IMLebanon

صمت أميركي على دعوة الراعي للتدويل

كتب إيلي يوسف في صحيفة الشرق الأوسط:

شكلت دعوة البطريرك الماروني، بشارة الراعي، إلى «تدويل الأزمة» التي يعيشها لبنان، مادة جدل سياسي كان في غالبيته داخلياً، في حين لم يحظ خارجياً سوى باهتمام محدود أو بعدم اهتمام كلي.

ويتساءل بعض الدوائر المتابعة للشأن اللبناني في واشنطن، عمّا يعنيه «التدويل» الآن، رغم أن البعض يرى أن دعوة البطريرك قد لا تكون تتحرك من خارج سياق إقليمي، ويحاول مواكبته على أمل لفت الأنظار إلى ما يجري في لبنان. لكن المعطيات تشير إلى أن الحراك المتوقع لن يكون خارج دائرة التفاوض والضغوط الجارية فصولها بين الولايات المتحدة وإيران ونتائجها.

اللافت أيضاً أنه لم يعيَّن حتى الآن مساعد جديد لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ليحل محل ديفيد شينكر الذي عاد إلى «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى». يرجح أن تتولى بربارا ليف هذا المنصب؛ على أن تُنقل من فريق العمل الذي يتولى مسؤوليته بريت ماكغورك، الذي عينته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولاً عن منطقة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

ليف من كبار الموظفين الثابتين، وعملت في وزارة الخارجية بشؤون منطقة الخليج والعراق، وتتقن العربية. لكن تعيينها يتطلب تثبيتاً في مجلس الشيوخ عبر جلسات استماع، يمكن أن تطول أو تقصر، كما جرى مع ديفيد شينكر الذي جرى تأخير تعيينه لمدة عام كامل بسبب عرقلته من السيناتور الديمقراطي تيم كاين عن ولاية فيرجينيا.

وفي وزارة الدفاع؛ تم تعيين مارا كارمن مسؤولة عن ملف لبنان، وهي من مؤيدي تقديم الدعم للجيش اللبناني. كما تم تعيين دينا سترول مسؤولة عن الشرق الأوسط، وتعمل تحت إدارة كولن كال الرجل الثالث في تراتبية المسؤولية عن المنطقة في البنتاغون.

وفيما لم تردّ وزارة الخارجية على «الشرق الأوسط» للتعليق على دعوة الراعي، يرى باحثون مختصون في الشأن اللبناني بواشنطن، أنه من المبكر توقع صدور «تعليقات» رسمية من إدارة بايدن، وقد لا يصدر أي تعليق عنها بسبب هامشية الملف اللبناني، فضلاً عن «عدم واقعية الدعوة إلى التدويل».

يقول برايان كاتوليس، كبير الباحثين في «المركز التقدمي الأميركي» المحسوب على الديمقراطيين: «عادة ما تكون المؤتمرات الدولية مفيدة فقط عندما يكون الوضع الداخلي ملائماً». ويضيف في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه «سيكون من الأفضل لدول رئيسية؛ مثل فرنسا وأميركا ودول أخرى في المنطقة، أن تستخدم مشاركتها ونفوذها في الجهود المبذولة لتشكيل ظروف اقتصادية وسياسية أكثر ملاءمة لتشجيع التغيير الإيجابي والتقدم في لبنان». لكنه يرى أن عقد مؤتمر دولي «لاستعادة الدولة» يبدو «مهمة مستحيلة ما لم تأت في الغالب من الجهات الفاعلة داخلياً أولاً، وبعد ذلك يمكن للمساعدة الخارجية أن توفر الدعم اللازم».

وأضاف: «يجب أن تتعامل إدارة بايدن مع لبنان بشكل منفصل، وتجنب رؤيته مجرد قطعة في رقعة الشطرنج الاستراتيجية الإقليمية». وختم بالقول: «لكن للأسف في الوقت الحالي، لبنان بالكاد موجود على شاشة الرادار الأوسع في واشنطن، وهذه مشكلة لكل من أميركا ولبنان».

بدوره؛ يقول طوني بدران، كبير الباحثين في الشأن اللبناني بـ«مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» المحسوبة على الجمهوريين، إن مطلب التدويل غير واقعي، خصوصاً أن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله حذر من تداعياته ليس على الحزب وحده؛ بل على الطبقة السياسية اللبنانية كلها؛ شريكته في الحكم. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ما تبدى مع تراجع كل القوى عن دعم هذه الدعوة؛ وحتى البطريرك نفسه بعدما زاره مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، علماً بأن الدعوة بحد ذاتها لا معنى لها وتجاوزها الزمن». ويتابع بدران: «طرح توسيع دور قوات الأمم المتحدة نحو الحدود السورية غير واقعي، ولا إرادة دولية لتنفيذه، فيما الحديث عن دور فرنسي يثير الحذر في ظل استعداد الرئيس ماكرون للشراكة مع (حزب الله)».