IMLebanon

جنبلاط: العقوبات تضعف الدولة لا “الحزب”

اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن “المواجهة الحالية بالعقوبات على ايران، وبالتالي على حزب الله وعلى الطائفة الشيعية، سوف تنهي الكيان اللبناني وأسس الكيان اللبناني القديم، وأيضا المصارف والجامعات والمدارس، لأن هذا الأمر سوف يؤدي إلى انهيار اقتصادي، وسوف تنتهي فكرة التعددية في لبنان. الآن يكابرون نتيجة كورونا، لكن عندما يفتح المطار، فإن نخبة اللبنانيين سوف تهاجر، مثل ما حصل بعد مجاعة الحرب العالمية الأولى”.

وعن الحل، قال جنبلاط عبر منصة “Restart” مع الإعلامية ديما صادق: “ليس هناك من حل، هناك فرضيات، فمثلا لو بقي الاتفاق النووي الإيراني قائما لما وصلنا الى ما نحن فيه، ولو نجحنا بنتيجة إيجابية في الحوار الوطني عن السلاح الذي طالب به الرئيس ميشال سليمان عبر الاستراتيجية الدفاعية لما وصلنا الى ما نحن فيه، ولو خرجت الحكومة الحالية، على الرغم من كل تعثراتها بالحد الأدنى من خطة اقتصادية إصلاحية لما وصلنا الى ما وصلنا اليه”.

وأضاف: “اتصلت بجيفري فيلتمان صديقي وقلتها سابقا، إن العقوبات لن تضعف حزب الله، من الممكن أن تضعفه بأطرافه، ولكن لن تضعفه بل سوف تضعف الدولة اللبنانية”.

وردا على سؤال، قال: “التصنيف اليوم أن حزب الله منظمة إرهابية، لكن كم من منظمة إرهابية في التاريخ تم الاعتراف بها لاحقا، كالحركة الوطنية الجزائرية بالنسبة الى فرنسا كانت منظمة إرهابية ثم كان الاعتراف بها، وكذلك نلسون مانديلا ومنظمة التحرير الفلسطينية وحماس وIRI، ولا زلنا نسبيا في لبنان أغنى من قطاع غزة لكن سوف نصبح مثل قطاع غزة، وهذه حماس موجودة وهذه التنظيمات تسمى منظمات غير حكومية تتحول بعدها الى دول”.

وتابع جنبلاط: “في أواخر العام 2004، آنذاك دفع مروان حماده ثمن 1559 الذي اتهم زورا من السوري أنه صاغه، لكن الرسالة كانت الى رفيق الحريري الذي لاحقا اغتاله النظام السوري بحجة أنه هو من صنع 1559، واستمر بقتل خيرة اللبنانيين المثقفين والنواب بسبب حقد النظام. سابقا كانت هناك عقوبات فردية بالاغتيال، الآن هناك عقوبات جماعية بالاقتصاد”.

وعن قانون قيصر الذي يعاقب النظام السوري، رد جنبلاط: “كم من فرصة ذهبت، حتى في أيام أوباما عندما رفض ضرب النظام السوري، كان الرئيس الفرنسي هولاند كان مستعدا، أوباما كان يفاوض على النووي، كم كلف التردد الغربي من ضحايا بمئات الآلاف وتهجير للملايين من الشعب السوري”.

وتعليقا على الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله ومن يقصد بقوله “سنقتلكم”، قال: “ليس هناك أي وقع لكلمة سنقتلكم علي، إذا كان يريد أن يقتل الأميركيين فليفعل، لكن الذي يموت موتا سريريا هو البلد. فكرة البلد، فكرة الإرساليات، الجامعة الأميركية، اليسوعية، فكرة الجامعات والمدارس، فكرة المثقفين، والصحافة والتنوع والتعددية، نتيجة العقوبات وأخطاء الحكم، كلها تتشابك. حزب الله في موقع دفاعي لكنه يملك القدرة على الكلام والتهديد”.

وتابع ردا على سؤال عن دعوة نصرالله الدولة إلى التوجه الى دول الشرق للمساعدة: “إذا أراد التوجه الى الصين فلنتوجه للصينيين إذا سمح لهم الأميركيون بإنشاء محطة كهرباء. أما نموذج إيران الاقتصادي فليس نافعا، لم يكن هذا التشبيه أي التوجه الشرقي ناجحا وواقعيا. فلنعد الى الميثاق الوطني بين بشارة الخوري ورياض الصلح، لبنان ذو وجه عربي، وأذكر عندما خاطب كمال جنبلاط في حضور عبدالناصر العام 1959 وكان على رأس وفد كبير من الجبل، قال: حافظوا على الكيان اللبناني. كان كمال جنبلاط لبنانيا وعربيا، لكنه كان مع العروبة الإنسانية، وعندما طلب منه حافظ الأسد الانضمام إلى الوحدة قال له: لن أدخل في السجن العربي الكبير، عندما تصان الحريات أدخل”.

وعن لقائه بالرئيس سعد الحريري، قال: “نحن نبني علاقة جديدة. كلنا يخطىء، ويجب رؤية المشهد العام العريض. قابلت ايضا الرئيس ميشال عون وقابلت الشيخ سعد وعلى اتصال دائم مع الرئيس نبيه بري الذي هو نقطة ارتكاز في الحوار وضمانة، وكان هناك خلاف في الجبل، والأمير طلال أرسلان طلب اللقاء وحسنا فعلنا، في حضور الرئيس بري ورعايته لحل الخلاف في الجبل”.

وبالنسبة إلى التعيينات، قال: “أنا لا أطلب شيئا من التعيينات، وقلتها بالأساس بشكل علني”.

وعن انتخاب الرئيس ميشال عون، علق: “كان هناك اتفاق مع سعد الحريري على انتخابه، فعون يمثل حيثية مسيحية سياسية أساسية في جبل لبنان”.

وعما إذا كان سيشارك في لقاء بعبدا، أجاب: “نعم سوف أذهب، فأنا أنادي كل يوم بالحوار، لماذا لا أذهب؟”.

وردا على سؤال عن الخطة الاقتصادية للحكومة، أجاب: “اكتشفوا أخيرا أن هناك فرق 120 ألف مليار في تحديد العجز، ربما بسبب كثرة المستشارين عند حسان دياب. اكتشفوا أن هناك كذبة كبيرة، وهذا أخذ وقتا. نحن لم نصل الى رقم محدد أمام صندوق النقد الدولي. المطلوب فريق عمل يعطينا الأرقام الحقيقية للخسائر الفادحة في الاقتصاد، وأن نحاول أن نطرق بشكل جدي مجددا أبواب البنك الدولي وصندوق النقد وهناك فرق بينهما، فصندوق النقد له شروط قاسية جدا. المطلوب أن نتفادى البعض من هذه الشروط، وبحسب ما قيل لي إنه للبنك الدولي مبلغ 500 مليون دولار قد يكون موجودا من أجل العائلات الأكثر فقرا. في الأمس كانت العائلات الأكثر فقرا محدودة، اليوم زاد حجمها. فإذا استطعنا أن نستفيد من هذا المبلغ لمساعدة هذه الفئة الكاملة من الذين فقدوا أعمالهم في لبنان والخليج”.

ورأى جنبلاط أن “أملاك الدولة وحدها تساوي تقريبا 100 مليار دولار، فاذا أحسنت إدارتها وهذا لا يعني أن نبيعها، ففي الاقتصاد ليس هناك أي شيء يقول إننا يجب أن نصفر كل ديوننا. يجب أن نخفض هذه الديون لكي تصبح مقبولة ومعقولة، وبالقليل من حسن الإدارة، إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

وعن تغيير الحكومة، قال: “لا نملك وقتا، نحن في سباق مع الزمن بين قيصر وغير قيصر، والليرة وبين النقص في الدولار. كان القرار بتدخل البنك المركزي مجرما، فالمسؤولية ليست على رياض سلامة وحده. يجب أن نحافظ على ما تبقى، إذا بعد في، من الدولارات من أجل الغذاء والمستشفيات والطلاب في الخارج، وبالأمس هددت المستشفيات بأنها لن تقوم بالعمليات، ومن أجل المازوت، وهنا تأتي فضيحة التهريب الكبيرة لتموين سوريا بالمازوت والطحين. أين الثورة التي كانت منظمة؟ ثورة 17 تشرين كانت جدا منظمة وأغلقت الطرقات بشكل جدا حضاري، ليضعوا حواجز على الحدود أمام هذه الشاحنات”.

وأضاف: “في الجبل هناك العلاقة الدرزية – المسيحية، الإسلامية – المسيحية، ولا يمكن أن يكون الجبل جزيرة. يجب رؤية كل البلد والمشهد العام مثل المشهد المخيف الذي حدث في طرابلس وبيروت من تكسير وخراب. نحن في الجبل لا نعيش بغير كوكب، نحن نعيش في لبنان، نواجه كارثة اقتصادية وكلنا جزء لا يتجزء”.

وردا على سؤال عن اللقاء مع أرسلان، أجاب: “أخذت الخلافات وقتا مع الأمير طلال، هذه المرة بسبب الخلاف السياسي مع ما يمثله الأمير في ما يتعلق بالنظام السوري، قلنا كل واحد منا له خياراته، لكن على الأقل حل مشكلة البساتين والشويفات بشكل حضاري ثم نحتكم للقانون والأعراف”.

وعن موضوع تأمين النصاب في جلسة الثقة في حكومة حسان دياب، أجاب: “لا أندم على تأمين النصاب، ذلك لأنني لست مع الفراغ، لكنني لا أفهم تصرف حسان دياب في التردد والتبعثر بالجهود بوجود جيش من المستشارين، منهم السيء ومنهم لا شيء. هناك أشباح من الماضي، منهم ضباط سابقون يفرجون عن أحقادهم الماضية على البعض منا ويدمرون ما تبقى لحسان دياب من خطة، ولكن هذا لا يعني أننا نريد الدخول بمتاهة تغيير حكومة”.

وعن مطالب المواطنين الذين نزلوا الى الشارع، لفت إلى أنه شعر بأنه معني بهذه المطالب. وقال: “في كل المناطق، كانت هناك حركات اعتراضية على كل الزعماء، وحصل ذلك في الجبل، حيث لا صور مرفوعة لي، لكن كانت هناك صورة واحدة قرب المختارة”.

وأضاف: “لا أحد يبقى طويلا في السلطة، أي في مكان معين ونافذ، إلا وحتما، يرتكب أخطاء”. ولفت الى أنه ليس موافقا على توصيف ما حصل بكلمة “ثورة”، واعتبر أن “الزعيم اسم تقليدي، لكنه موجود سواء زاد الحجم أو نقص”.

ورأى أن “الظروف ستجعل من لبنان، لبنان الجديد”. وقال: “لدينا تراث هو محاربة إسرائيل، ورفض هذا الكيان أو الاستعمار. أما المعركة مع سوريا فكانت صعبة، لكن الجغرافيا تحكم. هناك البحر وإسرائيل. وهناك سوريا والعرب”.

ولفت جنبلاط الى أن “المعركة ضد الرئيس الأسبق إميل لحود، لست أنا من أخطأ في عدم الزحف إلى بعبدا. غيري أخطأ. لكن لن أسمي. أما ميشال عون فتحكمنا تموجات في العلاقة. لكنه موجود، والتقينا”.

وشدد على أنه سار مع الرئيس نبيه بري “وأسقطنا مشروع الهيمنة على لبنان من إسرائيل. هذا إنجاز كبير، ونفتخر بهذا العمل. أنا والرئيس بري وغيره. علينا ألا ننسى الشهيد الرفيق الحريري الذي كان معنا بشكل غير مباشر، لم يكن في السلطة حينها. هذه علاقة تاريخية”.

وقال جنبلاط: “ليس هناك شيء اسمه RESTART للبلد. ليس هناك شيء يبدأ من جديد. تحدثنا معا عن سبل وجود حلول لتفادي الانهيار، وهناك حلول”.

وشدد  على أن “لبنان الكبير لم ينته، بل سايكس – بيكو انتهى”. وقال: “مؤشرات انتهاء سايكس – بيكو كانت في الاحتلال الأميركي للعراق والفوضى فيه، ولاحقا فتح المجال للجمهورية الإيرانية بالتمدد إلى البحر الأبيض المتوسط عبر سوريا ومن ثم إلى لبنان”.

وقال: “صحيح أن حزب الله كان موجودا سابقا في لبنان، لكن هذا الكيان العراقي الموحد عبر سايكس – بيكو، الذي لم يكن موحدا أيام العثمانيين، فتح المجال واسعا للجمهورية الإسلامية للوصول بقوة إلى لبنان. لبنان الكبير عاش في توازنات معينة وصمد ككيان بين الشرق والغرب، بين عبدالناصر والأميركيين. وحتى حافظ الأسد احترم على مضض لبنان الكبير، مع أنه كان يقول: شعب واحد في بلدين، واليوم لبنان مهدد بأن يصبح في ما يسمونها سوريا المفيدة، وقد يكون جزءا من محافظة طرطوس أو اللاذقية، وهذا الكلام ليس هاجسا بل تحليل في الوقت الحاضر”.

وردا على سؤال أجاب: “الطائف لم ينته. رسميا هو موجود، لكنه لم يطبق. ومن البنود التي لم تطبق بند بسيط، وهو لجنة إلغاء الطائفية السياسية، ومجلس الشيوخ. كانت هناك أعراف، ومنذ أيام رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود إلى حد ما وفي أيام التفاهم بين الشيخ سعد الحريري والرئيس ميشال عون، نشأت أعراف قلصت من دور رئاسة الحكومة”.

وذكر بأن “سايكس – بيكو جاء عندما وعد الغرب الأمير فيصل بتعيينه ملكا على كل المنطقة العربية التي كانت تحت سيطرة العثمانيين، لكن الغرب أخل بوعده. فخرجت آنذاك، وعلى الرغم من كل شيء، كيانات وطنية، من العراق وسوريا والأردن، هذه الكيانات حتى أيام الانتداب، لم تكن هناك هذه النعرات التي نشهدها اليوم بين الأعراق والقبائل والمذاهب والطوائف. كانت هناك كيانات جميلة، وكان هناك نضال وطني من أجل التحرر، كما كان هناك نظام ديموقراطي جميل، لكن بعد فترة من الاستقلال كانت هناك مصيبة انقلاب حسني الزعيم، وكان أول انقلاب عسكري برعاية أميركية، ثم أتى عبدالناصر الذي كان بالنسبة إلينا المشروع العربي الكبير، لكنه عسكري، وفي الخمسينيات كانت العسكرة لمصر والتأميم كان مقبولا، لأنه حقق إنجازات في ما يتعلق بالإصلاح الزراعي والسد العالي، لكن عندما وقع في الفخ وأتت ولاية شكري القوتلي في سوريا وطلبوا من عبدالناصر الوحدة، طلب منهم حل كل الأحزاب، وطبق في سوريا الإصلاح الزراعي. وأعتقد أن التأميم لم يكن مطلوبا، وصار هناك انفصال، أي النكسة الكبرى”.

وأضاف: “الكيان السوري لم يقسم، ولن تتقسم سوريا. وإذا ما خرج بشار الأسد من الحكم، أراهن على وطنية السوريين أن يوحدوا سوريا، أو بناء وحدة سوريا، كما فعل الوطنيون السوريون في ثورة 1925، ولاحقا في الثلاثينيات، وليس لدينا يأس إلى هذه الدرجة. أما الفيديرالية في لبنان فكلام بلا طعمة. وهذا مثل الكلام الذي صدر آنذاك العام 1975، عن التعددية الحضارية والتقسيم. كل هذه مشاريع صغيرة تدمر البلد”.

وعما إذا كان هناك خوف من وقوع لبنان بالفيديرالية، قال: “هناك منظرون، ودورات فكرية عقيمة، لكن لا خوف. فيديرالية بين من ومن؟”

وردا على سؤال، أجاب: “ليست هناك جماعات غير قابلة للتعايش في الدول العربية، وأرفض هذا القول. هذه النظرية يريدها الكيان اليهودي، أي أن يقسم الشرق إربا وطوائف ومذاهب وقبائل. هذا مشروعه الأساسي، أن يعيش هو، أي الإسرائيلي اليهودي في محيط صراعات. لكن لن نستسلم أمام هذه الأمور. أنا أؤمن بالوطنية الجامعة، وأؤمن بالشعور العربي الجامع وهو غير أنظمة البعث الاستبدادية، أو النظام الناصري الذي كان في مصر، وتغير بعد الهزيمة العام 1967، إذ كان أمام أفق مسدود، لكن كان لعبدالناصر نكهة مختلفة”.

وعن المواجهة المباشرة بين “حزب الله” والولايات المتحدة الأميركية في لبنان، قال: “هذه ليست المواجهة الأولى، فحرب 2006 كانت بضوء أخضر أميركي، وكانت النظرية السخيفة ضرب لبنان وتحطيم البنية التحتية وتهجير الشيعة، لكي تكون هناك انتفاضة شيعية ضد حزب الله”.