IMLebanon

عبد المجيد الرافعي…لبنان اليوم حيث حذّر امس!

ثلاث سنوات مرت على رحيل عبد المجيد الرافعي في 12 تموز 2017، وككل سنة منذ رحيله، ستكون طرابلس على موعد مع احتفال سياسي وشعبي تستذكر نضاله القومي العربي، يقام الاسبوع المقبل في احدى قاعات المدينة يشارك فيه عدد من أقارب وأصدقاء الراحل.

ولعل اكثر ما تستذكره مدينته به اليوم هو تحذيراته المتكررة من دور إيران وتدخلاتها العسكرية في المنطقة وتحديدا في العراق، وذلك قبل الغزو الأميركي للعراق وبعده، وتنبّيهه إلى ضرورة مقاومة الدور الإيراني الذي يريد النفاذ إلى عمق النسيج المجتمعي لتفتيت مكوّناته وتطييف حياته السياسية وتشويه هويته.

قبل أقل من عام على بدء الحرب اللبنانية عام ١٩٧٥ قال “نحن أمام خيار بين اثنين لا ثالث لهما، فإما التغيير وإما الإنفجار. إما التغيير في قواعد الحكم وفي ممارسة الحكم وفي أهداف الحكم، وإما إنفجار الأوضاع وولوج المجهول من المصير”. وها ان لبنان اليوم امام المجهول.

تاريخ طرابلس السياسي لا يمكن الا ان يدوّن اسمه في سجلاته، هو الذي تحوّل الى رمز من رموزها. احب مدينته حتى الرمق الأخير وسعى لتحقيق العيش الكريم لأبنائها، من إلغاء الطائفية السياسية في عموم الوطن وصولاً إلى محاربة الفساد والاقطاع الرأسمالي. طبعت حياته أبعاد ثلاثة: قضيته الإنسان، رسالته العروبة، وجهته فلسطين.

ففي البعد الاول لم يوقف عمله كطبيب عند حدود عيادته وأبواب المستشفيات، إنما ذهب الى حيث المرض يترافق مع العوز والفقر والجهل، فأعطى لمهنة الطب بعدها الإنساني إنطلاقاً من مبدأ حق كل إنسان بالحصول على الرعاية الصحية الملائمة، وكان شعاره “صحة الفقراء تعويض عن كسورة الاحتياج”، حتى استحق عن جدارة لقب “حكيم طرابلس”.

الثاني البعد الوطني ناضل الرافعي من أجل إحقاق دولة المواطنة والعدالة الإجتماعية عبر التغيير السلمي للنظام السياسي في لبنان تحقيقاً للشعار الذي آمن به  في سبيل وحدة الوطن وحرية شعبه وسيادة قراره. انتخب نائبا عن طرابلس العام 1972 واستمر في تمثيل مدينته حتى نهاية الحرب الأهلية في لبنان العام 1992. انتسب الى حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ما لبث بنضاله وأعماله الإنسانية والوطنية، أن أصبح عضوا بارزا في القيادة القومية للحزب وأمينا لسرّ الحزب في لبنان سنوات طويلة.

والثالث البعد العربي وخاصة النضال من أجل فلسطين، التي دافع عنها وإعتبرها البوصلة التي تحدد وطنية هذا أو ذاك. ناضل في صفوف الحركة الوطنية اللبنانية وإلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية فهاجر من لبنان قسراً عام 1983 إثر معركة إخراج ياسر عرفات من طرابلس التي قادتها القيادة السورية بالتنسيق مع الاحزاب اللبنانية الموالية لسوريا والتنظيمات الفلسطينية الموالية لسوريا.

ومع دخول لبنان في عهد الطائف وفرض الوصاية السورية عليه، دفع الرافعي فاتورة حياته ونضاله في صفوف حزب البعث العراقي، وهو الذي عرف بعلاقته المقربة جداً من الرئيس الراحل صدام حسين وبمؤسس حزب البعث ميشال عفلق، وبعد الملاحقات والتهديدات التي تعرض لها البعثيون العراقيون على يد القوات السورية، إنتقل الرافعي الى منفاه الطوعي في العراق كونه كان يشغل منصب أمين سر حزب البعث العراقي – فرع لبنان، وبقى في العراق إلى أن إندلعت حرب 2003 وبعد اطاحة النظام العراقي عاد إلى لبنان بشرط سوري ألا يتعاطى السياسة إطلاقاً.