IMLebanon

التقدم في العمر… وحالتنا النفسية

كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

عندما يتقدم الإنسان في العمر تظهر عليه تغييرات فيزيولوجية، فتصبح صحته بحاجة للرعاية اليومية والاهتمام. لذا، يهرع كثير من الأشخاص الذين تجاوزوا عمر الأربعين الى الأطبّاء بشكل عام وأطباء التجميل بشكل خاص للاهتمام بأشكالهم الخارجية وصحتهم. مع العلم أنه ليس عيباً الاهتمام بالصحة والشكل، ولكن يصبح الوضع مقلقاً عندما يصبح التقدّم في العمر هاجساً يمنع الشخص من العيش كل يوم بيومه بسبب قلق الموت. فما هو التقدّم في العمر من المنظور النفسي؟ وكيف يمكننا تخفيف القلق عندما يظهر الشيب على رؤوسنا والتجاعيد على وجوهنا؟

مع تقدّم الإنسان في العمر تصيبه تغيّرات، منها تجاعيد الوجه، وظهور الشعر الأبيض، وترهلّ الجسم… فعندما يرى الرجل شعراً أبيض يتكاثر على رأسه، وعندما تلاحظ المرأة أنّ جسمها يتغير، فإنهما يجرّبان كلّ الطرق لِستر ذلك من خلال صَبغ هذه الشعرات التي تجعل حياة الإنسان كابوساً، ومن خلال عمليات ترميم الجسم.

ما أسباب هذا التحوّل؟

عندما تصبح خلايا الجسم متعبة ومرهقة بعد مرور العديد من السنين، تظهر أولى علامات الشيخوخة، لأنّ الخلايا في تغيير مستمرّ. في الواقع، منذ بداية قراءتكم لهذه المقالة، حتى هذه اللحظة، هناك أكثر من مليون خلية في جسمكم «تبدّلت». وكلّما تقدّم الإنسان في العمر كلّما بطأت عملية التبدّل.

أما بالنسبة للشعر، فعندما تنقص الأنزيمات المولّدة للون الشعر «تيروسيناز» Tyrosinase، وعندما ينخفض عدد خلايا الميلانين Mylanocytes، في منبّت الشعرات، يتغيّر لون الشعرة تدريجاً، ويتحوّل إلى اللون الابيض. كما انّ بعض الشعرات ينمو في فروة الشعر من دون الميلانين ويكون لونها أصلاً أبيض. هذه حالة الشيب المبكر التي تظهر في عمر الشباب، وسببها فرط عمل الغدة الدرقية Hyperthyroidism أو فقر الدم أو حتى أسباب نفسية، منها القلق المزمن أو الكآبة.

المرآة والمرأة

مَن منّا، وفيما هو واقف أمام المرآة، يهندم شكله ويمشط شعره، يرى فجأةً شعرة بيضاء. طبعاً، ردّة الفعل الأولى هي: «ماذا؟ شيب في شعري؟». وكأننا نقول لأنفسنا «ليس لي الشعر الأبيض، هو للآخرين.. لا يجب ان «أصاب» بالشعر الأبيض!». وتصبح المرآة الصديقة الوفية في هذه المرحلة، حيث يلجأ إليها «الشخص القلق» ويتفحّص شعره، ربما كل يوم… ليتأكد إذا نَمت شعيرات أخرى بيضاء. ومن منّا لم «يَنتف» هذه الشعرة البيضاء معتبراً أنها واحدة و»لن تتكرر»… ولكن للأسف «ستتكرر»، وسيغزو الشيب فروة شعرنا.

يفسّر التحليل النفسي أنّ ظهور الشعر الابيض على رأس الإنسان يعني أنه يتقدم في العمر، وإذا كان هذا الشخص يعاني أصلاً القلق، فإنه سيشعر بأنّ الموت قد اقترب. لذا، إنّ تَهدأة البال، وتَقَبّل «الشعرة البيضاء» أو الشيب هما أمران ضروريان في حياة الإنسان. كما يجب النظر إلى تلك الشعرة الصغيرة البيضاء على أنها رمز «للنضج».

ترهّل الجسم… والسن!

إنّ الأعمار التي تبدأ فيها ظهور ترهل الأجسام تختلف بين إنسان وآخر، بحسب عرقه أو الإتنية التي ينتمي إليها. فبشكل عام، يبدأ الجسم بالتغيّر عند الاشخاص ذوات البشرة البيضاء ما بعد الـ40 سنة. أما عند الأشخاص ذوات البشرة الداكنة، فإنه يبدأ بذلك ما بعد الـ45. أما بالنسبة للإتنية، فيظهر الترهّل عند الأشخاص الآسيويين في عمر 50 – 55 سنة.

ولكن كل إنسان له ميزاته وله تكوينه الجيني الذي يجعله مختلفاً عن الآخر. لذا، لا يمكننا أن نعمّم ذلك: يمكن أن نجد شخصاً ذات بشرة بيضاء، تجاوَز عمره الـ50 سنة ولم يُصبه الشيب وجسمه ما زال شاباً، وشخصاً آخر ذات بشرة سمراء في العشرينات بدأت ملامح التقدم في العمر تظهر عنده.

ماذا عن تَقبّل العمر؟

في نهاية المطاف، عند التقدّم في العمر، يجب تَقبّل كل التغييرات التي تصيب الجسم. ولكن ماذا عن الشخص الذي لا يتقبّل انتصار الشيب وتَفشّيه في فروة الرأس وضعف الجسد وترهّل العضلات؟ هنا تبدأ الرحلات الأسبوعية عند الأطباء ومتابع برامج غذائية وصحية مع ممارسة الرياضة بشكل منتظم، كما انّ هناك بعض الملحوظات التي يمكن تطبيقها للتخفيف من قلق الشيخوخة:

إذا كان «قلق الشيخوخة» يهيمن على حياتك، مارس الرياضة وعِش حياة صحية يومياً.

عدم الخجل من العمر المتقدم. في نهاية المطاف، الكثير من الأشخاص هم مثلك، بل استغلّ كل دقيقة من وقتك.

الإهتمام بالذات والشكل أمر ضروري لكل إنسان، ولكن انتبه ألّا يصبح شكلك الخارجي هوساً يومياً لك. بل تَقبّل تقدم عمرك، حتى لو كان الأمر صعباً، واعرف أنّ كل إنسان سيتقدم في العمر (بالمبدأ) وسيُعايش الشيب.

الابتعاد عن القلق المزمن والكآبة أو الحزن قدر المستطاع للتخفيف من سرعة ظهور التجاعيد والشعر الأبيض من خلال ممارسة الرياضة، التي تساعد في صقل الشكل الخارجي.