IMLebanon

عون رئيس غائب لجمهورية منكوبة

كتب مازن خطاب في “اللواء”:   

يوماً بعد يوم يشعر اللبنانيّون بأنهم يعيشون في جمهورية رئيسها غائب، وإذا ظهر يزداد غيابه، ربّما بسبب التّعب الناتج عن تقدّمه في السّن وهو قد بلغ عامه السابع والثمانين الأمر الذي بدأ يوثّر في عطاءاته، أو بسبب تراجع حضوره وحيويّته نتيجة الاحباطات المتلاحقة التي طالت عهده المتعثّر، أو بسبب تصرفات المقرّبين المُحيطين به. والحال أن الاستمرار على هذا المنوال سنتين إضافيتين سيكون مُحالاً ومضرّاً للبلاد، لأن لبنان بات بحاجة ماسّة الى رئيس دولة لديه حضور وفعالية أكبر بالسياسة على المستوى الداخلي والدّولي وقادر على مواكبة المرحلة بطريقة أكثر نشاطاً ووفق تطلعات اللبنانيين.

وقد قال الجنرال ميشال عون ذات يوم من آب عام ١٩٨٨ عن الرئيس سليمان فرنجيّة: «كيف يعني سليمان فرنجية بدو يرجع يعمل رئيس جمهورية. رئاسة الجمهورية منها مزحة أبداً، بدها شخص يكون قادر يشتغل ٢٠ ساعة على ٢٤ وسليمان فرنجية عمره تمانين سنة وما بيقدر يركّز أكتر من ساعة أو ساعتين بالنهار. بهالعمر ما بتعود تعرف أيمتى بيكون خرفان وأي متى بيكون واعي، والرئاسة بدها حدا يكون شابّ ومنتج». ربّما أصاب الجنرال عون في قوله هذا آنذاك، ولكن حبّذا لو طبّقه على نفسه يوم اعتلى كرسي الرئاسة عام ٢٠١٦ وكان قد تجاوز الثمانين من العمر.

وللمعلومة، يخضع المرشحون لتولّي رئاسة الجمهوريّة في بلدان العالم المتحضّرة لفحوص بدنيّة ونفسية بهدف التأكّد من عدم اصابة ايّ منهم بمرض مزمن او مرض ذهني يؤثر على أدائه للمهام المطلوبة، وللتعرف على القدرات المعرفية للمُرشّح ومنهاجيّته في حلّ المشاكل ومرونته في التفكير ومعالجته للمعلومات. كما يخضع رؤساء الجمهوريّات الى متابعة طبيّة دائمة هدفها حمايتهم والحفاظ على حياتهم، وحماية الوطن ومواطنيه ومؤسساته من أخطار الممارسات والتصرفات غير السوية وغير المتزنة مع تقدّم العمر. وقد استنتج داكر كلتنر الباحث الأميركي في علم الاجتماع وأستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا أن السلطة سبب مباشر لتلف خلايا الدماغ، وأنّ «سلوك شخص يتبوأ منصباً سلطوياً يشبه سلوك إنسان يُعاني إصابة دماغ رضية، وهو ما يجعله أكثر اندفاعاً وأقل إدراكاً للمخاطر، وأقل قدرة على رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخرين، بدرجة كارثية».

وعلى وجه العموم عندما ينوي شخص تجاوز سن الـ٧٠ في لبنان القيام بإجراء أي من معاملات التصرّف القانوني أمام الكاتب بالعدل، كعقد بيع او شراء او تقديم هبة او تبرّع او غيرها، أو تجديد رخصة القيادة، عليه ان يخضع لتقييم قدراته العقليّة والذهنيّة، فكيف بمن تجاوز هذا السّن وهو يتولّى موقعاً سلطوياً ويتصرّف بمصير شعب بأكمله، الا يجب السؤال عن صحّته وأهليّته للقيام بقيادة البلد؟

صحيحٌ انّه يمكن للشخص أن يكون بلياقته الكاملة صحياً وذهنياً ومعنوياً وإن كان على أبواب التسعين، الّا أنّ المعضلة تتمثل في أن رئيس الجمهورية لا يوحي أنه حاضر تماماً بالمستوى الذي تستدعيه النكبة التي أصابت لبنان وقد تؤدي الى زواله، ومواطنوه مهدّدون بالفقر والجوع والمرض. لذلك نأمل ان يتخذ الرئيس ميشال عون أجرأ قرار في حياته، وهو التنحي والتضحية لصالح لبنان بكل وفاء وشرف.