IMLebanon

العقوبات الأميركية مرتبطة بالمبادرة الفرنسية؟

مسار جديد شقّته الإدارة الأميركية في طريق عقوباتها على “حزب الله”، وإن كانت العقوبات الإضافية على حلفاء الحزب وداعميه متوقّعة، إلا أن اللافت فرضها على وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس ووزير المال السابق علي حسن خليل في المرحلة الاصعب في تاريخ لبنان، مع تأكيد وزارة الخزانة الأميركية على تورّطهما في قضايا فساد وليس فقط اتهامهما بدعم منظمّة إرهابية تبعاً للتوصيف الأميركي. وأعلنت الخارجية الأميركية أن عقوبات إضافية قيد الدرس.

وفي الوقائع، لاحظ مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر عبر “المركزية” أنها “المرّة الأولى التي يُستهدف فيها حلفاء سياسيون لـ “حزب الله”، فالعقوبات لم تقتصر على مؤسسات تجارية أو عناصر تابعة للحزب وتتعامل معه أو رجال أعمال أو أشخاص في القطاع المالي يقدّمون الدعم له، لذا اللافت اتّجاه الإدارة الأميركية نحو أمر مختلف كلّياً هو التركيبة السياسية في لبنان، بحيث أنه يتم استهداف هذا النظام السياسي الذي يخدم الحزب ويشكّل نقطة ارتكازه، موفّراً له شبكة أمان وغطاء سياسيا. هذه الخطوة بحدّ ذاتها نوعيّة وتعتبر إضافة مختلفة مهمّة جدّاً في معاملة أميركا مع الحزب نظراً إلى التداعيات الناتجة عنها، مع توجيه رسالة بعدم الاقتراب من “حزب الله” بالسياسة”.

كذلك، اعتبر أن “واشنطن لا تفسر قرارها هذا بأنّه جاء بناءً على دعم هاتين الشخصيتين لما تصنّفه بالـ “منظّمة الإرهابية”، أي أنه لا يندرج تحت مظلّة مكافحة الإرهاب حصراّ، بل أيضاً مكافحة الفساد. واختيار هذا التوقيت لاتهام أشخاص بالفساد في ظلّ  ما يمرّ فيه لبنان من ثورة ضدّ الفساد ومعارضة المجتمع الدولي لطريقة الحكم، أي ليس فقط مواجهة الإرهاب وسياسات الحزب في المنطقة  بل نتكلّم عن الفساد الذي جوّع الشعب وأدى إلى الانهيار الاقتصادي والمالي. وعشية تشكيل الحكومة تريد أميركا التأكيد على أنه لا يمكن الاستمرار بهذا النظام ولا يمكن الوثوق به لتقديم المساعدات وسط أزمة الثقة القائمة بين الحكومة ومجتمعها وبين النظام القائم والمجتمع الدولي. من هذه الزاوية، نرى أن القرار مرتبط بالمبادرة الدولية بقيادة فرنسا لإنقاذ لبنان وانتشاله من نظام الفساد والمحاصصة، معطوف على مواجهة “حزب الله” واتهامه بالإرهاب”.

وعن المتلقي المفترض للرسالة الأميركية، أشار إلى أن “هذه الرسالة متعددة الوجهات، فهي موجّهة إلى كلّ  حلفاء الحزب، منهم من لم يسمّ أي “التيار الوطني الحرّ”، وواشنطن تقول له ضمناً إنها بدأت بفرض العقوبات على الأقرب من الحزب، أي المنضويين تاريخياً ضمن هذا المحور، والتيار انضم إليه منذ الـ 2005 وبقي لفترة يلعب بين المحورين الإيراني والأميركي كي لا يحتسب على الأوّل، إلا أن في نهاية المطاف أصبح مرشّح الحزب والأقرب إليه، بالتالي هناك رسالة موجّهة إليه أيضاً بمجرّد الإشارة إلى أن العقوبات مستمرة، خصوصاً وأن التيار لديه موقع أساسي في إخراج التركيبة الحكومية بشكل تكون فيه بعيدة عن المنظومة الفاسدة القائمة على المحاصصة”.

وفي السياق، رأى نادر أن “ليس صدفةً أن تأتي العقوبات قبل مهلة الـ 15 يوما المحددة من المجتمع الدولي لتشكيل الحكومة. والأكيد أنها منسقّة مع المبادرة الفرنسية وأميركا لا تخفي أن التواصل بين الجهتين مستمر، وتجاهر أنهما تتفقان على الكثير من النقاط باستثناء موضوع الحزب حيث تتفاوت المقاربات إذ يعتبر الطرف الأميركي أن الحزب ليس لاعباً سياسياً يتمتّع بالمشروعية، بينما الفرنسي يعترف بمشروعيته معللاً ذلك بوجود قاعدة شعبية تؤيده”.

وختم “المؤكّد أننا سنشهد المزيد من العقوبات خصوصاً إذا لم تشكّل حكومة وفق المعايير المطلوبة شعبياً ودولياً، أي البقاء على النهج نفسه عبر استنساخ نظام المحاصصة وتمسّك السلطة لا سيما “حزب الله”، والطابة في ملعبه، بسياسة الإنكار ومسلسل “اسماعيل هنية”، وعدم التجاوب مع مبادرة​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​المؤيدة من المجتمع الدولي، والرد على المطالبة بحكومة مستقلة بشكل مشابه لحكومة جامعة (العنوان الآخر لحكومات الوحدة الوطنية) التي أثبتت التجربة أنها الوجه الآخر للفساد، مع الإصرار على حكومة سياسية غير مستقلّة، إضافةً إلى عدم المداورة في الحقائب الوزارية وتكريس الوزارات محميات للأحزاب، يعني أنهم قطعوا الطريق على الإصلاح ولم يسهّلوه أمام أوروبا التي ستنضم إلى أميركا هذه المرّة والعقوبات الإضافية ستأتي لا محال مع توسيع بيكارها”.