IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي اقترب.. هل يعيد “الحزب” النظر باستراتيجيته؟

كتب جورج بشير في “الجمهورية”:

مع حلول العام الجديد، 2021 بعد اسبوعين ونصف، يكون عهد الرئيس الحالي لجمهورية لبنان العماد ميشال عون قد استهلّ السنة الخامسة من ولايته، ليبدأ الخوض جدّياً في نهاية السنة المقبلة في البحث عن الرئيس الجديد الذي يُرشح لقيادة لبنان وليتسلّم زمام الامور في البلد المشرف على الانهيار، و»المرشح لدخول جهنم». ولا احد منهم اليوم يحسد مثل هذا المرشح للرئاسة ولقيادة مثل هذا البلد على مثل هذا الترشيح، مهما رافقت اسم هذا المرشح من شهادات في النجاح الخارق في المهام التي اطلع بها في حياته العملية وكفاءاته. لأنّ مثل هذا المرشح يجب ان تسبق اسمه وصفاته، صفة الفدائي، نظراً للتركة الأثقل من الثقيلة التي سيرثها.

قبل بدء معركة الانتخابات الرئاسية السابقة شهد اللبنانيون، والديبلوماسيون الاجانب والمراسلون، معركة من نوع آخر، لم يألفوه في البلدان الديمقراطية، حيث انّ المعركة الرئاسية في بلدانهم تنحصر بين حزبين رئيسيين او ثلاثة، ووفق برنامج معلن سلفاً، يتضمن الخطة الإنقاذية التي سيعتمدها الحزب ومرشحه في كل الميادين التي تهمّ شعبه. والانتخابات تتمّ على هذا الاساس وفق الصراع السياسي. لكن في لبنان، المعركة السياسية السابقة بدأت في غير مكانها، مرة من الطائف وثانية من دمشق وأخرى من الدوحة، واخيراً في الصرح البطريركي الماروني في بكركي، حيث تمكن البطريرك الراعي من جمع اضداد لم يجتمعوا سابقاً، للبحث في هذا الموضوع من منطلق اعلنوه سلفاً عبر احزابهم (التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الكتائب والمردة) فقد نادوا بانتخاب الرئيس الجديد من بين مرشحي احزابهم التي تمثل اكثرية الموارنة، كون الرئيس ماروني وفقاً للعرف، لا أن يختار المرشح الفاڤوري غيرهم، كونهم يرفضون تكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان، ولأنّهم يعتبرون ذواتهم يمثلون اكثرية الموارنة.

رؤساء الاحزاب الاربعة تحلّقوا في جلسات عدة عرضت اوضاع البلد حول البطريرك الراعي، وكانوا: الرئيس امين الجميل، والدكتور سمير جعجع، والوزير سليمان فرنجية، والعماد ميشال عون الذي انتُخب رئيساً.

الى اليوم لم يُعرف ما إذا البطريرك الراعي يفكّر في تكرار المحاولة، مع كونه حاول ان يجمع رؤساء هذه الاحزاب او الكتل من اجل تهدئة الصراع في ما بينها وإضفاء اجواء من التعاون والتصالح والتنسيق في الامور التي تهمّ الوطن، لكن هذا لم يتحقق في حينه، مع انّ الاجتماعات السابقة بينهم التي رعتها بكركي، اسفرت عن توحيد الرؤية قبيل اقرار القانون الجديد الذي اعتُمد لإجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، وبعدها في الاستحقاق الرئاسي.

اسماء مرشحين للرئاسة المقبلة يتبادلها ويتداول في شأنها ديبلوماسيون ومراسلون، وحتى اوساط سياسية، منذ اليوم، وحتى اشعار آخر. منها على سبيل المثال لا الحصر، الوزير سليمان فرنجية، والدكتور سمير جعجع، والوزير السابق كميل ابو سليمان، والنائب المستقيل نعمة افرام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والاقتصادي كارلوس غصن والوزير الحالي دميانوس قطار، وطبعاً اسم الوزير السابق جبران باسيل كان مطروحاً بقوة مع بداية عهد الرئيس عون، كونه رئيس الكتلة البرلمانية الاكبر في البرلمان، لكن مع حلول السنة الخامسة من العهد واشتداد الحملات السياسية والاعلامية على الوزير باسيل وفرض العقوبات الاميركية عليه، جعلت منه ناخباً مؤثراً في المعركة بمقدار ما ابعدته عن المنصب، خصوصاً انّ حزبه متحالف مع «حزب الله»، صاحب الكتلة الوازنة في البرلمان والحليف لكتلة حركة «امل» التي يتزعمها الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب.

طبعاً لبنان في حاجة ماسة الى انقاذ، والى منقذين حقيقيين «فدائيين»، في كل مرافق الدولة، وخصوصاً في الحكم والحكومة والبرلمان والاحزاب، قادرين على مواكبة اخطر جراحة يحتاج اليها لبنان، الا وهي استئصال الفساد ومحاسبة الفاسدين، واستعادة علاقاته مع اشقائه وكل اصدقائه، هذه العلاقات المبنية على الثقة المفقودة اليوم بشكل واسع، وتتحمّل كتلة «حزب الله» النيابية مسؤولية لا حدّ لها في هذه العملية كما يُقال. فهل انّ هذا الحزب وكتلته مستعدان لعملية إعادة نظر في استراتيجية عملهم السياسي والعسكري، والانخراط في عملية انقاذ لبنان وكل اللبنانيين، من مواجهة الانهيار واستعادة ايام ومواسم العزّ، كما فعلت «القوات اللبنانية» بعد الحرب اللبنانية وبعد رحيل منظمة التحرير الفلسطينية فسلّمت سلاحها؟

انّه سؤال كبير وخطير وهام، والجواب عنه يحتاج الى التحرّر من الهواجس والعِقد التي يصورها خصوم هذا الحزب وحتى الحلفاء البلديون منهم، وغير البلديين، ومؤشرات الإنقاذ يرسمها مضمون هذا الجواب الذي يُطرح بإلحاح، ليس لأنّ اللبنانيين وصلوا مع بلدهم الى شفير الهاوية ولم يعد باستطاعتهم تحمّل المزيد فحسب، بل لأنّ وطن الارز الذي هو للجميع ومن مسؤولية الجميع، بات شبه مقطوع عن معظم اشقائه من الدول والاصدقاء ان لم نقل مقاطعاً منهم حتى إشعار آخر.