IMLebanon

بعد مقتل سليماني..هل يسرّع 8 آذار التأليف أم يرفع الشروط؟

لأن لبنان يتأثر بقوّة، بأصغر هزّة سياسية او عسكرية يشهدها محيطه، فإن الحدث الكبير الذي يمكن وصفه بالزلزال، الذي استفاق عليه العالم اليوم وتمثّل بتصفية القوات الاميركية قائدَ فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، في بغداد، لا شك انه سيترك تردداته في المنطقة عموما ولبنان ضمنا، خاصة وان للجمهورية الاسلامية فيه، ذراعا هي في الواقع من أقوى “مؤسساتها”، أي حزب الله.

فكيف سينعكس هذا الجديد الدراماتيكي، لبنانيا؟

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” المطلوب رصده أوّلا هو تأثيره على عملية تشكيل الحكومة. فتطورات الساعات الماضية كانت أشّرت الى تذليل معظم العقد العالقة ما سيتيح ولادة وزارية خلال ساعات او مطلع الاسبوع على أبعد تقدير. والسؤال الذي يفرض نفسه بعد ما جرى، هو هل سيسرّع أهلُ الحكم التشكيل، فينجزوه اليوم قبل الغد، لتثبيت “مكسب” الحكومة المحسوبة على فريق 8 آذار، في بيروت، مستبقين أي تبدّل في موازين القوى في المنطقة؟

هذا الخيار وارد، الا ان من الممكن ايضا ان يؤثّر مقتل سليماني على “المرونة” التي أبداها حزب الله وحركة أمل حكوميا في الآونة الاخيرة. فبعد ان ارتضيا عدم إشراك حزبيين او سياسيين في التركيبة، وتخلّيا عن صيغة “التكنو-سياسية” التي كانا يتمسّكان بها، قد لا يعود هذا النهجُ “التوفيقي” الناعم، مقبولا لديهما اليوم، وربما عادا الى التشدد والتصلب من جديد، في اطار الرد على الضربة التي تلقّاها محور الممانعة اخيرا. ففي رأي أهل هذا الخندق، زمن تقديم تنازلات وهدايا مجانية قد يكون ولى، ليحلّ محله وقت رفع الاسعار والشروط…

ووفق المصادر، دخلت عملية التشكيل اليوم في سباق قاس مع الوقت. فكلّما تأخّر تصاعدُ الدخان الحكومي من قصر بعبدا، تقلّصت فرص ايصال سفينة الوزارة الى بر الامان.

ففيما طريقها مزروعة اصلا بالعقبات والعراقيل- بفعل رفضها من ثوّار 17 تشرين المعترضين على شخصية رئيسها من جهة وعلى منطق المحاصصة الذي يسود عملية التأليف من جهة ثانية، وبفعل الفيتو السني ايضاً المرفوع في وجهها بعد ان رصّت قيادات الطائفة، السياسية منها والروحية، الصفوف ضد الاسلوب الذي تمت من خلاله تسمية حسان دياب لرئاستها، وهي عوامل تضاف الى مقاطعة القوات اللبنانية لها والى انتقادها من الحزب التقدمي الاشتراكي- قد تأتي الانتكاسة التي مُني بها محور المقاومة في المنطقة، لتتقاطع مع الاعتبارات المذكورة هذه، فتقوّي موقفَ الرافضين لحكومة حسان دياب، فيكثّفون تحرّكاتهم في الشارع من جهة وضغوطهم في السياسة من جهة ثانية، لقطع الطريق على وصول حكومة، هي في الواقع، حكومة اللون الواحد، وحكومة تدل كل المعطيات والمواقف الى انها في الظاهر من اختصاصيين وفي الباطن رسمت معالمها القوى السياسية التي سمّت دياب وأبرزها التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة امل، ما يتعارض ليس فقط مع ما ينادي به اللبنانيون المنتفضون، بل ايضا مع ما تطلبه الدول المانحة لتتشجع على مساعدة لبنان.

الساعات القليلة المقبلة ستظهّر المسار الذي ستسلكه عربة دياب، وهي ستكون مفصلية حكوميا ولبنانيا. فاذا تعثّر التشكيل قد يكون تحوّل ورقة مواجهة في الصراع الاميركي – الايراني، فيما لبنان يرقص على حافة الانهيار المالي – الاقتصادي. ولنأمل ان يبقى جنوبه بمنأى عن الكباش فلا يُستخدم أيضا صندوق بريد وساحة للانتقام وتصفية الحسابات، تختم المصادر…