IMLebanon

هل كُشِف لبنان امنياً؟

أثارت الحوادث الأمنية المتنقلة بدءا من انفجار المرفأ مروراً بحادث عين قانا جنوباً وصولاً إلى العمليات الارهابية شمالا موجة من التساؤلات حول توقيتها والمناطق التي تم اختيارها ومدى ارتباطها بعمليات ارهابية أخرى، خاصة المواجهات التي حصلت في عطلة الاسبوع في وادي خالد وعلاقتها بالجريمة الارهابية في كفتون وتحريك لخلايا نائمة في لبنان من قبل جهات خارجية. ووضعت اوساط سياسية مراقبة ما حصل في وادي خالد في دائرة الخطورة القصوى، متسائلة من اين اتى المسلحون الارهابيون وكيف تمركزوا في المنزل من دون ان يكتشفهم احد؟ هل لديهم معاونون ومخبرون؟ لماذا لم يتم رصدهم مسبقاً من قبل الاجهزة الامنية؟ ألا يفترض إجراء مسح أمني للمنطقة وضبط الحدود مع سوريا وترسيمها حفاظاً على مصلحة البلدين كما قال الرئيس ميشال سليمان لنظيره السوري في قمة سوريا في آب 2008؟”

كذلك، توقفت اوساط دبلوماسية غربية عند انفجار قانا وحوداث وادي خالد وصنفتهما في الخانة الامنية ذاتها، معتبرة ان لبنان أصبح مكشوفا امنياً خصوصاً وان سكان المناطق الجبلية القريبة من الحدود السورية يرصدون حركة طيران ليلي ومسيرات تحلق فوق الجنوب والمتن والجبل وصولاً الى البقاع. فهل يتم استغلال الوضع المتأزم سياسياً لتغطية أمور أخرى وتمرير رسائل معينة أم ان هناك جهات خارجية تحرك الخلايا الارهابية لغاية في نفس يعقوب، وما هي ابعاد ما حصل وهل أصبح لبنان مكشوفا أمنياً؟

العميد الركن خالد حماده قال لـ”المركزية”: “ما بين تفجيرات مرفأ بيروت والحوادث الارهابية التي تجري في شمال لبنان، هناك عنوانان، تفجيرات المرفأ وتفجيرات عين قانا عنوانها السلاح المتفلت وغياب الدولة في لبنان وتفاقم المشروع الايراني وأسر لبنان في هذا المحور الاقليمي. اما في ما يتعلق بالحوادث الارهابية فعنوانها الفراغ السياسي الذي يفسح المجال للفراغ الامني وتعريض الاستقرار في لبنان للاهتزاز وهذه محاولة تذكزنا بما جرى قبل احداث نهر البارد في شمال لبنان حين حاول النظام السوري وحزب الله ترتيب الاولويات مجددا وأخذ الامن الوطني في لبنان الى حالة من عدم الاستقرار للتورية عن ملفات اخرى وهذا ما نعيشه اليوم”.

أضاف: “بالعودة الى تفجيري المرفأ وعين قانا الكل اصبح يدرك ان مخازن حزب الله المنتشرة في كل لبنان بين المواطنين وفي المرافق الحيوية، وهذا ما أظهره تفجير مرفأ بيروت، انما تعبر عن استفحال الاستباحة الايرانية في لبنان وغرق العهد بتحالفاته مع حزب الله في هذا التحالف الذي يعرّض لبنان لصدام مع المجتمع الدولي عرّضه لصدام مع المجتمع العربي”.

وتابع حماده: “اليوم كل مخازن الذخيرة الموجودة في لبنان أضحت قنابل موقوتة موجودة بين المواطنين وهي عرضة لعمليات تفجير من الداخل ونعني عمليات مخابراتية او عرضة لأن تكون هجمات للعدو الاسرائيلي في الداخل اللبناني، حزب الله سقط مشروعه الذي كان يدعيه لتحرير لبنان وللمقاومة ضد العدو الاسرائيلي. هذا المشروع تحول منذ العام 2000 وتحديدا بعد عدوان الـ2006، الى مشروع عبث بالامن الوطني ومحاولة تغيير المعادلات السياسية لصالحه وهذا ما تجلى في الوقوف في وجه المبادرة الفرنسية والاصرار على مكاسب لا يقرّها الدستور وإلصاق بعض الطوائف ببعض المواقع للقول ان لا يمكن تمرير هذه المرحلة التي استباح فيها حزب الله الدولة دون تحقيق مكاسب سياسية تسجل للمستقبل. التوقيع الثالث ووزارة المالية والكلام عن ميثاقية مدعاة ما هي الا محاولة لترجمة قوة حزب الله وقوة السلاح غير الشرعي وسيطرته على العهد من خلال انتخابات الرئاسة ومن خلال قانون الانتخابات الاخير للقول انه قبض على الدولة ويريد ان يترجم هذه المكاسب الى مكاسب سياسية تكرس هيمنته على لبنان”.

وقال: “اما في ما يتعلق بالهجمات الارهابية فواضحة جداً اليوم الازمة الدولية التي يعيشها الحكم في لبنان ومنظومة السلطة بحكم فسادها كذلك بتحالفها مع سلاح غير شرعي واعطاؤه الدور الطليعي في حماية لبنان قبل الجيش اللبناني وقبل الاجهزة الامنية وكلنا نذكر تصريحات رئيس الجمهورية في اكثر من مكان واكثر من عاصمة عربية في هذا الموضوع. اليوم من اجل دفع الانتباه والاهتمام الدولي ودفع كل الجهد الداخلي والمخاوف الداخلية نحو اولويات اخرى تختلف عن اولويات الاستقرار السياسي وتشكيل حكومة موثوقة دوليا وتمكين لبنان من اجتياز الازمة الاقتصادية يأخذنا اعداء لبنان والمراهنون على عدم الاستقرار وفي مقدمهم حزب الله والنظام السوري وكل المستفيدين الى وضع الاولويات الامنية في رأس اهتمامات اللبنانيين واستنزاف قدرات الدولة أو ما تبقى من قدراتها الامنية في هذا الملف، يذكرنا ما يحصل اليوم في الشمال بما حصل قبل اشتباكات نهر البارد، وتلك الحوادث الامنية المتفرقة من عين علق الى طرابلس الى الكورة، اعمال سطو ثم تحولت الى اعمال ارهابية وأدت الى ما ادت اليه من اشتباكات في نهر البارد. يحاول الفريق السياسي الذي يقوده حزب الله والفريق الاقليمي الذي يستثمر في عدم استقرار اللبناني اسر لبنان اكثر فأكثر ووضعه على طاولة التفاوض الايرانية -الاميركية بجعل عدم الاستقرار اولوية امام الرأي العام الدولي الذي يطالب بإعادة لبنان الى الشرعية الدولية والعربية ووضع لبنان مرة اخرى امام اولوية الامن، وبالتالي اسقاط البحث في الاصلاح السياسي والاقتصادي واسقاط منظومة الفساد وتحرير لبنان من المحور الاقليمي ، بل يريد أن يأخذنا نحو فرضية انقاذ لبنان من ارهاب يتم ادخاله من حين الى آخر واستثمار ذلك في عملية تثبيت المواقع السياسية والسلاح غير الشرعي”.

وختم حماده: “اعتقد اننا في مرحلة خطرة جدا مفتوحة على الكثير من الاحتمالات، فالاعمال الارهابية ربما ستتكرر وهذا ما سيلقي عبئا على الاجهزة الامنية لتحصين الامن الاستباقي قبل ان يأخذ مداه الخطر. وكذلك فالأمل مفقود بهذه السلطة السياسية التي تستمر غارقة في فسادها السياسي والمالي لدرجة انها لن تتمكن من الخروج بلبنان نحو حكومة مستقلة وحكومة اختصاصيين غير محسوبة على هذا الوسط السياسي الفاسد لمخاطبة الدول المانحة وصندوق النقد الدولي لتمرير الاصلاحات وتمويل الدولة اللبنانية”.