IMLebanon

الذكرى السنوية لرحيل البطريرك صفير.. وواقعة الوزيرة البستاتي

كتب  د.ناصر زيدان في صحيفة الأنباء الكويتية:

كان لوفاة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير قبل سنة وقع حزين على اللبنانيين جميعا، مسيحيين ومسلمين، لما لصفير من تضحيات جسام في الدفاع عن لبنان وعن وحدة أبنائه وعن مصالح البلاد العليا، وقد لقب صفير ببطريرك الطائف والسلام عندما تصدى بقوة للاقتتال الأخوي في حرب الإلغاء التي وقعت بين مناصري العماد عون ومناصري د.سمير جعجع عام 1990، ودافع عن وثيقة الوفاق الوطني في الطائف التي أنهت الحرب الأهلية، كما وصف ببطريرك المصالحة عندما عقد صلحا تاريخيا مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة عام ٢٠٠١، وببطريرك الاستقلال عندما وقف بحزم مع ثورة الأرز التي أخرجت القوات السورية من لبنان عام 2005.

زحف لبنان الرسمي والشعبي للمشاركة في جنازة وداع صفير في بكركي في 16/5/2019، خصوصا أبناء الجبل، حيث حضر وفد من فعالياته السياسية والروحية والبلدية والاختيارية، ناهز عددهم ٣٠٠٠ شخص تقدمه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط.

أحدث حضور جنبلاط إرباكا لدى المشرفين على البروتوكول الذي يتولى تنظيم الجلوس في الاحتفال الوادعي الكبير في باحة الصرح الخارجية، لأن كل الشخصيات الرسمية اللبنانية كانت حاضرة، لاسيما الرؤساء الحاليين والسابقين، والوزراء والنواب ورؤساء الأحزاب وكبار رجال الدين، إضافة إلى ممثلين عن بعض الملوك والرؤوساء العرب والأجانب.

ولأن إدارة البروتوكول التي تتولاها مراسم القصر الجمهوري تلحظ كرسيا لتيمور جنبلاط في مقدمة المكان المخصص للنواب، لكن المشرفين على المراسم في بكركي، كما مرافقي جنبلاط من الوزراء والنواب لم يرق لهم ألا يجلس جنبلاط في موقع متميز بين الحضور، فطلب مسؤول التشريفات في بكركي منه الجلوس على كرسي متقدم بين الوزراء وخلف منصة الرؤساء مباشرة.

وصلت وزيرة الطاقة في حينها السيدة ندى البستاني متأخرة الى ساحة الاحتفال، وذهبت مباشرة الى المكان المخصص لجلوس الوزراء، فلم يكن هناك كرسي شاغر بينها، فالتفتت الى مكان جلوس النائب تيمور جنبلاط ووقفت أمامه كونه لم يكن وزيرا، فهمّ جنبلاط بالوقوف طالبا جلوسها مكانه، فنهض الوزيران أكرم شهيب ووائل ابو فاعور اللذين كانا من عداد وفد جنبلاط، وطلبا من البستاني الجلوس مكان أحدهما، مشيرين إلى أن تشريفات الصرح البطريركي لم تقبل إلا أن يجلس تيمور جنبلاط خلف الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري مباشرة، فجلست البستاني مكان الوزير شهيب وانتقل شهيب الى مقعد آخر.

بدا على مجموعة الشخصيات الذين شاهدوا هذه الواقعة بعض الاستغراب، ذلك أن البستاني التي تمثل مقعدا وزاريا مارونيا، تعتبر من المعنيين بتكريم ضيوف حفل وداع بطريرك الموارنة وفقا للتقاليد اللبنانية، والنائب تيمور جنبلاط الذي استقبل بالتصفيق عند وصوله لمكان الاحتفال، ليس ضيفا عاديا في تلك المناسبة الوطنية الجامعة، رغم أن جنبلاط لم يبد أي انزعاج مما حدث، وكان الأمر بالنسبة له سيان، أينما كان موقع الكرسي المخصص له، ذلك أن زعماء المختارة غالبا ما لا يعيرون أي اهتمام للشكليات البروتوكولية التي تخفي شيئا من التمايز الذي يسبب لديهم إزعاجا أكثر مما يحظى بالقبول.

ما دفعنا إلى ذكر هذه الواقعة، هو مكانة البطريرك صفير التي لا تنسى في ذاكرة أبناء الجبل من جهة، وما يدور حول أداء الوزيرة السابقة البستاني اليوم من جهة ثانية، خصوصا التحقيقات التي تحصل على خلفية الفيول المغشوش المستورد لصالح كهرباء لبنان، وكانت الوزيرة البستاني قد وقعت على مناقصة شرائه مشيدة بشفافية هذه المناقصة، كما أن هذا الكلام يتزامن مع ظهور نتائج حفر أول بئر استكشاف للنفط والتي لم تحمل مفاجآت، بينما كانت البستاني قد بشرت اللبنانيين بوجود ثروة غازية وازنة في المكان عندما أعلنت عن تلزيم حفر البئر لشركة توتال قبل أن تترك الوزارة لخلفها ريمون غجر.