IMLebanon

حكومة التناقضات الفاقعة… كيف تدير البلاد؟

غريب أمر هذه الحكومة وحجم تناقضاتها الفاقعة التي لا يستوعبها عقل ومنطق. وأغرب منها حجم استخفاف السلطة بعقول اللبنانيين واعتقادها بأن كلامها ليلا يمحوه النهار.

حينما اتجه سعر صرف الليرة مقابل الدولار تصاعديا في بداية الازمة ولما ارتأت الحكومة ان الحل يكمن بدعم مصرف لبنان للمواد الاساسية من طبية وغذائية، طلبت من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم ضخ الدولار في السوق والاحتفاظ به لدعم هذه المواد من خلال تغطيته فرق الدولار، على ان تأخذ الحكومة على عاتقها لاحقا تحرير سعر الصرف وتثبيته على ما يناهز 4200 ليرة لاحقا. لكن رياح الدولار لم تجرِ بحسب ما اشتهت سفن الحكومة وارتفع سعره كالسهم الى ان بلغ اليوم حدّ الـ8000 ليرة في السوق السوداء، في اعقاب اشتعال الثورة الشعبية ليلا وعقم المعالجات.

ازاء هذا الواقع والعجز الكلي عن ايجاد حل للمأزق الذي نسجته الحكومة ومن يقف خلفها من قوى سياسية بفعل الامعان في دفع لبنان نحو سياسة المحاور، رأت الحكومة ان خشبة خلاصها وطريق تملصها من المسؤولية، يكمن في رمي كرة النار الى ملعب حاكم مصرف لبنان، خصوصا ان “جسمه لبيس” شعبيا، فدفعت بأدواتها في الثورة للمطالبة بإقالته من جهة وحملته كامل المسؤولية عن الارتفاع الجنوني للدولار، باعتبار انه لم يتدخل في السوق من خلال ضخ الدولارات التي يعرف القاصي والداني كيف تختفي وإلى اين تذهب، وفي اتجاه اي نظام، بهدف تعويمه عشية بدء تنفيذ قانون “قيصر”.

باستغراب واسع تتوقف مصادر سياسية، عبر “المركزية”، عند حجم التناقض في المواقف الحكومية التي تنقلب على نفسها: فكيف تدعو سلامة للاحتفاظ بالدولار للدعم من جهة وتحاسبه على عدم ضخه في السوق من الجهة المقابلة؟ انه اللا منطق في حد ذاته، تضيف المصادر، فكيف لحكومة مماثلة ان تدير بلادا في احرج ازماتها؟

وفي السياق، وعلى قاعدة “شهد شاهد من اهله”، يمكن رصد موقفين بارزين لنائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي والوزير السابق وئام وهاب.

فالأول اطل اعلاميا منذ يومين ليؤكد أن “هناك مخططا لاستهداف المصارف وافلاسها، وان المخطط لن يمر وتوجّه الى رئيس الحكومة بالقول ان البلد ليس ملكك و”سنفك رقبة” هذا المخطط”، موضحا انه عندما سمع الفارق بالارقام بين 100 الف مليار و270 الف مليار ووجهة نظر البنك المركزي وجمعية المصارف ورجال الاعمال اللبنانيين، ومن ثم عندما طُلِب من مدير عام المالية الان بيفاني تقديم تقرير عن وجهة نظره في الموضوع، استمهلهم 48 ساعة للإجابة على الارقام مع اننا في قلب الازمة. غاب وحتى الان لم يقدم الجواب، واستطرد: “خدوهن عالحبس كلن سوا”…لن نقبل التلاعب بأموال المودعين، وليس فقط الفقراء منهم. “روحي يا حكومة”. انا افهمت الحكومة وقلت لها اننا لها بالمرصاد. اصحاب القرار في الحكومة والمستشارين لا يعلم الا الله متى يأتي الوسواس الخناس. وللمصادفة جاءت “لازارد”، وما ادراكم ما “لازارد”! جاءت تقول: “الغوا المصارف اللبنانية. افلسوها كلها واقفلوها واجعلوها فقط خمسة مصارف، كل مصرف بـ200 مليون دولار، مع العلم ان كل مصرف من المصارف اللبنانية رأسماله مليار دولار اي بحجم الخمسة المصارف التي سيؤسسونها. ليس حكومة بل ايضا 700 حكومة ولن يستطيع احد ان يمون علينا. فليقولوا الحقيقة للناس”. وختم “بين يدي تقرير واوراق تعلن أن المصارف اللبنانية مفلسة. هذا كذب ونفاق، حتى لو صدر التقرير عن مستشارين، من كبيرهم الى صغيرهم، لن يتمكن احد من رفع رأسه ابداً”.

اما وهاب فرأى في تغريدة ان اقالة رياض سلامة هي دخول في المجهول محذرا من التهور، بعدما طالب الرئاستين الاولى والثالثة بطرد المستشارين الماليين والاقتصاديين والجلوس مع العقلاء لمعالجة الموقف، واصفا الخطة الحكومية بالجهنمية التي تذهب حتما الى افلاس لبنان وخرابه وتغيير هويته الاقتصادية.