية دياب لانه شارك في الحكم سابقا ولان بعض ممارساته تُعتبر فاسدة في رأيهم. وتبقى ايضا، معرفة موقف المجتمع الدولي من الحكومة العتيدة.

أسباب مؤاثرة الحريري عدم تسمية أحد، يعرفها هو، وربما ستتظهر في المرحلة المقبلة. وقد يكون أهمها ترك الفريق الاخر يلعب لعبته الى النهاية ليتبين له بنفسه، انه لن يتمكن من التشكيل بلا الحريري، فيعود الاخير الى الساحة بشروطه. الا ان ان الوقت ثمين، وتسجيل النقاط في مرمى الخصوم مكلف الآن. اما الطريق الاسرع لانتشال البلاد من أزمتها، فهو “تنحي” القوى السياسية ووضع مصالحها الفئوية والشخصية جانبا، والسماح بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين. فهل لا يزال ذلك ممكنا بعد تكليف دياب؟