IMLebanon

لبنان يطلب مساعدة الخارج… و«الدعم الدولية» تريد «خطة»

 

تتعمّق مَظاهرُ سيْرِ لبنان على حبلٍ مشدود، أوّله «كورونا» المستجدّ الذي «يغزو» الكوكب، وليس آخِره الانهيار المالي الذي أعلنتْ بنتيجته الدولةُ تَعثُّرها من دون اعتماد «سلّم طوارئ» للإفلات من سقوطٍ بات تفاديه أصعب في ظلّ «الآثار المدّمرة»، صحياً واقتصادياً، للفيروس الشرّير الذي فَتَحَ «صندوق باندورا» على مستوى العالم.
وارتسم بوضوح أمس التلازُم بين هذين الخَطَريْن مع اطلاق لبنان الرسمي ما يشبه «نداء الاستغاثة» أمام «مجموعة الدعم الدولية» التي لبّت دعوة الرئيس ميشال عون، للقاء شارك فيه رئيس الحكومة حسان دياب ووزراء، فيما كان مسار مواجهة «كورونا» يمْضي على خطّيْ استكمالِ العودة المُمَرْحَلة لمَن يرغب من المنتشرين وتحصين الاجراءات الداخلية الرامية الى تفادي انفلات عدّاد الاصابات التي عادتْ حصيلتُها اليومية الى الارتفاع، اذ سجلت 14 حالة جديدة رفعتْ اجمالي الاصابات الى 541 مع اعلان الوفاة الرقم 19.

وأتى اللقاءُ مع مجموعةِ الدعم الدولية، بمثابة أول اطلالة للبنان الرسمي منذ تشكيل حكومة دياب (يناير الماضي) واعلان التوقف عن دفْع ديونه الخارجية (مارس الماضي)، وهو جاء أقرب الى مكاشفة مع الخارج حيال الواقع الصعب الذي اختصره عون، بأنه يجمع بين أسوأ أزمتيْن عالمية وانسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية («كورونا» والنازحون السوريون)، لافتاً الى «أن برنامج الحكومة الاصلاحي، يحتاج إلى دعم مالي خارجي، خصوصاً من الدول الصديقة وذلك لدعم ميزان المدفوعات ولتطوير قطاعاتنا الحيوية (…)».

من ناحيته، أكد دياب إن لبنان سيدقق في حسابات البنك المركزي في محاولة لإبداء الشفافية بعد شروعه في محادثات إعادة هيكلة مع الدائنين.

وقال: «دعوني ألفت انتباهكم أيضاً إلى أن الرئيس عون وحكومتي قررا إجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي، وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان».
واذ شددت كلمات عون ودياب والوزراء المُشاركين على قُرب اتمام الخطة الانقاذية المالية – الاقتصادية ومن ضمنها اعادة هيكلة الدين بالدولار والليرة واعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية «المركزي» مع تشديدٍ على أن وقف دفْع الديون كان «اضطرارياً» ومطالبةٍ للدول الداعمة بتأمين «القدر المناسب من التمويلات الخارجية رغم الأوضاع الدولية الصعبة للغاية»، بدا لبنان أمام مجموعة الدعْم كمَن ينخرط في معركةٍ «من دون سلاح» حيث إن الخطة التي طال انتظارها لم تكتمل وقد شكّلت ضمناً شرطاً لتلبية احتياجات لبنان التمويلية بناءً على اصلاحاتٍ ذكّر بها السفير الفرنسي برونو فوشيه مستعجلاً الحكومة انجازها «في ظل ازمة دولية تتفاقم بدورها، حيث طلبت أكثر من 90 دولة مساعدات في الوقت الراهن».

وفي حين كان الوضع المالي يحضر بقوّة أيضاً من زاوية المباشرة بتطبيق تعميم مصرف لبنان الذي يسمح للمودعين الصغار (لا يتخطى مجموع حسابهم الخمسة ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار) بسحْب أموالهم بالليرة على سعر الصرف المتداوَل في السوق (حددتْه البنوك أمس بـ 2600 ليرة) بانتظار أن يستكمل مصرف لبنان إنشاء نظام التداول الإلكتروني المخصّص لتحديد أسعار التداول اليومية للدولار، بقي «كورونا» على رأس الاهتمامات رصْداً لوتيرة انتشار الفيروس كما مسار عودة المغتربين الذين شكل اليوم الأول لوصولهم تجربة ناجحة لوجستياً عزّزها عدم تسجيل أي اصابة في صفوف العائدين من رحلات الرياض، ابو ظبي، لاغوس وابيدجان والذين ناهز عددهم الـ 400.

وفيما يُنتظر اليوم وصول دفعة ثانية من المنتشرين من باريس، مدريد، كنشاسا واسطنبول، يتجه لبنان الى تمديد التعبئة العامة التي تنتهي في 12 الجاري، أسبوعيْن اضافييْن، وسط ارباكات متلاحقة يتسبّب بها تخبّط الحكومة بالقرارات ذات الصلة بفرْض الحدّ من التنقّل نهاراً، وكان آخِرها اعتماد استراتيجية «المفرد والمجوز» بأرقام لوحات السيارات بحيث يسير كل منها 3 أيام في الأسبوع (ومنع السير بالكامل الآحاد)، وهو ما أثار بلبلة كبيرة أمس ونتجت عنه في مناطق كثيرة زحمة سير نتيجة الحواجز الأمنية ما ظهّر مشهدية أبعد ما تكون عن موجبات التعبئة العامة و«الزموا منازلكم»، وصولاً الى اعتبار كثيرين أن هذا النوع من القرارات وقبْلها منْع التجول الليلي الذي ما زال سارياً يعْطي انطباعاً للمواطنين بأن التنقّل نهاراً متاح بلا ضوابط، والآن بأن الانتقال بسيارات «المفرد والمجوز» مسموح بعيداً عن معايير السلامة والأمان اللذين يحاول لبنان ضمان احترامهما خشية انزلاق الأمور الى منْحى كارثي.

وكان بارزاً أمس حضّ نقابة الاطباء و«جمعية الامراض الجرثومية» على زيادة عدد الفحوص المخبرية، خصوصاً السريعة «التي تعد أوفر بكثير من فحوص PCR وتكملها عند الضرورة».