IMLebanon

استحالتان لا تصنعان حكومة جديدة؟

هل تُجرى الاستشاراتُ النيابيةُ المُلْزِمةُ لتكليف رئيس الحكومة الجديد الخميس المقبل، أم يرجئها رئيس الجمهورية ميشال عون في حال عدم نجاح القوى السياسية في الأيام القليلة المقبلة بإيجاد تقاطُعات داخلية تَوافُقية حول هذا الملف تُجنِّب الائتلافَ الحاكِم الذي يشكّل «حزب الله» رافعته الأساسية «كأس» حكومة اللون الواحد التي لا يحبّذها حتى الساعة؟ هذا السؤالُ خيّمَ على المشهد السياسي في بيروت غداة ما يشبه «استطلاع النيات» الذي أطْلقه عون عبر تحديد موعد استشارات التكليف في 15 الجاري في غمرة «الاستقالة» الداخلية من أي مساعٍ لاستيلاد حكومةٍ بعد النكسة التي تلقّتْها المبادرةُ الفرنسيةُ وبروز محاولاتٍ من قوى الغالبية لـ «استمالة» أطراف خارجية أخرى نحو تشكيلةٍ وفق «المَهمة» التي رَسَمَها الرئيس إيمانويل ماكرون (إصلاحية بحتة) ولكن في قالَب سياسي أو تكنو – سياسي سواء بذريعة ضرورة الإحاطة بمسار الترسيم البحري مع إسرائيل الذي أُفرج عنه وتنطلق مفاوضاته الأربعاء المقبل بوساطةٍ أميركية وتوفير أوسع غطاء للإصلاحات الموجعة والشَرْطية لفتْح باب الدعم المالي للبنان، أو بحجة رفْض أي انقلابٍ على نتائج الانتخابات.

 

وكانت كل الأنظار في لبنان أمس شاخصةً على إطلالة الرئيس السابق للوزراء زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ليلاً، باعتبار أنها ستتيح تكوين صورةٍ عما يتّجه إليه الملف الحكومي، ولا سيما أن الائتلاف الحاكم وخصوصاً «حزب الله» فضّل أن تأتي كرةُ انطلاق الملف الحكومي في جولته الثانية بعد اعتذار السفير مصطفى أديب (قبل 13 يوماً) من ملعب «نادي رؤساء الحكومة السابقين» (يضمّ إلى الحريري، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام)، وذلك على قاعدة انتظار إذا كانوا سيعيدون الكَرّة بتقديم 3 أسماء للغالبية لاختيار أحدها لرئاسة الحكومة يكون مغطّى سنياً، وسيشكّل واقعياً عنوانَ شراكةٍ في حمْل «كرة النار» المالية و«كيسَ رملٍ» لتخفيف صدماتِ أي عقوباتٍ أميركية جديدة على «حزب الله».

 

وإذ ساد الانتظارُ أيضاً لِما إذا كان الحريري شخصياً في وارد القبول بالعودة إلى رئاسة الحكومة، وهو ما يحبّذه الثنائي الشيعي (حزب الله – الرئيس نبيه بري) وعلى قاعدة الطرح الذي قدّمه ميقاتي لتشكيلة تكنو – سياسية من 20 وزيراً (تضم 14 اختصاصياً و6 وزراء سياسيين) بما يعني «مُساكنةً» صعبةَ التسويقِ دولياً بين شروط ماكرون (لحكومة اختصاصيين مصغّرة لا تسميهم القوى السياسية) وبين شروط «حزب الله»، كانت بعض المؤشرات تشي بأن زعيم «المستقبل» يحبّذ البقاء خارج دائرة الترشيح وعدم تكرار (مع رؤساء الحكومة الثلاثة الآخَرين) تجربة تسمية مرشّحين لاختيار أحدهم يتم زرْع طريقه بالألغام نفسها التي دفعت أديب للاعتذار، وأن «نادي الأربعة» لن يتبنى مبادرة ميقاتي أقلّه قبل تبلور وجود مرتكزات عدم ممانعةٍ خارجية لها.

 

في المقابل، لا يبدو الائتلاف الحاكم في هذه المرحلة مستعداً للذهاب نحو حكومة مواجهةٍ يتلقى عبرها لوحده «الضربات» سواء من الخارج أو بفعل المسار الإصلاحي المؤلم الذي يكْمن له الشارع المعبّأ غضباً وجوعاً، وهو ما يجعل استشارات الخميس المقبل، ما لم يسبقها تَفاهُم صعب مع المعارضين، بين احتماليْ الإرجاء أو ربما في مرحلةٍ لاحقة تكليف شخصية وتَرْك التأليف معلَّقاً لما بعد الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر.

 

وإذ تساءلت أوساط سياسية عن الارتدادات التي قد يتركها على الملف الحكومي التصعيدُ الأميركي بالعقوبات على إيران وقطاعها المالي تحت عنوان «سحق» اقتصادها بالتوازي مع مشاريع لعزْل مناطق نفوذ «حزب الله» عن القطاع المصرفي اللبناني، كان لافتة أمس تغريدة لعون سأل فيها «إلى متى يبقى وطننا رهينة تحجّر المواقف وغياب مراجعة الذات؟»، بالتوازي مع موقف لكتلة نواب «حزب الله» أكدت فيه «أن لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بتشكيل حكومة وطنيّة فاعلة ومنتجة»، داعية إلى «الابتعاد عن نهج الكيدية والعزْل والإقصاء»، وموضحة أنه «خلافاً لكل الكلام الذي قيل هنا وهناك، فإن الإطار التفاوضي حول موضوع حصري يتّصل بحدودنا البحرية الجنوبيّة واستعادة أرضنا وصولاً إلى ترسيم مواقع سيادتنا الوطنيّة، لا صلة له على الإطلاق لا بسياقِ المصالحة مع العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين ولا بسياسات التطبيع».